هاتان الجهتان لا جامع بينهما غير عدم الرضا على الحكومة , فالجبهة الشعبية من أقصى اليسار , و حزب التحرير في أقصى اليمين , و الاِختلاف بين الفريقين يتجاوز ال 180 درجة , لكن هاهما اِجتمعا , حسب تصريحات رئيس الحكومة , في التحريض على الشغب و تصعيد وتيرة الاِحتجاجات في الجزيرة , وفق ما جاء في التحريات الأولية .
هذا الاِتهام ردت عليه الجبهة الشعبية بأنه غير جديد , بل هو عادة تعودتها حكومة الصيد , الغاية منه جعل الجبهة " شماعة " تعلق عليها الحكومة فشلها , و يدخل في باب تصفية الحسابات مع الجبهة الشعبية لا أكثر .
بغض النظر عن وقوف الجبهة و حزب التحرير وراء الاِحتجاجات من عدمه , ما الفائدة من التعجيل في اِتهام أطراف سياسية , خاصة و أن التحقيقات مازلت لم تستكمل بعد ? و ما الغاية من الجمع في الاِتهام بين " نقيضين " ?
يبدو أن اِختيار هذين الطرفين بالذات يرمي إلى التقليل من وجاهة المطالب و صدقيتها من خلال إلباسها ثوب السياسة , و بالتالي إفراغها من قوة الدفع الإجتماعية و الشعبية , فالجبهة الشعبية تتوسل الاِحتجاجات و تعتمدها أداة للظهور , و تستغل كل تحرك اِجتماعي سياسيًا , فتُفْقِدُهُ , من حيث تدري أو لا تدري , نَفَسَهُ الشعبي المستقل عن التوظيف السياسي , و أما حزب التحرير فيبدو أنه أُتُهِمَ فقط لتعديل كفة الاِتهام بين اليمين و اليسار .