حيث أكّد بطّيخ، في تصريح لجريدة الصباح في عددها الصادر اليوم الجمعة 09 ديسمبر 2016، أنّه لا يمكن الوثوق أبدا في صدق توبتهم، وفق تعبيره، خاصة إذا كانت التوبة صادرة من بعض قيادييهم وأولائك العائدين من بؤر التوتّر الذين تلوّثت أياديهم بدماء الأبرياء، متابعا "هم لا يفكرون في التوبة على ما يبدو حقيقة وإنما تقية وخداعا والله نعتهم بالمنافقين".
واستدلّ بطيخ في توضيحه بآيات قرآنية، مؤكدا أنّ الله قد نبّهنا الى الاحتراز منهم بقوله تعالى " فاحذرهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون ".
أما بخصوص من شاركوا في الجرائم ولم يقاتلوا وكانوا عن جهل وغرر فإن رجوعهم لا يجب أن يكون هكذا مطلقا وتكون لهم الحرية ويكونوا طلقاء، وفق تعبيره بل لا بد من خضوعهم الى العناية والإحاطة والمراقبة اللصيقة بهم والإحاطة النفسية والاجتماعية والدينية حتى يتبين صدقهم من كذبهم.
وأكّد أنّ المراجعات التي حصلت في بعض الدول حصلت بسرعة ودون متابعة ولم تفرق بين القيادات ومن ارتكب جرائم والمغرر بهم، وهو خطأ فادح كان على تلك الدول الانتباه إليه وإيلائه كل الأهمية لما قد تسببه من مخاطر.
وأشار بطّيخ في تعليقه إلى مشروع قانون التوبة، مؤكّدا أنّه لم يعرض على مجلس نواب الشعب ولم توضع بنوده "والكلمة الأخيرة لمجلس نواب الشعب".
وفي ما يلي توضيحه كما ورد في جريدة الصباح :
بادئ ذي بدء فإنه تبعا لمرجعيتي الدينية فمنطلقي سيكون من القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم بقطع النظر عن الجدل القائم سياسيا حول من يؤيد أو من يعارض .
أولا – لا أحد يثق في صدق دعواهم التوبة والندم خاصة من قياداتهم ومنظريهم ومشجعيهم ، وهم لا يفكرون في التوبة على ما يبدو حقيقة وإنما تقية وخداعا ، إلا أننا نعتقد أن القبول يكون لمن تاب من شبابنا الذين غرر بهم هؤلاء ورجعوا ولم يلوثوا أيديهم بدماء الأبرياء وقد دفعهم الفقر والجهل والبطالة الى ذلك .
ثانيا – المراجعات التي حصلت في بعض الدول حصلت بسرعة ودون متابعة ولم تفرق بين القيادات ومن ارتكب جرائم والمغرر بهم .
ثالثا – مشروع قانون التوبة هو مشروع على كل حال لم يعرض على مجلس نواب الشعب ولم توضع بنوده والكلمة الأخيرة لمجلس نواب الشعب .
أما الأدلة الشرعية على صواب من يرى قبول توبتهم آيات كثيرة من القرآن منها قول الله تعالى " فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا الى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئك جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا " ( النساء 89 و 90 ) ، وقوله تعالى أيضا " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتّلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم " ( المائدة 35 و 36 ) ، ومنها قوله جل شأنه " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله " ( الأنفال 61 ) ، وقوله تعالى " وإن يريدوا أن يخدعوك فحسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين " ( الأنفال 63 ) . وفي هذه الحالة سماهم القرآن بالمنافقين وقال في شأنهم " يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون " ( البقرة 9 ) . وهؤلاء نبهنا الله الى الاحتراز منهم بقوله تعالى " فاحذرهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون " ( المنافقون 4 ) . فالمسلم يحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ولا يحكم على النوايا وما في الصدور إلا الله فهو المطلع على قلوبنا ويعلم الصادق من المخادع الكاذب .
وفي السنة النبوية أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث بسرية فلما التقت مع مشركي قريش نطق أحدهم بالشهادة فقتله قائد السرية فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حصل سأله لـمَ فعل ذلك وقد نطق بالشهادة ؟ فقال له : إنه لم يقلها صادقا وإنما خوفا من الموت ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : هل شققت على قلبه اللهم إني أبرأ مما فعل فلان ( ولعله خالد بن الوليد ) .
على أن قبول توبة هؤلاء الذين لم يشاركوا في الجرائم ولم يقاتلوا وكانوا عن جهل وغرر فإن رجوعهم لا يكون هكذا مطلقا وتكون لهم الحرية ويكونوا طلقاء بل لا بد من خضوعهم الى العناية والإحاطة والمراقبة اللصيقة بهم والإحاطة النفسية والاجتماعية والدينية حتى يتبين صدقهم من كذبهم ( وهذا ما كانت تفتقده المراجعات التي حصلت سابقا وفشلت ) . أما رؤوس الفتنة ومن ظهر كذبه ومن ارتكب ما ارتكب من الجرائم فلا توبة حقيقية ترجى منه وهو مسؤول عن جرائمه ودماء الشهداء في عنقه حتى ينال جزاءه .