من المؤكد أن مدى قدرة هذه الأحزاب الجديدة على الفعل هو الذي سيعطيها المكانة التي تستحق داخل المشهد السياسي التونسي و ليس ما اِختارته من أسماء , و ربما يختلف الحزبان الجديدان شكلا و مضمونا لكن لو تفحصنا قليلا و حللنا الخطابين , سنجد أنهما يتفقان في الأسلوب و المنهج , فكليهما يعتمد على التحذير و التخويف .
ينبني خطاب المرزوقي على التحذير الدائم و المستمر من عودة النظام السابق و المنظومة القديمة و رفض أي إمكان للتعامل مع رموزها , و يقوم خطاب مرزوق على التحذير أيضا , ليس من المنظومة القديمة طبعا , و إنما من " أخْونة البلاد " و إمكانية تغيير " النمط " المجتمعي التونسي , الذي تُتّهم حركة النهضة بالسعي إليه , و الذي لم نر له أثرا إلا في هكذا خطابات , يضاف إلى هذا , إنقلاب مرزوق على حزب نداء تونس و طرح نفسه و " مشروعه " بديلا ينتفي بوجوده " نداء تونس " الذي تحول في فترة وجيزة من " منقذ " لتونس إلى "حزب قديم " لا يَصلُح و لا يُصلِح , حسب مرزوق , و الحقيقة أنه لا فرق بين " مشروع تونس " و "ندائها " إلا بدرجة الإستئصال و التخويف .
يرى المرزوقي أن الخطر المحدق يتمثل في عودة الإستبداد عن طريق عودة المنظومة القديمة للحكم , فطرح نفسه و حزبه بديلا و درعا يمنع هذه العودة , و يرى مرزوق وحزبه أن الخطر تمثله النهضة " المحافظة " , و أن حزبه سيعمل على محاربة فكر النهضة " غير المرضي عنه " و " المقلق " لمرزوق و ليس لتونس , باِعتبار قوة النهضة كحزب يصعب تجاوزه إلا من خلال التخويف و التنفير منه .
لا يختلف المرزوقي و مرزوق إذن في الأساليب و إن اِختلفت المضامين , و قد اِتفقا من حيث أرادا أن يختلفا , لكن , و بغض النظر عن المحذوريْنِ و مدى معقوليتهما , يجب على السياسي فهم الواقع و التعامل مع ما يفرضه من خلال فهم أعمق و رؤية أشمل حتى يكون الخطاب بنّاءً و واقعيا , و يبتعد عن الشعبوية و "الشعاراتية" .