هل انتهى تحالف "الاتحاد من أجل تونس"؟
زووم تونيزيا
| السبت، 17 ماي، 2014 على الساعة 00:43 | عدد الزيارات : 1478
في ركن سؤال إلى سياسي يوم الثلاثاء 6 ماي الماضي بإحدى الصحف اليومية، اختار السياسي محمد الكيلاني(…
حد الأمناء العامين الأربع الذين يقودون التحالف)، توجيه سؤال للباجي قايد السبسي " ما هو مصير الاتحاد من أجل تونس؟"، وهو سؤال يعكس طبيعة الأزمة التي يعيشها التحالف بل وتفككه الواقعي بل أنه في غرفة الإنعاش أي بين حالتي الموت والإنقاذ بعد الموت شبه السريري لجبهة الإنقاذ، فما هي هوية تحالف "الاتحاد من أجل تونس" الذي يموت ويحيا سياسيا بمرور الأيّام وبتغيّر الساحة وبتطور الوقائع؟، وما هي قصة العلاقة الدائمة و المُتغيّرة والمتجددة بين يساريين (نؤكد على عدم التعريف) والتجمع وبقاياه، ومن وظّف الآخر سابقا؟، ومن في حاجة للآخر اليوم وغدا، و أي مستقبل لهذا التحالف الواجهة في أفق الانتخابات القادمة؟
الحلقة الأولى
هل كن التحالف منذ البداية مجرد واجهة تحالفية وسياسية لــ"نداء تونس"؟
بعض يساريين والتجمع: قصة مسار طويل
+ تاريخية العلاقة بين بعض يساريين و الحزب الحاكم في ظل الاستبداد
في مؤتمر بنزرت سنة 1964 تبنّى حزب بورقيبة الاشتراكية الدستورية بعد سنة فقط من ولادة حركة آفاق اليسارية، وأصبح اسمه "الحزب الاشتراكي الدستوري" ورغم زنازين المعتقلات التي أعدّها بورقيبة لمناضلي اليسار والتي قادها يومذاك حليف بعضهم اليوم "الباجي قايد السبسي"، بل أن أنّ القيادي اليساري المعروف المرحوم نورالدين بن خذر أكد سنة 1988 قائلا "نحن الورثاء الشرعيين لبورقيبة"، وهي مقولة تبنّاها البعض منهم ودافعوا عنها وفعلا سُبقت تلك المقولة بانضمام أفواج من اليساريين قيادات وقواعد، والتحقوا بالتجمع الدستوري الديمقراطي والذي كادوا أن يسموه "التجمع الوطني الديمقراطي" لولا تدخل الجامعي عبد السلام المسدي مصرا على كلمة دستوري، و تنفّذ بعضهم في مراكز بحوثه ودراساته، و كمستشارين للمخلوع ووزرائه ( زهير الذوادي – المنصف قوجة – المنصف عاشور – علي مبروك المهذبي – هشام قريبع و صالح البكاري وآخرين)، أما منصر الرويسي القيادي بحركة آفاق فقد أصبح مستشارا وخادما أمينا للجنرال وصاحب فكرة الحزب الرئاسي أو ما أطلق عليه يومها "حزب التغيير"، بل و اشرف موضوعيا على مؤتمر الاتحاد بسوسة والذي تجسّدت فيه أسطورة زواج يساريين والتجمع والحكم، و نظّر أولئك وغيرهم ممن تواروا اليوم، لمعركة تصفية المعارضين لبن علي، بل هُم أيضا من قادوا محاولة تركيع المعارضين وخاصة الإسلاميين في السجون عبر أساليب عديدة.
+ يُحبّون التجمع حتى بعد الثورة
اعتقد البعض أنّ أولئك سيرتدعون بعد ثورة الكرامة إلّا أن البعض أصابتهم الخيبة بعد فشل القطب في حصاد نتائج تُذكر ورغم الحضور الإعلامي والديكوري للعديدين منهم وتجند وسائل إعلام عديدة ومتعددة فان الخيبة كانت حاصلة وقد سارع بعضهم على غرار كثيرين ومنهم نجيب الشابي ورفاقه في الحزب إلى الاحتجاج عن حل التجمع قبل ذلك، وتأسّف بعض المكونات عن ذلك سرا وفي صمت لان التجمع كان بُعدا لُوجستيا لهم و عمقا استراتيجيا لخياراتهم وأجنداتهم و زادت نتائج الانتخابات في دفع البعض إلى التعبير عن نواياه قبل مضي شهر واحد على عمل الحكومة الجديدة فأعلن السبسي يوم 26 جانفي 2012 عن مبادرته فتسارعوا للمُباركة ونيّة الانضمام للجبهة الموعودة لكن الرجل خيّب ظنهم عندما أعلن عن بعث حزب يُرسكل ضمنا بقايا الفلول و التجمع ورغم ذلك انضمت عناصر عديدة، ومع تطوّر الأحداث و التجاذبات أعلن السبسي عن اتحاد لم يشاورهم حتى في الإعلان عنه، إلّا أنّهم في الأخير التحقوا صاغرين مُحلّلين أبعاد ذلك و أهمّيته وفقا لعباراتهم و بياناتهم.
