أن تكون ممثلا أو فنانا أو لاعب كرة قدم و تحقق إنجازا يشرفك و يشرف بلدك شيء رائع و شيء يتسابق الجميع في الحديث عنه و التغني به على غرار " أبطالنا " في برامج الواقع و برامج المواهب , لكن أن تكون سياسيا مثقفا و كاتبا مبدعا و حقوقيا لامعا , و تحصد و تحصل على التكريمات و التشريفات و الجوائز العالمية , فهذا لا معنى له و لا شرف فيه . هذا ما نعيشه اليوم للأسف , بل للماساة و للعار .
فقد صدعت رؤوسنا بعض وسائل الإعلام هذه الأيام بقصة الفنانة الإستعراضية التونسية نجلاء و موضوع أغنيتها أو ما شابه الأغنية , المهم أن " أغنية " نجلاء هذه , و بتوجيه من الإعلام , أصبحت حديث الناس و شغلهم , و أضحى للقصة حلقات و فصول .
هذا الإهتمام المبالغ فيه و هذا التضخيم المقصود لم يكن لِيُثير هذه الريبة و هذا الاِمتعاض لو لم يكن على حساب ما يُشَرِّفُ فعلا و ما يستحق الاِهتمام الزائد أو حتى الطبيعي , فأن يحصل مواطن تونسي على جائزة عالمية و يُطْوى هذا الحدث و يُخْفَى , ففي الأمر ما يُهين و في الأمر ما يندى له الجبين , فقد تحصل المواطن التونسي و الرئيس السابق الدكتور محمد المنصف المرزوقي , ممثلا للثقافة الإسلامية , على جائزة مؤسسة دوشي للسلام الإيطالية و التي تكرم كل سنة , ثلاثة من كل العالم , ممثلين للثقافة المسيحية و اليهودية و الإسلامية و اللذين تميزوا بأعمالهم من أجل السلام و الإخاء بين الأديان , و لم نكد نعثر على إشارة لهذا الحدث من قريب أو من بعيد .
هذا التشريف , الذي يريد إعلامنا , و من خلفه أصحاب المصالح و الأحقاد , أن يحرمنا منه مقابل إمعان في السفاسف و التوافه , ليس تشريفا للمرزوقي بقدر ما هو تشريف لتونس الثورة التي مازالت تفرض الإحترام رغم كيد الكائدين .