اِستقلالية الإتحاد عن التنظيمات السياسية لا تعني اِستقلاليته عن الشأن السياسي في البلاد , حيث قام بدور وطني بارز خلال الفترة الاِستعمارية , فقد تولى زعيمه فرحات حشاد قيادة الحركة الوطنية خلال فترة المقاومة العنيفة إلى أن أغتيل في 5 ديسمبر 1952 , كما خير الإتحاد , خلال الصراع اليوسفي البورقيبي , الوقوف في صف الحبيب بورقيبة ,و في ذلك تعبير عن موقف سياسي واضح , أما في فترة المخلوع , فقد دخل الإتحاد في مسار جديد , و أصبحنا نتحدث عن الإتحاد الجديد , خاصة بعد عقد مؤتمر سوسة الخارق للعادة سنة 1989 , ليدخل الإتحاد بعد ذلك في ود و تودد للسلطة السياسية إلى حد الاِنضمام إلى جوقة المناشدين لبن علي .
أما بعد الثورة , فقد لعب الإتحاد دورا سياسيا كبيرا فاق ما لعبته بعض الأحزاب أحيانا , و إن ألبس فعله السياسي لبوس النضال الإجتماعي في أغلب الأحيان , و في أحيان أخرى يجاهر و يؤكد على دوره السياسي " المستحق " . الإشكال ليس في ممارسة الإتحاد للسياسة , و إنما في تغليبه للعمل السياسي و شبه الحزبي على أصل مهامه و اِهتماماته النقابية و العمالية .
هذه " السياسة " التي غلبت على مواقف و تحركات و تصريحات قيادات الإتحاد العام التونسي للشغل , و هذه الأريحية و " الشجاعة " في اِتخاذ المواقف السياسية , ليست بسبب كفاءة يتمتع بها هؤلاء و لا لقوة خاصة لديهم , و إنما يعود ذلك إلى ممارسة السياسة دون تبعات و لا " تتبعات " , بمعنى القيام بالفعل السياسي متخففين من أوزاره و غير مسؤولين عن تنائجه و عواقبه .
ينتقل إتحاد الشغل بين العمل النقابي و العمل السياسي حسب الحاجة , و في راحة لا مشقة معها , فهو منظمة نقابية باِمتياز سياسي , أو لعل الأصح و الأقرب إلى الواقع , أنه منظمة سياسية ذات ميول نقابية .