+ أطوار وغرائب الأمور في بناء تحالف "الاتحاد من أجل تونس"
الناظر لهذا التحالف ومُكوّناته وانتماء عناصره سوى لحزب السبسي أو لبقية أحزاب التحالف المعلن عنه، يقف على غرائب عدة:
الباجي قائد السبسي هو مدير الأمن ووزير الداخلية في نهاية الستينات أي عمليا هو المسؤول عن إيقافات وتعذيب وسجن اليساريين من قيادات بريسبكتيف، فكيف يبرر بعض اليساريين التحالف معه؟
الباجي قايد السبسي وحزبه يمثلون اليمين الليبرالي فكيف يصطفون وراءه ويصبحون حديقة خلفية وسياسية له ولحزبه؟
قال عديد من اليساريين أنّهم ضد بعث حزب خاص به، رغم ذلك تحالف البعض منهم معه بعد أن أعلن واختار الوقت و الطرق و الأساليب دون إبداء رأيهم ..
السبسي أهانهم عديد المرات ( قال لهم : انضموا أفرادا لحزبي – قال : "لا مجال لتيارات داخل الحزب" – سبّهم و أشار أليهم كأحزاب أكثر من مرة ثم قبلوا اعتذاره لاحقا...)
ما هو موقف "الكيلاني" و "ع.الهمامي" لو اختار السبسي التحالف مع حركة النهضة بعد الانتخبابات القادمة؟ وما هو موقفهما لو أختار التحالف مع الجبهة الشعبية انتخابيا في كلا المحطتين التشريعية والرئاسية، ماذا سيفعلان؟، وهما الذين لهما اشكالات مع أحزابهم الاصلية المشكلة للجبهة؟ وماذا يفعلان أم يختارا الخروج والبحث عن ملعب سياسي جديد لهما خاصة و أنهما قبلا ذلك على مضض أثناء تشكيل جبهة الإنقاذ والتي انتهت موضوعيا وعمليا؟
تيارات وعناصر من أقصى اليسار في تحالف "الاتّحاد من أجل تونس"
رغم الهالة الإعلامية التي أحيطت بالإعلان عن الاتحاد من أجل تونس عند تأسيسه في ديسمبر 2012، فإنّه في الحقيقة ليس سوى إعادة لسيناريو 1988أي وجود النية في توظيف الآخر ثم التخلي عنه لاحقا، والسؤال المطروح هل أن "الاتحاد من أجل تونس" هو واجهة من واجهات السبسي ورجاله وحزبه "نداء تونس"؟ والحقيقة أنه تحالف مدروس من الباجي ومن وراءه ليقع الإخراج بسيناريوهات متعددة، فهو عمليا تحالف بين عناصر من أقصى اليسار و بقايا الحزب الحاكم المنحل وخلاياه الترابية والمهنية، فما هي مكونات هذا التحالف و ما هي أهم العناصر "اليسارية" في تلك المكونات ؟
العناصر اليسارية في حركة "نداء تونس":
انضمت للنداء منذ تأسيسه العديد من وجوه أقصى اليسار على غرار ط.بن حسين (صاحب قناة الحوار و القيادي السابق ببرسبكتيف، والذي أصبح عقلا مدبرا من بعيد بعد اعلان استقالته) ومصطفى التواتي(رئيس ح.القوى التقدمية) و محسن مرزوق(القيادي السابق بتيار الوطج الماركسي) وبشرى بلحاج حميدة(أحد قيادات اليسار الطلابي في بداية الثمانينات) ولزهر العكرمي (أحد أجنحة الوطد) و نورالدين بن تيشة ( الذين كان منتميا لاتحاد الشباب الشيوعي)، كما ضمت الهيئة وجوها تدعي انتسابها للتيار الحداثي واليساري على غرار سعيدة قراش (وطد) و رجاء بن سلامة وألفة خليل وحمادي الرديسي(من الوجوه التاريخية لتيار الشعلة رغم انشقاقه) وخميس كسيلة (زعيم تيار اليمين الجديد في نهاية السبعينات)، كما يعمل كل البكوش و مرزوق و العكرمي على ضمّ العديد من اليساريين، على أن أغلب النقابيين الملتحقين هم من اليساريين أساسا على غرار الصحراوي الذي كان قريبا من حزب العمال والغضباني (المحسوب على الوطد)، ومع ذلك فان اليساريين يعيشون اياما صعبة في النداء ويبقى مستقبلهم فيه مفتوح على كل الخيارات...
