ووفق ماذكرته صحيفة "الشارع المغاربي" التي نشرت نصّ المشروع في صيغته الجديدة، فأنّ نسبة التغييرات بلغت 30 بالمائة مقارنة بالنصّ الأوّل الذي أعلنت عنه رئاسة الجمهورية في شهر جويلية من السنة الماضية وقد أثار وقتذاك جدلا سياسيا واعلاميا واسعا بلغ حدّ نزول لفيف من قوى المعارضة البرلمانية وغيرها إلى الشارع في تحركات احتجاجية للمطالبة بالتخلي عنه باعتباره حسب تقدير مناهضيه يشرّع لتبييض الفساد وضرب مسار العدالة الانتقالية التي تمرّ عبر المساءلة والمكاشفة والمحاسبة قبل اجراء الصلح.
ومن أهمّ النقاط التي مثّلت مفاجأة في نصّ المشروع الجديد أنّ رئاسة لجنة المصالحة وفق الصيغة المقترحة ستناط بعهدة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد العميد شوقي الطبيب الذي يعدّ من الشخصيات القليلة في الساحة الوطنية حاليا التي تحظى بثقة السواد الأعظم من مكونات الطبقة السياسية والمجتمع المدني على حدّ السواء.
وفي حال مرور هذا القانون داخل البرلمان من خلال تصويت الأغلبية عليه فإنّ رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يكون قد نجح بذلك في الزجّ بطريقة ذكيّة تكاد تكون أشبه بـ "ضربة معلم" بزميله المحامي شوقي الطبيب في معركة قانون المصالحة الاقتصادية والمالية.
ويعدّ هذا الملف من أهم التحديّات التي تضع الوزن السياسي لقائد السبسي على المحك بالنظر إلى كونه يراهن على انجاح الخيار الذي ارتأى السير فيه في علاقة بمعضلة رجال الاعمال والمسؤولين الادرايين المتهمين في قضايا فساد اداري ومالي واقتصادي من أجل الاسراع في طي صفحة الماضي والمساعدة على انقاذ وضع البلاد المتأزم وفق مقاربته.
اقتراح رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب في مهمة رئاسة لجنة المصالحة المالية والاقتصادية ينمّ عن دهاء سياسي من قبل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي باعتبار أنّ العميد الطبيب له من الرصيد الاعتباري الرمزي الشيء الكثير خاصة وأنّه تجمعه علاقة متميزة بقوى المعارضة وفي مقدمتها الجبهة الشعبية التي سبق أن رشحته في 2014 لرئاسة حكومة التكنوقراط ابان الحوار الوطني والازمة التي تلت اغتيال النائب محمد البراهمي.
ويذكر أنّ رئيس الجمهورية كان قد أكّد في آخر حوار تلفزي له على أنّه تجمعه علاقة طيّبة بشوقي الطبيب حيث كشف أنّه سبق أنّ صوّت له ابان ترشحه لمنصب عميد الهيئة الوطنية للمحامين في 2012.