حكومة حفظ المصالح والتوازنات وحكومة الوفاق والتراضي تُعجّل برحيل القضقاضي
زووم تونيزيا
| الأربعاء، 5 فيفري، 2014 على الساعة 00:01 | عدد الزيارات : 863
بقلم جمال العكرمي :
لكي نفهم حقيقة الإرهاب والاغتيالات في تونس علينا أن ننظر للمشهد بشمولية أكبر من الطرح…
لموجود في وسائل الإعلام...
يبدو أنّ التيار التقويضي الذي أراد وأد التجربة الديمقراطية التونسية كان يدرك جيدا طبيعة المشهد السياسي التونسي والفاعلين فيه، لذلك جاء الاغتيال الأول والثاني من قيادات الجبهة الشعبية لا لأن هؤلاء أكثر معارضة لحركة النهضة أو لأنهم حماة الثورة بل لأن الجبهة الشعبية اختارت الشارع لحسم المعركة السياسية والتيّار التقويضي كان من مصلحته تحريك الشارع وإدخال البلاد في دوامة عنف.
كانت الاغتيالات بمثابة المثير الذي استجابت له الجبهة الشعبية وقد عقبت الاغتيالات تحركات ميدانية صاحبها عنف وتخريب وحرق لمقرات النهضة وخاصة أحداث 8 أوت بمقبرة الجلاز. كانت الاغتيالات سياسية وفي توقيت حسّاس ومدروس الأول أثناء اقتراب النقاش داخل المجلس التأسيسي حول قانون تحصين الثورة والاغتيال الثاني جاء بعد قرب استكمال هيئة الانتخابات، وبالتالي فإن الرصاصات التي أطلقت على شكري بالعيد ومحمد براههمي ربما تكون بأيادي جهادية ولكن لأهداف سياسية لا لأهداف دينية.
لأنه من يريد إقامة إمارة يكون هدفه الدولة وجهازها الأمني فيسعى لإضعافه، لكن من يستهدف وجوها سياسية تابعة لتيار إستئصالي راديكالي فالغاية والمكاسب المرجوة من هذه الاغتيالات مكاسب سياسية.
ثم إنّ التقارب بين الجبهة الشعبية ونداء تونس كان إثر إغتيال شكري بالعيد وذلك بتكوين تنسيقية مشتركة تندد بالاغتيال وتسعى للكشف عن القتلة !!
إن المتتبع لتحركات وجغرافية الإرهاب يدرك جيدا أن التحركات الإرهابية عادة ما تبدأ إثر زيارة وفد حكومي للجزائر، والإرهاب متمركز في حدودنا الغربية مع الجزائر في حين أن حدودنا الشرقية مع ليبيا تمثل أرضا خصبة للإرهاب لتوفر السلاح ثم لشساعة الحدود وامتدادها الصحراوي وضعف الرقابة الليبية على حدودها.
يبدو أن التيار التقويضي الجزائري الإماراتي وعملائهم في الداخل لم يستطيعوا استجلاب السيناريو المصري ووصل المشهد السياسي لحالة من الانغلاق، لا المعارضة استطاعت الإطاحة بالحكومة واستئصال حركة النهضة ولا الترويكا استطاعت تسيير الدولة وحفظ المصالح التوازنات فكان الحل في إعادة توزيع السلطة واقتسامها، جاء الحوار الوطني بعد ضغوظات خارجية وتحركات داخلية على رأسها الإرهاب الذي دفع الفرقاء السياسيين إلى الجلوس للحوار....
إن تحرك الإرهاب في هذا التوقيت وبعد القبول بحكومة التوافقات وضمان المصالح والتوازنات يوحي لنا بأن الإرهاب في أيامه الأخيرة، فقتل القضقاضي اليوم بعد زيارة مهدي جمعة للجزائر وبعد أن خرجت النهضة من الحكم يوحي بأن ورقة الإرهاب احترقت ووصلت إلى غاياتها وحققت أهدافها...كما لا ننسى أن الجزائر وتحضيرا لانتخاباتها في أفريل المقبل تريد مناخا من الأمن على حدودها...
من الغباء أن نقبل بأن الإرهاب ديني وأن نستبعد دور لوبيات السلطة والمال والأمن من هذا المخطط التقويضي، هذا ارهاب الدولة العميقة ونحن اليوم في حاجة إلى إعادة الفرز ومعرفة حقيقة الصراع ومجال الحسم...