ماذا قدمت الهايكا لقطاع الإعلام السمعي و البصري؟ هل أنجزت "الهايكا" المهمة الرئيسية المنوطة بعهدتها و هي "تعديل" القطاع؟ و هل ثبتت هذه الهيئة الحرية التي أهداها شباب تونس للصحافة و للإعلام ..أم سعت لمحاصرتها؟
عديد المتابعين للشأن العام و الشأن الإعلامي على وجه الخصوص، يؤكدون أن المشهد الإعلامي الحالي بعيد كل البعد عن "التعديل"..فالقطاع دخل في لعبة "اللوبيات" و سيطرت عليه قوى "التعديل المالي" و "شبكات التعديل السياسي"..و انقسمت المؤسسات الإعلامية المرئية و المسموعة حسب الولاءات السياسية و التبعية "المالية"..و يرى البعض أن أغلب المؤسسات الإعلامية الموجودة على الساحة ، و بقطع النظر عن ولاءاتها ، تعمل في مجملها في إطار عام وهو الدعاية للمنظومة القديمة بأحزابها و شخصياتها و "منظماتها"..
هذا هو حال وواقع الإعلام بعد قرابة السنتين من استلام "الهايكا" لمهامها..و يرجع عديد المراقبين هذه الوضعية "الكارثية" التي وصل إليها القطاع إلى الأداء الهزيل للهيئة "المستقلة" المكلفة بتعديل القطاع..و يرى
البعض الآخر أنه من بين أسباب تردي واقع المؤسسات الإعلامية و حالة الفوضى التي يشهدها قطاع الإعلام السمعي و البصري اليوم هو عدم استقلالية بعض أعضاء "الهايكا" و انحياز بعض أعضائها "المُؤدلجين" إلى أطراف سياسية..حيث عمد هؤلاء لتوجيه قرارات الهيئة في محاولة لخنق مؤسسات الإعلامية بعينها و محاصرتها "بالقانون" مما أثار عديد التساؤلات و التخوفات عن الدور "الغير المعلن" "للهايكا" و عن حقيقة وجود نوايا لتدجين الإعلام و "خنقه" "بالقانون" عوضا عن "التعليمات" كما كان يفعل نظام الاستبداد...(تصريح محامي قناة التونسية عبد العزيز الصيد حول وجود نوايا "لخنق" الإعلام "بالقانون")
آخر ضحايا "الهايكا" و ممارساتها القمعية و الانتقائية قبل أسابيع من رحيلها هي قناة الزيتونة الفضائية ، التي عرفت بل و انفردت بتسليطها الضوء على كل المواضيع و الملفات "الحساسة" التي لها علاقة مباشرة بالمواطن و أبرزها ملفات الفساد في مختلف المؤسسات العمومية (التي يمولها التونسيون)
الهايكا أصدرت قرار عجيب و "مشبوه" (نذكر دائما بأن هذه الهيئة لم يبق على رحيلها إلا أيام أو الأسابيع على أقصى تقدير) بالتنبيه على القناة بإيقاف بثها في أجل خمسة أيام قبل اللجوء للقوة العامة و "حجز معداتها" مما يعني غلقها بالقوة و "بطرق ملتوية" ! و هو قرار إ‘اعتبره البعض أكبر هدية يمكن أن تقدمها "الهايكا" للحكومة الجديدة و الحزب الحاكم (نداء تونس) و ذلك بتكميم الأفواه و"لجم" كل المنابر التي يكمن أن تمارس باستقلالية دورها "الرقابي" و تسبب "حرج" للحكام الجدد...