حزب العمل الوطني الديمقراطي:
حزب ماركسي تأسّس سنة 2005 ، يترأسه عبد الرزاق الهمامي و يتواجد أنصاره في بعض النقابات الأساسية والهياكل القيادية للاتحاد، ويُنعت بأنّه يساري شرعوي (أي يبحث عن الشرعية في عهد المخلوع). يأتي انضمامه للاتحاد من أجل تونس باعتباره فشل في التوحد مع "الوطد الموحد" بعد خلاف على الزعامة، رفض الحزب الانضمام للجبهة الشعبية رغم انه كان مؤسسا لجبهة 14 جانفي، لم يُعلن إعلاميا عن نتائج مؤتمره المنعقد في 22 ديسمبر الماضي، وتدور أخبار عن نية الاندماج مع حُزيب التهامي العبدولي...
الحزب الاشتراكي:
تنحدر عناصر هذا الحزب من حزب العمال ( وريث العامل التونسي ) وقد انشقوا عنه في أواسط التسعينات على خلفية الاختلاف في تقييم الوضع السياسي في البلاد ودور "القوى الديمقراطية والتقدمية" والعلاقة مع التيار الإسلامي، و قد عرفوا باسم "الشيوعيين الديمقراطيين" وفي 1 أكتوبر 2006 أعلنوا عن تشكيلهم للحزب الاشتراكي اليساري، عقد الحزب بعد الثورة مؤتمرين و تخلى عن لفظ "اليساري" انضم للقطب الحداثي في انتخابات 23 اكتوبر 2011، انضم لتحالف السبسي بعد أخذ ورد حيث طلب من عناصر الحزب الانضمام كأفراد لنداء تونس في البداية، انشقت عن الحزب مجموعة حسان التوكابري وانضمت لما سمي بحزب البديل الاجتماعي...، أصدر خلال سنة 2014 صحيفة "الاشتراكي"...
حزب المسار الاجتماعي:
حزب يساري بديل عن حركة التجديد (وريثة الحزب الشيوعي) وجناح من حزب العمل ( بقيادة عبد الجليل البدوي) قادت تأسيسه عناصر من أقصى اليسار، غادرته العديد من قياداته والتحقت بنداء تونس ( بوجمعة الرميلي – عادل الشاوش- محمود بن رمضان....)، من بين قياداته عناصر من أقصى اليسار مثل سمير بالطيب ( الناطق الرسمي الحالي باسمه) تراجع تأثيره في الساحة السياسية بشكل ملحوظ وغاب عن نسب اتجاهات التصويت، ليس له من خيار سوى دخول التحالف مع السبسي لأنّه ليس مقبولا في الجبهة الشعبية إضافة إلى ابتعاد وجوه مؤسسة على غرار رياض بن فضل وآخرين كانوا فاعلين في القطب الحداثي...
3 – أحزاب تنتظر تفعيل قُبولها في التحالف
حزب العبدولي المُسمّى "الحركة الوطنية"
حزب صغير يضم بعض يساريين وبعض التجمعيين، طلبوا أخيرا الالتحاق بالتحالف لسد الفراغ الذي تركه الحزب الجمهوري، مؤسسه هو التجمعي سابقا التهمامي العبدولي وهو رئيس جمعية تجمعية سنة 1994 تسمى "رابطة 7 نوفمبر بصيادة"، وقريبا من قياداته في تونس وفي الخارج، عاش العبدولي فترة في سوريا، ثم دخل التكتل بعد الثورة ثم انسحب منه بعد مغادرته حكومة الجبالي ثم أصبح معارضا لحكومة الترويكا، وقد أعلن أخيرا عن مواقف استعراضية وحضر في وسائل الإعلام بشكل لافت للنظر، لا يتجاوز عدد أنصاره العشرات...
