الثورة الليبية : محطات,تحديات ومآلات..هل تتجه ليبيا إلى المجهول؟
زووم تونيزيا
| الثلاثاء، 19 أوت، 2014 على الساعة 23:57 | عدد الزيارات : 1526
يكاد يجمع الملاحظون على العسر الواضح في تحديد اللاعبين السياسيين الرئيسيين في الساحة الليبية و صعوبة…
لتمييز بين معالك كل طرف منهم فسنوات حكم معمر التي فاقت الأربعين و التي لم يعتمد فيها على ذاته فحسب بل دمر كل مظاهر الحياة السياسية و استأصل اول جذورها التي ظهرت مع تجربة الملكية الدستورية.
كما كان لطريقة التغيير العنيف و المسلح التي توخاها الليبيون نتائج عمقت من السابق من جهة انتشار السلاح و بروز تشكيلات مدججة به لا تخضع لسلطة الدولة.
سنحاول في هذا الصدد تتبع أبرز المراحل التي مرت بها الثورة الليبية متوخين الدقة و معلقين على التواريخ المفصلية مقترنة بالشخصيات المؤثرة مع بيان دور كل منها و تعريف موجز لها .
1- 27 فيفري 2011 : تأسيس المجلس الوطني الإنتقالي و انتخاب وزير العدل المستقيل و أصيل مدينة البيضاء مصطفى عبد الجليل رئيسا له ( التكوين كان عاجلا و ضم خليطا يكاد يجمع أبرز الفاعلين آنذاك.
2- 20 أكتوبر 2011 : مقتل القذافي على أيدي ثوار 17 فبراير ( تم قتل الشاب عمران بوكراع الذي وجد معمر قبل حوالي سنة من الآن من طرف قبيلة معمر: مسألة الثأر مهمة جدا رغم رمزية كل من الاول و الثاني).
3- 14 مارس -23 أكتوبر2011 : تنصيب حكومة محمود جبريل (محسوب على اللبراليين شغل منصب رئيس المجلي الوطني للتخطيط و عمل في مشروع ليبيا الغد مع سيف القذافي) من قبل المجلس الوطني الإنتقالي و قد خاضت الحكومة معارك على واجهات دبلوماسية و عسكرية لإسقاط النظام و إنتزاع الإعترافات الدولية.
4- 23 أكتوبر-24 نوفمبر 2011 : حكومة علي الترهوني (معارض محكوم بالإعدام غيابيا منفي في أمريكا منذ الثمانينات من أقرب الوجوه الليبية لأمريكا و من أكثر المشتغلين على قضية المرأة و التمكين لها).
5- أكتوبر2011-سبتمبر 2012 : حكومة عبد الرحيم الكيب (معارض منفي منذ السبعينات).
6- 7 جويلية 2012 : انتخاب المؤتمر الوطني العام.
7- 12 سبتمبر 2012 : انتخاب مصطفى أبو شاقور لتشكيل الحكومة.
8- 7 أكتوبر 2012 : عزل أبو شاقور(معارض منفي منذ ثمانينات القرن الماضي و دكتور صاحب عدة براءات اختراعات) لفشله في تركيب الحكومة (محاولة انقلاب على إرادة التيار الإسلامي الذي زكاه للمنصب ولعبة لي ذراع انتهت على هذا الشكل).
9- 14 نوفمبر: على زيدان(معارض ليبي سابق مقيم بكل من أمريكا و سويسرا و ألمانيا و حاصل على جنسية الأخيرة) يؤدي اليمين رئيسا للحكومة الليبية بعد مخاض عسير.
10- 3 فيفري 2014 : المؤتمر الوطني العام يسحب الثقة من رئيس الوزراء علي زيدان بعد مناكفات و مماحكات بينه و بين عدة كتل و مكونات على رأسها العدالة والبناء.
ملاحظات :
- شهدت هذه الفترة خاصة منها الأخيرة بعدم الإستقرار و الازمات المزمنة لحالة الفراغ و انتشار السلاح و تنامي البعد القبلي و المناطقي و توفر الأرض الخصبة للتدخل الأجنبي بمختلف مستوياته, كل هذا غذاه عدم وعي من رأس الدولة بوجوب الترفع عن المناكفات و أخذ نفس المسافة من جميع مكونات الحياة السياسية و تمركز القرار بيد رئيس الوزراء إضافة إلى ضعف في التواصل مع الثوار و غمط لحقوق فئات واسعة منهم.
