لا نكون مغالين إذا قلنا أن حكومة الصيد و النداء ولدت ميتة ، و أن عمرها سيُعدّ بالأيام و الأسابيع في حال تحققت "المعجزة" و نالت هذه الحكومة الثقة في مجلس نواب الشعب
فالتشكيلة التي أعلن عنها الصيد هي حكومة حزب النداء أساسا و بعض "الندائيين المستقلين" إضافة إلى بعض الأسماء المنتمية لليسار ألاستئصالي. كما أن الفريق الذي أعلن عنه الصيد يضم أشخاص تحوم حولهم شبهات و بعضهم محل تتبع قضائي..و هو ما فتح الباب أمام موجة من الرفض العام "لحكومة الصيد"..و جاء موقف رفض تشكيلة الصيد الذي وصل حد التلويح بعدم منحها الثقة لاعتبارات عدة ابرزها :
- أن حكومة الصيد هي حكومة لا علاقة لها بالمبدأ الذي التزمت به اغلب الأطراف السياسية في البلاد و على رأسها الحزبين الأولين النداء و النهضة و نادت به المنظمات الوطنية الكبرى وهو مبدأ التوافق و التشاركية و توسيع قاعدة الحكم من خلال حكومة وحدة وطنية.
- أن حزب النداء المعني بتشكيل الحكومة و رئيس الحكومة المكلف اختارا نهجا إقصائيا في تشكيل حكومة الصيد(بعد أن صدعت قيادات النداء رؤوس التونسيين بالتخويف من خطر "الإقصاء" على البلاد و استقرارها و بضرورة "التوافق" لتحقيق الاستقرار المنشود ) وهو ما عكسته تشكيلة الصيد و انتماءات وزرائها ، إذ انحسرت الأسماء المعلن عنها بين أسماء محسوبة على النظام القديم و التجمع المنحل و أخرى تنتمي لليسار الإستئصالي الانتهازي و طبعا قيادات من نداء تونس أبرزهم الأمين العام للحزب الطيب البكوش الذي اختاره الصيد و النداء لتولي حقيبة الخارجية رغم ما للرجل من "سوابق" في "التشهير" بالشأن الداخلي التونسي و التحريض على السيادة الوطنية ( تصريحات البكوش لوساءل إعلام مصرية بعد الانقلاب بخصوص الوضع السياسي في تونس و "إخوان تونس" (يقصد حركة النهضة) و تصريحه "الشهير" في صائفة 2013 الذي قال فيه أن " التدخّل (الاجنبي) مشروع وفق قوانين المنظومة الدّوليّة" !
- أن حكومة الصيد تفتقر للقاعدة السياسية و العمق الشعبي و بالتالي هي حكومة ستكون- في صورة منحها الثقة- حكومة ضعيفة و عاجزة عن تسيير شؤون البلاد و اتخاذ حزمة من القرارات العاجلة و المؤجلة منذ أشهر.
كل ما سبق من معطيات يجعل من الحكومة التي أعلن عنها الحبيب الصيد يوم الجمعة الفارط حكومة "ميتة"..كما أن هذه الحكومة لن تصمد أمام تحديات المرحلة و تعقيد المشهد السياسي و الاجتماعي بالبلاد – نقول دائما في صورة منحها الثقة في مجلس نواب الشعب – رغم حملات الدعاية التي ستؤمنها منظومة إعلامية ضخمة مرتبطة بالنظام القديم و ممولة بالمال الفاسد و المشبوه و التي ستحاول إيهام التونسيين بأن هذه الحكومة حكومة "مستقلين" و "كفاءات" ( وهو ما بدأت بعض المؤسسات الإعلامية في فعله منذ الساعات الأولى من إعلان الصيد عن حكومته).