حزب المبادرة الوطنية
يعتبر الحزب توحيد لبعض الأحزاب الدستورية والتجمعية الصغيرة مع حزبي "المبادرة" و "الوطن الحر" بقيادة كل من كمال مرجان ومحمد جغام، والناطقة الرسمية للحزب هي سميرة الشواشي ( القيادية السابقة بحزب الوحدة الشعبية الموالي للمخلوع)، طلب الحزب الانضمام للتحالف حسب تصريحات الشواشي ولكن يبدو أن التطورات الأخيرة والرهان الراسي القادم قد يقلب المعادلات بخصوص انضمامه من عدمه...
الحلقة الثانية
هل انتهى تحالف "الاتحاد من أجل تونس"؟
تحالف في مهب الريح
غطّت أخبار الانقسامات والخلافات اليومية في نداء تونس عمليا على حقيقة الموت السريري لتحالف "الاتحاد من أجل تونس"، حيث لم تتوضّح رؤية بين المكونات الأربع المُتبقية حول كيفية خوض الانتخابات القادمة بنُسختيها الرئاسية والتشريعية وهو ما أربك الحزبين الموجودين في قائمة الانتظار والذين رغبا في الالتحاق بالتحالف الرباعي والذي كان خماسيا قبل مغادرة الجمهوري، بل ويتوقع المتابعون للحياة السياسية وتفاصيلها أن هذا التحالف ينحو نحو منحى التفكّك أو البقاء مجرد إطار تحالفي لا يربط مكوناته سواء بعض المواقف من بعض قضايا وحتى ذلك يبدو ضعيفا لطبيعة الاستحقاقات والتي سيؤدي خوضها بأشكال مختلفة بين المكونات إلى إعلان نهايته السياسية وهي النهاية التي دق إسفينها رئيس الهيئة السياسية العليا الحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي..
ورغم ما رُوّج وقيل بشأن التقارب الحاصل بين "حزب العمل الوطني الديمقراطي"( بقيادة عبد الرزاق الهمامي) و حُزيب "الحركة الوطنية" (بقيادة التوهامي العبدولي) والذي يتحدث البعض أنه إنصهار اقرب منه تقارب وهو ما يؤكد أيضا أن المكونات الست ( الأربع الحالية والاثنين المنتظرين للالتحاق)، حيث بدأ كل مكون على حده في البحث عن مرسى تحالفي يستأنس به في ظل تعدد مرامي التحالفات السياسية، كما نقلت بعض الصحف اليومية عن إعادة الروح للتواصل بين حزبي المسار و الجمهوري خاصة وأن هذين الجزبين خاضا منذ أكثر من سنتين نقاشات الانصهار في حزب واحد ورغم اختلافهما في عدد من القضايا جوهريا (مطالبة حزب المسار بحل المجلس التأسيسي وإقالة المرزوقي مثالا لا حصرا)، و مثل هذه خطوات من بعض مكونات تعود أحد أسبابها إلى رغبة حزب المبادرة الوطنية الالتحاق بالتحالف الرباعي إذ لازال طبيعة حزب كمال مرجان ومحمد جغام تُوصف بالتجمعية باعتبار أن قيادات الحزب المركزية والجهوية هي من بعض هياكل التجمع المنحل وقياداته الطلابية في الجامعة سنوات بن علي ...