كل هذه الأحداث كانت لتكون أكثر وضوحا لو كانت المكونات السياسية أكثر وضوحا و أحسن تنظيما و لعل عرضا موجزا عن مختلف مكونات المؤتمر الوطني العام ( البرلمان) مهم لبيان هذا الباب :
القوائم الحزبية :
تحالف القوى الوطنية
حزب العدالة والبناء
قوائم مستقلة
قوائم مدعومة من السلفية
قوائم مدعومة محليا
39
17
6
4
14
القوائم الفردية :
مستقلون محسوبون على التحالف
مستقلون محسوبون على العدالة والبناء
سلفيون و مستقلون مرتبطون بقوائم وطنية
مستقلون غير مرتبطين
25
17
23
55
ملاحظات :
- معظم المترشحين في المؤتمر الوطني العام مستقلون
- معظم المترشحين في المؤتمر الوطني العام فازو بمقاعدهم بفضل معطى قبلي أو جهوي
- رغم أن تيار محمود جبريل حصل على غالبية من الأصوات لكن المستقلون هم التيار الأقوى
- الليبرالية في ليبيا أمر غير منتشر بمعناها المتداول لأن فهمها المتعارف عليه لا يحسنه سوى قيادة التحالف أما بقية الأعضاء فولاؤهم مصالح قبلية او عائلية
- الحدود الأديولوجية غير واضحة فمعطى الهوية ثابت عند الجميع
غير بعيد على هذا التصنيف و في علاقة به جاء قانون العزل السياسي الذي وصفه طيف واسع من الملاحظين بالمجحف و الذي تم فرضه بقوة السلاح و الذي من المنتظر ان تجني القوى التي فرضته و تلك التي فرض من أجلها أيضا (المرتبطون بالنظام السابق) نتائجه إن لم تكن قد بدأت بعد و ليس اولها عديد المحاولات لتقويضه و السلطة التي أقرته ( أحداث سبها , مليشيات الزنتان, الخميس الأسود..)
مما أنتج أزمات دائمة و واضحة من أبرزها أزمة ما يسمى "إقليم برقة" و الذي سنحاول في النقاط التالية استعراض أبرز مفاصله و تمظهرات أفعاله :
- تأسس مجلس إقليم برقة في مارس 2012
- وقع الإختيار على أحمد الزبير السنوسي رئيسا له
- سيطر على إثر ذلك إبراهيم الجضران بمعية إخوته الثلاثة و بناء على ماضيهم النضالي ( معتقلين بتهمة محاولة قلب النظام و قضو 6 سنوات في سجن أبو سليم) مستعينين بمجموعاته المسلحة على أهم وامني الشرق (السدرة و راس لانوف)
- تعطيل تصدير أكثر من نصف النفط الليبي منذ حولي 9 أشهر
- يذكر ان إقليم برقة متعاقد مع شركة علاقات عامة و تسويق هي lobbying company
- من المستبعد القيام بتدخل عسكري في المواني المقفلة
- الوساطات القبلية بدأت في إنجاح مساعي حلحلة الوضع ( شيخ قبيلة المغاربة)
- رغم تمكن الحكومة من تسلم السفينة التي ترفع علم كوريا و على متنها الشحنة المسروقة إلا أن حظرتصدر النفط و منع مجلس برقة لكل العمليات التجارية يعد مظهرا من مظاهر ضعف أجهزة الدولة
و في انتظار انفراج أزمة ليبيا و ما نجم عن ما قيل من تدخل أجنبي (خاصة محاولات الإنقلاب المتعددة : خليفة حفتر,مليشيات الزنتان..) يتعين أن نستخلص من كل ما سبق تحديات حقيقية يمكن تلخيص اهمها في :
1- ضعف الطبقة السياسية بكل مستوياتها و حداثة عهدها بالدولة و النظام الديمقراطي.
2- تجربة حزبية هشة و مشوهة (صورة الحزب لدى سائر المواطنين تستبطن مقولة القذاقي "من تحزب خان").
3- القوى الجهوية و العرقية لاعب رئيسي في الساحة السياسية.
4- النزعات القبائلية و الحمية الجهوية محضنة ملائمة بروز أفراد من ذوي الطموح الشخصي.
5- قانون عزل سياسي غير واقعي و مناف لأبسط شروط التوافق.
6- الفراغ الدستوري مطب يتعين سرعة تجاوزه.
7- تحديات المعطى الإثني ( الطوارق, التبو..) و الإقليمي ( الأقاليم الثلاثة) ستطرح في الدستور لتكون محل مزايدات.
8- ضعف في التواصل مع الثوار و عدم قدرة على استيعابهم.
9- إشكالية نزع السلاح و تنظيم الشرعي منه.
10- غياب مؤسسة أمنية او نواة لها ( الجيش و الشرطة بالمعنى العلمي و النظامي للمصطلح).
11- المصالحة الوطنية في أقرب الآجال.
12- معالجة انقسامات القبائل و المناطق و الإثنيات.
13- معالجة مسألة المهجرين و النازحين.
14- تحقيق أهداف الثورة إقتصاديا(حسن توزيع الثروة).
15- السيطرة الفعلية على النفط شريان الحياة في ليبيا و تقسيمه بأكبر قدر من العدل بين مختلف الفاعلين في إطار من اللامركزية.
بقلم بشير الجويني
باحث في الترجمة والعلاقات الدولية