ألهذا نجحت الجماهير الشبابية في اسقاط رأس النظام و عجزت عن مواصلة المسير ؟؟!!
زووم تونيزيا
| الاثنين، 28 أفريل، 2014 على الساعة 02:17 | عدد الزيارات : 910
حين تحدث غوستاف لوبون عن الجماهير اعتبرها قوة هدم و تدمير و ان جميع الحضارات التي عرفها تاريخ البشرية بنيت…
وجهت من قبل ارستقراطية مثقفة قليلة العدد.
و يعتبر لوبون انه على صعيد الحياة الواعية فان عالم الرياضيات يتفوق ذكاء بما لا يقاس على الاسكافي صانع احذيته . و لكن على صعيد الحياة اللاواعية و لا سيما ما يتعلق منها بالعاطفة و الوجدان و الغرائز و العقائد الايمانية الموروثة فان البشر الأكثر عظمة لا يتجاوزون الا نادرا مستوى الناس العاديين. و الحال ان الجمهور النفسي الذي يتكون من عظام الناس كما من ادنيائهم انما يشتغل وفق نمط جمعي لاشعوري يفقد فيه البشر فرادتهم الذاتية و تذوب كفاءاتهم العقلية في الروح الجماعية، و هكذا ينحل المختلف في المؤتلف و تسيطر الخصائص اللاشعورية التي تكون في الجمهور معاكسة أحيانا لخصائص الفرد مأخوذا على حدة .
و لكن ما يخسره الجمهور النفسي من حيث الذكاء و الحس النقدي يربحه في الغالب من حيث القوة أو الشعور بالقوة .
فعن طريق العدد يكتسب الفرد المنضوي في الجمهور شعورا عارما بالقوة مما يجعله ينصاع بسهولة لبعض الغرائز التي قد تدفع أحيانا به _مع سائر أقرانه_ نحو أعمال عنيفة وحشية.
و هذا العنف الجماعي يجد تفسيره في كون الجمهور بطبعه غير مسؤول . و بمان الحس بالمسؤولية هو الذي يردع الأفراد فانه يختفي في مثل هذه الحالة كليا .....
من خلال هذا المدخل النظري اردت تحليل الفعل الثوري الشبابي في احدى جوانبه أو بعض مسبباته ان صح القول .
لان الشباب التونسي بعد ان تحرك في شكل جمهور غاضب استطاع فعلا اسقاط رأس النظام و تغيير المشهد السياسي و حقق ما عجزت عن تحقيقه تلك الارستقراطية الحزبية المثقفة التي افتكت زمام الفعل و الانجاز لاحقا في اللحظة السياسية، لحظة البناء كما يراها كثيرون و هو بدوره ما عجزت الجماهير الشبابية عن اتيانه أو الظهور حتى داخل المعترك السياسي بحجم و فعل محترم .
وكأنّ تلك الجماهير فعلا هي حشود لاواعية بما وراء الثورة يقودها الرفض المقترن بالهدم و الاطاحة بالنظام دون فكرة أو دراية مستقبلية عن الصورة مابعد اسقاط الطاغية و نظامه .
و نجاحها في ماقامت به من خلخلة عرش النظام و اسقاط راسه لم يكن ناتج عن وعي ثوري حقيقي له مخططات لاحقة و نخبة مفكرة أو رأس قائد بل كان نتيجة لاحساس بالقوة و الغلبة بمفعول التجمهر و الكثرة، مع أهمية ان يكون من بين مشتركات هذا الجمهور احساس بالقهر و الظلم من طرف الجهة نفسها . و هو ما تحدث عنه لوبون بقوله ان العاطفة هي لغة الجماهير ...
لست اتجنى على شباب تونس و شباب الثورة و لكن بعد تشرذم هذا الجمهور و فقدانه لوجوده كجمهور حي و نابض بأهداف ثورته و برنامجه العملي فانني بت أفكر أكثر في طبيعة الحراك و جوهره .
و مع هذه القراءة السريعة فانني لم اتخلص بعد من أسئلة يمكنها ان تدعم هذه الفرضية أو تدحضها و هي :
هل يمكن اعتبار ان الجمهور النفسي هم الثوار ام الأغلبية الصامتة ام أنصار النظام و الته القمعية مع معرفتنا بقلة عدد الجمهور الأول امام الثاني و الثالث ؟
ام انه يمكننا الاقرار بتواجدهم جميعا مع خضوعهم لنفس القواعد و الخصائص النفسية ؟؟
الا يمكن اعتبار الثوار هم تلك الارستقراطية المثقفة و الفئة الصغيرة التي تحدث عنها لوبون باعتبار قلة عددهم مقارنة ببقية الجماهير و ماحدث من عجزهم في استثمار لحظتهم الثورية يعود الى أسباب أخرى ؟
هل ان غياب قواد رسميين للحراك الثوري هو ما عطل استكمال المسار الثوري بنسقه الأول السريع، مع اعتبار أن القواد أو الزعماء الرسميين هم الفئة الارستقراطية القادرة على البناء و الجماهير التي تقف خلفها وقود هدم ووقود بناء لا أكثر ؟؟