و رغم كل هذه المعطيات و التطورات لا تزال المكونات تجتمع أو بالأحرى تلتقي بصفة غير دورية ولكنها غير متقطعة تماما إضافة إلى لقاءات ثُنائية بين بعض القيادات للأحزاب الأربع، باعتبار أن نص البيان التأسيسي تؤكد على الذهاب إلى الانتخابات بقوائم موحدة بل أن أكثر من بيان منذ أشهر أكد على ذلك، ولكن هذا الأمر غيبته عمليا بعض قيادات نداء تونس باعتبارها أولا تطالب دوما بتأجيل الحسم القطعي والنهائي في الأمر وثانيا بسبب التصدع بين قياداته وتعدد الاتهامات في هذا الاتجاه أو ذاك بينما تشير تصريحات بعض قيادات بقية الأحزاب الى أن عدم دخول المكونات بقائمات موحدة واتخاذ قرار حاسم في ذلك يعني عمليا النهاية الحتمية للتحالف
هل يرغب "النداء" في التخلص من التحالف أم يريده حصان طروادة؟
مباشرة بعد المصادقة على الدستور وتشكيل حكومة المهدي جمعة وجد حزب نداء تونس (بقيادة الباجي قائد السبسي) نفسه أمام ضغط مُستمر من طرف حلفائه بهدف التسريع بتحديد الصيغة الانتخابية لهذا التحالف وهو ما حدا يومها موضوعيا إلى إصدار بيان بتاريخ 6 فيفري وهو البيان الذي دعم قرار "الاتحاد من اجل تونس" خوض الانتخابات الرئاسية والتشريعية بصفة موحدة، وما لم ينتبه إليه شركاء النداء يومها أنّه تم خداعهم سياسيا وتم إستبلاههم، إذ أنّ دخول الانتخابات بصفة موحدة لا يعني أصلا خوضها تحت يافطة التحالف، وهو ما انتبهوا إليه لاحقا ولكن بتأخير كبير خاصة في ظل الاختلافات في وجهات النظر بل أن السيدين محمد الكيلاني وعبد الرزاق الهمامي سئما حالة الانتظار وتأكد لهما أن "نداء تونس" لا ينوي أصلا التفريط في اسم الحزب وتعتبر غالبية قياداته و قواعده أن خوض الانتخابات باسم آخر بخلاف اسم الحزب سيكون خسارة انتخابية كبيرة ، قد تكون «فاتورتها» غالية جدا، بل وتحدث البعض أن بعض المنسحبين من نداء تونس لى غرار المحامي عبد العزيز المزوغي نبهوا بقية المكونات أنهم مجرد حطب في ماكينة نداء تونس...
وقد حاولت بعض قيادات النداء تقديم بعض الحلول لتجاوز الإشكال بل المأزق الحقيقي الذي حدث له مع حلفائه لكن بدون جدوى رغم تعدد التكتيكات وأساليب تنويع في تقديم الجرعات وتغيير الخطاب مع كل مكون باعتبارها بقيت بعيدة عن حصد أي توافق حولها صلب جلسات التحالف الرباعي بل ولم يتم حسم قبول الشريكين الجديدين حيث أصر حزب نداء تونس على انصهار الأحزاب الحليفة صلب هياكله وفي تكتيك ثان الدخول إلى الانتخابات بقائمات باسمه أي باسم نداء تونس وهو ما يعني عمليا أن يكون له النصيب الأوفر في رؤساء القائمات بل حتى أعضاؤها في الانتخابات التشريعية.
التفكك الواضح للتحالف
رغم الماكينة الإعلامية واللوجستية للنداء والتي أرادت إيهام الرأي العام وحتى حلفاء النداء أن هناك ديناميكبة داخل التحالف و أن الأفكار خلال النقاشات متعددة فان الحقيقة ان التحالف قارب حتفه السياسي وأن المكونات فرغ وعيل صبرها فلب المقترحات المقدمة ومن حزب الواجهة للماكينة التجمعية (باعتبار ان الباجي يردد في لقاءاته التنظيمية في الحزب مقولة "نحن الفترينة وهم – أي التجمعيين- الماكينة")، بعيدة جدا عن الحد الأدنى المتفق حوله عند بعث و تأسيس التحالف بتركيبته الخماسية يومها(الجمهوري – النداء – المسار – الود – الاشتراكي)، و وتشير نقاشات جرت داخل الاشتراكي وحتى داخل المسار أنها – أي المقترحات - لا تخدم الا مصلحة حزب نداء تونس ,ان بقية المكونات ستكون حطبا إعلاميا ووسيلة لإيهام الخصوم السياسيين والشركاء الخارجيين أنه حزب يقود تحالف وستكون الحصيلة النهائية اندثار كلي بل وعملي سياسيا للمكونات الثلاث (المسار – العود – الاشتراكي) وحتى للحزبين الذين ينويان حديثا ( حزبي مرجان والتهامي العبدولي) بغض النظر عن كم يمنح كل مكون من 26 رؤساء قائمة وهو مربط الفرس في البعد الانتخابي للتحالف ...
