في سياق ما تعيشه البلاد من مساع محمومة لعودة المنظومة القديمة ورد الاعتبار إليها و تسريح رموزها عبر تفعيل…
لية الافلات من العقاب التي تعد من أهم آليات النظام الدكتاتوري وركنا من أركان عقيدة أجهزته التي حافظت على وجودها بتحصنها بالنقابات و في سياق إعادة تكريس خياراته عبر استنقاص الذات و إذلالها و جعلها بضاعة سياحية ترضى أطرافا دولية و تطمئنها بشأن التخلي عن قضايا الأمة و الهموم الوطنية و الارتداد إلى حاجات البطن و الاستسلام للغرائز و الشهوات و ما صاحب ذلك من تجرؤ على الثورة و كل من كانت له مساهمة فيها بروحه أو بدمه أو بنضاله ، قررت بعض عائلات شهداء الثورة الدخول إلى المجلس الوطني التأسيسي و تنظيم اعتصام بأحد غرفه للاحتجاج على الظلم الذي وقع عليها جراء الأحكام المخففة التي نطقت بها المحكمة العسكرية يوم 12 افريل 2014 و مطالبة المجلس بسن قانون ينصف قضية شهداء والجرحى الثورة. جاء هذا التحرك من العائلات ليذكر من تناسى أن الثورة جمعت بين من قضى نحبه و من ينتظر ، فذاك الشهيد سقى بروحه الزكية ارض الوطن و هو ثائر على سياسة الإذلال و القمع و هذا والده و والدته و شقيقه و شقيقته يهجرون العمل و البيت و المصالح و هموم الحياة ، ليعتكفوا داخل فضاء ضيق، ينامون على كراسي ليلا و يتحركون في مساحة محدودة نهارا انها الهجرة إلى الحق و الثورة على الظلم ، و طال اعتصامهم أكثر من سبعة أسابيع ، في ظل تعتيم إعلامي و قد واجهوا العديد من المناورات و المحاولات المتكررة لإحباطهم و إلى دفعهم إلى فض الاعتصام و مغادرة المجلس التأسيسي لا أنهم صبروا و صابروا إلى أن صدر القانون الذي ما كان ليصدر لولا صمودهم البطولي و إصرارهم على نيل حقوقهم . تحية إكبار و إجلال لجميع هؤلاء الذين عاشوا أياما طوالا لتذكيرمن تناسوا إن لتونس الثورة وجود. تحية لتلك الأم التي فاضت دموعها و هي تمسك صورة ابنها الشهيد و قد هجرت بيتها لتجعل من حق ابنها قضية تتصدى لها بالاخلاص و الوفاء تحية الى والد الشهيد الذي صاحب زوجته ليعيش معها أيام نضال و مواجهة تحية الى شقيقة الشهيد التي ثبتت و صدقت تحية لشقيقه الذي عاهد فأوفى تحية الى كل هؤلاء الذين أعادوا رسم صورة تونس الثورة بقيمها و قضاياها و نضال أهلها و ثباتهم و صبرهم و شموخهم ، تحية لهم جميعا . عبد الرؤوف العيادي 5 شعبان 1435 3 جوان 2014