المناظرة التلفزيونية كحل لكسر الاستقطاب
لإيقاف «المنازلة» والحد من الاستقطاب الثنائي وترتباته التي نبه إليه الدكتور مصطفى بن جعفر مثلا، دعا البعض من الناشطين والإعلاميين والسياسيين إلى مناظرات تلفزية عديدة لإنارة الرأي العام الوطني ووضع المواطن في الصورة، فقد دعا مدير حملة المرشح المستقل المنصف المرزوقي، عدنان منصر إلى مناظرة تلفزية بين السبسي و المرزوقي أو بينه وبين نظيره محسن مرزوق (مدير حملة السبسي) لتكون فرصة أمام الرأي العام للتمييز بين الرجلين على حد عباراته، و لكن البعض من المتابعين والسياسيين اعتبر أن مثل هذه المناظرات قد يكون دورها عكسيا حيث قد تدعم فكرة الاستقطاب الثنائي المرفوض من طرف بقية المترشحين (27 مترشحا) الذي يعتبرون أن لهم حظوظا متساوية مع المرشحين المرزوقي والسبسي وانتظار نتائج الدور الأول لتحديد مصير الانتخابات.
السبسي يقول «لسنا في حلبة ملاكمة» و مرزوق يتراجع سرعان ما تراجع
حزب نداء تونس فقد أكد السبسي أنه ليس في حلبة ملاكمة حتى يناظر المرزوقي، وهو تراجع يبدو تكتيكيا باعتبار أن السبسي وضعه الصحي لا يمكنه من الالتزام بموعد محدد وببرنامج غير مضبوط الفقرات والتفاصيل، خاصة انه تعود على لقاءات صحافية معلومة الأسئلة والطرح مسبقا وعلى ضبط ووتيرة محددة سلفا، فقد سبق أن كان مبرمجا أن يكون ضيفا في البرنامج المعروف «لمن يجرؤ فقط»، ثم تراجع وتأجلت برمجة الحلقة ثم ألغيت تماما، ونفس الأمر انسحب على مدير حملته والقيادي اليساري السابق محسن مرزوق الذي تراجع عن الأمر بعد ضغط من قيادة حزبه.
و قد أكد سمير الوافي منشط المناظرة المفترض، التي تمت برمجتها لمساء اليوم الخميس في قناة الحوار التونسي (التونسية سابقا)، أنّ محسن مرزوق هو من اتّصل به مجددا ليعلمه بإلغاء المناظرة وانسحابه منها «بلهجة حادة فيها تهديد مبطن للقناة»، وكانت ذريعته الوحيدة لتبرير انسحابه هي احتجاجه على حلقة البارحة (مساء الأحد) التي انتــقد خلالها سليم الرياحي الباجي قائد السبسي «فلم يتحمل ذلك النقد وحمل القناة مسؤولية أقوال الضيف».
وأكد الوافي، في رده أنّ مدير حملة السبسي هو من اتّصل به بنفسه لاقتراح تلك المناظرة وأعلمه بقبوله التحدي واتّصل بعدنان منصر، ولم يشترط عليه البث المباشر لمناظرته مع منصر كما ادّعى، معتبرا ذلك تبريرا وهميا لأنّ الفريق هو من اقترح عليه البث المباشر حسب قوله، «بل كان طلبه الوحيد هو بث الحلقة ليلة الخميس وقد كان موافقا على كل شيء بدون شروط مسبقة».
وتساءل سمير الوافي عن مفهوم الحياد لدى محسن مرزوق إذ اعتبر مهاجمته للمرزوقي إلى حدّ التقزيم تعبيرا، في حين منح مساحة لسليم الرياحي لانتقاد الباجي عدم حياد، داعيا إيّاه إلى عدم تزييف الحقائق. ومن الواضح أن نداء تونس غير تقديراته في خوض المناظرات التلفزيونية في الدورة الأولى، والواضح بناء على ذلك أن تقييم نداء تونس للمناظرة حاليا هو أنه سيكون خاسرا فيه، نظرا إلى أن المرزوقي ومدير حملته لهما حضور فكري وجدلي كبيران فالمرزوقي رغم أنه طبيب مختص إلا انه مؤلف 24 كتابا فيما السبسي بارع في الحديث العامي والتلخيصي باعتباره يردد عددا من الأمثال لتبليغ مواقفه السياسية ورسائله الاجتماعية.
مواقف الأطراف السياسية وبقية المترشحين
لم تبد الأحزاب السياسية مواقف واضحة من الجدل الجديد في الساحة السياسية التي طغت عليها عملية الاصطفاف لهذا المرشح أو ذاك وهاجس تشكيل الحكومة القادمة، فحركة النهضة أعطت أولوية لترتيب شؤون كتلتها الجديدة التي تؤكد المصادر ترأس الأمين العام الحالي لحركة علي لعريض لها، في حين تركز اهتمام الجبهة الشعبية والجمهوري وحزب التكتل على حملات مرشحيها أي حمة الهمامي وأحمد نجيب الشابي والدكتور بن جعفر، أما بقية المرشحين فهم اقرب للانسحاب منهم للمواصلة فقد ترددت أخبار مفادها أن المرشحة كلثوم كنو (رغم نفيها إلى حد الآن) ستنسحب لفائدة حمة الهمامي، كما أوردت مصادر صحافية أن الشابي وبن جعفر والعيادي سينسحبون في الأخير لصالح المرزوقي كما تتردد أنباء مند الأسبوع الماضي مفادها أن الزنايدي ومرجان سينسحبان لصالح السبسي فيما قالت مصادر مطلعة للقدس العربي ان «السبسي رفض انسحاب مرجان له…» وجاءت هده التـــقديرات بعد انسحابات عديدة على غرار محمد الحامدي وعبدالرحيم الزواري وكمال النابلي ونورالدين حشاد.
ووسط هده التطورات تبدو الأحزاب والمترشحين غير مهتمين بالمناظرة أو المناظرات التلفزيونية التي هي جدل بين مديري الحملات الانتـخابية ومرتـــادي المقاهي السياسية وبين الإعلاميين أكثر منــها بين الســياسيين، على أنه ينتظر اعتــمادها واللــجوء إليها في الدورة الثانية وهو ما أكده بــلاغ للإدارة العامة لقناة نسمة، حيث أكد أن القناة ستعتمد مناظرة بين الشخصين اللذين سيصلان للدور الثاني.
وفي نفس السياق أكد المترشح الهاشمي الحامدي الذي قوبلت عودته باستغراب من التونسيين بعد رفضه العودة لمدة ثلاث سنوات بعد الثورة، أنه سيحتج لدى هيئة الانتخابات على إقامة مناظرة بين مترشحين (المرزوقي والسبسي) من جملة 27 مترشحا بل أنه قد يشكك في النتائج ولا يعترف بها إذا ما تم ذلك معتبرا أن ذلك يعني أن التكافؤ بين المترشحين غير موجود وان المناظرة بين مترشحين فقط مخالف للقانون الانتخابي.