والحقيقة التي توصلت إليها بقية المكونات أن الباجي قائد السبسي قد جعلهم جسرا وأن حزبه قد استنفذ أغراضه من هذا التحالف ذلك أن كل المعادلة السياسية تغيرت كثيرا بل وبــ 180 درجة داخل نداء تونس وأيضا في المشهد السياسي، فالأخير لم يعد في موقع ضعيف مثلما كان سابقا وقانون العزل السياسي سقط ، و لم يعد الحزب يخشى العزلة السياسية مثلما كان الأمر منذ سنة أو حتى عند تأسيسه خاصة في ظل تغيرت المعطيات والوقائع وخاصة تغير مواقف أحزاب الجبهة الشعبية منه وحتى حركة النهضة، حيث لم يعد خصمها الأول سياسيا وميدانيا ولازالت الجبهة الشعبية تعتبره موضوعيا حليف ها الاستراتيجي في انتظار تقييمها الذي تجريه منذ أيام بخصوص الموضوع خاصة بعد تداعيات عدم التصويت على فصل 167 من القانون الانتخابي المتعلق بالعزل السياسي داخل قواعدها وعلى مستقبلها السياسي...
وفي الأخير نداء تونس أصبح رقما في المعادلة السياسية إضافة إلى تهويل وتضخيم صورته داخل المشهد السياسي والإعلامي وهو ما يعني أنه لم يعد في حاجة للتحالف مع مكونات لا شعبية لها وتبقى حسب رأيه امتداداتها الجهوية والمحلية ضعيفا جدا مقارنة بماكينة تجمعية وهو ما أكده الصحبي البصلي في برنامج لمن يجرؤ فقط بتأكيده أن 80 بالمائة ممن حضر اجتماع صفاقس هم شعب وتجمعيون وأعضاء في حزب التجمع المنحل
ولاش ك اليوم أن نداء تونس والذي يعيش أزمة حادة وكبيرة قرر واقعيا وفعليا الابتعاد تدريجيا عن دائرة الحلفاء القدم و هو اليوم يفكر في أزمته على المدى المنظور وكيف يشارك في حكومة ما بعد الانتخابات و في التحالفات الحكومية ولم يعد يهمه التفكير في آليات تنظيم الانتخابات اذ يكفيه تشكيل قائمات بأعضائه وبالتجمعيين تحديدا وخاصة في الجهات ، و وهو ما يعني أنه لن يقبل بشروط المكونات باعتباره يعتقد أنه ليس في حاجة للتحالف و أن فوزه بالحد الأدنى مضمون ، إضافة إلى أنه سيضع في اعتباره أن الصراع على أشده في الجهات وفي داخل النداء حول ترأس القائمات الانتخابية ، وهو صراع حاد و خطير على تماسكه وهو ما يعني أن الباجي سيحاول الحيلولة دون انفراطه وذلك يمر عبر محاولات ترضية داخلية والتخلي عن شركاء في ترأس وعضوية القائمات...
الخلاصة :
كل الأسباب سالفة الذكر تؤكد وتدفع حلفاء النداء الثلاث بل والخمس يفكرون في أساليب و تكتيكات جديدة :
حزب المسار دعم و يدعم التيار اليساري داخل نداء تونس الذي يدعو إلى توحد العائلة الديمقراطية ويفكر في مبادرات أخرى سوى عبر الاقتراب من الجمهوري أو من الجبهة الشعبية أو في خلط الاوراق وهو ما يفسر دعوة سمير بالطيب الغريبة في الدعوة لحل المجلس
العمل الوطني الديمقراطي يتخبط هنا وهناك بل هو يبحث عن منافذ سياسية عديدة لعل أهمها الاندماج مع حزب العبدولي ....
الحزب الاشتراكي ينتظر ويخوض نقاشات داخلية وهو مازال له أمل كبير في نداء تونس .
لكن تبقى هذه الأحزاب عاجزة وتنتظر تغير المعطيات لصالحها وستبقى تنتظر إعادة الروح للتحالف رغم أنها بعيدة بعيدة عن التأثير في قرارات حزب الماكينة التجمعية والمسنودة إعلاميا وأقصى ما تستطيع فعله أنها ستعمد إلى فضح الحزب ونشر بعض ما تعرفه عنه ...
وختاما يمكن الجزم أن تحالف الاتحاد من أجل تونس الذي بقي مشلولا وغائبا لمدة أشهر عن الفعل السياسي أصبح في غرفة الإنعاش او انه مات سريريا في انتظار جرعات قد تأتي بها تطورات الإحداث خلال قادم الأيام وربما يدفع التصدع الحالي في نداء تونس لصالح عودته تديريجيا أو ربما نهايته فعليا وهذا لا يعني أن موت التحالف سياسيا لن يساهم في انفجار بالون حزب النداء تونس بعد النفخ المستمر فيه إعلاميا ودوليا وحتى من طرف قوى وشخصيات سياسية كانت تُعاديه وتعرف طبيعته ....
بقلم : علي اللافي