واقع ومستقبل مُكوّنات الجبهة الشعبية بعد التطوّرات السياسية الأخيرة
زووم تونيزيا
| الثلاثاء، 10 سبتمبر، 2013 على الساعة 14:48 | عدد الزيارات : 3645
تكونت الجبهة قبل التطورات الأخيرة، من 12 مكونا حزبيا بعضها من 4 أحزاب من أقصى اليسار الماركسي (حزب العمال –…
لوطد الموحد – الوطد الثوري – النضال التقدمي – اليسار العمالي )، و 3 من يسار الوسط ( الديمقراطيين الاشتراكيين – الشعبي للحرية والتقدم – تونس الخضراء)، و 4 أحزاب قومية عربية(حركة الشعب – حركة البعث – حزب الطليعة- الجبهة الشعبية الوحدوية).
وعمليا ورغم الهالة الإعلامية الكبيرة، يعرف الرأي العام الجبهة الشعبية من خلال حمة الهمامي و المرحوم شكري بلعيد ، وقد تأسست الجبهة في 7 أكتوبر 2012 بــ13 حزبا (أنسحبت حركة الشعب بقيادة محمد براهمي ثم عادت يوم 9 أفريل الماضي و غادر حزب الغد بقيادة عمر الشاهد الجبهة بشكل نهائي)، والجبهة هي إعادة تشكيل لجبهة 14 جانفي التي تأسست بعد أسابيع من نجاح الثورة التونسية، فما هي الأحزاب المكونة للجبهة وما هو مسارها التاريخي ومن هم أعضاء مجلس أمناء الجبهة، وما هو مستقبل الجبهة ومستقبل مكوناتها بعد انسحاب بعض تلك المكونات اثر التطورات السياسية الأخيرة؟
مكونات من أقصى اليسار الماركسي
1- حزب العمال
- حزب العمال، هو أكبر وأقدم الأحزاب الماركسية اللنينية النشطة في تونس، أسس في 3 جانفي 1986 من طرف عدد من المناضلين السابقين في منظمة العامل التونسي (الشق السائد)، عارض الحزب النظامين البورقيبي و النوفمبري، وهو من أكبر الخصوم التاريخيين للحركة الإسلامية التونسية و خاصة حركة النهضة رغم تحالفه معها سنة 2005 في ما عُرف يومها بتحالف 18 أكتوبر، يتزعمه حمة الهمامي منذ التأسيس وقد عقد الحزب مؤتمرا في جويلية 2011 ، له صحيفة ناطقة باسمه وهي "صوت الشعب" إضافة إلى مجلة دورية هي "البديل".
- فقد الحزب الكثير من بعده الشعبي والنضالي بعد الثورة، ويتوقف مستقبله على نسبة نجاح تحالف الجبهة الشعبية في الانتخابات القادمة، وعمليا سينفرط عقد الحزب بغياب حمة الهمامي أو باعتزاله للحياة السياسية، وفي قدرته على حل الأزمة في المنظمة الطلابية الحالية (الصراع على قيادة الاتحاد بين جناحه الطلابي اتحاد الشباب الشيوعي وبين تيار النقابيين الراديكاليين)، وعمليا غادر الحزب خلال الأيام الأخيرة العشرات من مناضليه القاعديين نتاج خلافات حول العلاقة التي توطدت بشكل غير مسبوق مع نداء تونس (بعد ان كان الحزب يردد مقولته التاريخية "يسقط جلاد الشعب يسقط حزب الدستور)، ولقاء الهمامي مع السفير الأمريكي الأسبوع الماضي...
• حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد
- هو الحزب المؤسس تباعا على اثر مؤتمر توحيدي بين حركة الوطنيين الديمقراطيين ( تيار الوطج الطلابي في الثمانينات) وشق من حزب العمل الوطني الديمقراطي اي فصيلين من التيار الوطني الديمقراطي المنبثق من منظمة الشعلة الماوية، كان يقوده المرحوم شكري بلعيد ( الذي تم اغتياله يوم 06 فيفري 2013)، و يقوده حاليا زياد الاخضر بعد صراع على خلافة بلعيد بين محمد جمور و عبد الناصر العويني والمنجي الرحوي و آخرين.
- ستكون آفاق الحزب ضعيفة لأنه فقد أسس الانتشار التنظيمي نتيجة فشله في وحدة الوطنيين الديمقراطيين وتياراتهم، والفشل في التوظيف السياسي لدم بلعيد إضافة إلى تواصل الصراعات بين قياداته في صمت واعتماده على الإثارة السياسية و الإعلامية على غرار ما آتاه الرحوي في رحاب المجلس التأسيسي منذ أشهر أو تصريحاته خلال التجمعات السياسية للجبهة بعد انسحابه وبعض زملاؤه النواب ...
• الحزب الوطني الاشتراكي الثّوري (الوطد)
- هو حزب قديم جديد باعتبار انه تم تأسيسه سنة 2012 لكنه تواصل لحزب الوطد ( الوطنيون الديمقراطيون)، ومن أهم قياداته جمال لزهر وعبدالله بن سعد وهو التيار الرئيسي في فصائل العائلة الوطنية الديمقراطية، يرفض التوحد مع بقية فصائل الوطد.
- سيكون الحزب قادرا على احتواء من تيارات أخرى في العائلة الوطنية ( الوطد) على حساب حزب الوطد الموحد وحتى تزعم اليسار في السنوات القادمة ولعل بيانه الأخير "هولاند و اوباما..." (موقف من لقاء السفير الامريكي)، تعبير جديد من الحزب حول مواقفه الراديكالية والتي تأكدت بعد رفضه التنسيق مع نداء تونس أو التحالف معه....
• رابطة اليسار العمالي
- حزب تروتسكي راديكالي التكوين و يقوده جلال بن بريك الزغلامي ( شقيق توفيق بن بريك السياسي والأديب المعروف و صاحب صحيفة "ضد السلطة" ) وهو الحزب الوحيد الذي دعا يوم 06 فيفري للعصيان المدني، وما زالت مقولاته السياسية راديكالية ومثالية ولا تخضع لتقييم الوضع السياسي.
- سيبقى الحزب موجود تنظيميا و كتيار لطبيعة علاقاته الإيديولوجية في الخارج ولكنه سيبقى محصور عدديا وتنظيميا وسياسيا وهو الذي عبر عن مواقف سلبية من خيارات بقية مكونات الجبهة الشعبية وخاصة من حمة الهمامي...
• حزب النضال التقدمي
- هو تواصل لتنظيم طلابي (فصيل من التيار الوطني الديمقراطي) خاض غمار الصراعات النظرية والسياسية واكتسب التجربة التنظيمية اللازمة في المجالين السياسي والنقابي وله رغم محدوديته الشعبية برنامج يقوم على أسس المادية الجدلية والمادية التاريخية والاقتصاد السّياسي النقدي التي تشكل ثلاثتها، المجالات التي تقوم عليها الاشتراكية العلمية وفقا لرؤية الحزب، ويقوده محمد لسود وله نشرية "التقدم" و قد انشق عنه منذ أشهر نائبه الوحيد هشام حسني وأسس حزب جديدا.
- يبقى مستقبل هذا الحزب مرتبطا بمدى تخلصه من مقولاته الدغمائية والحرفية الماركسية، وفي تلك الحالة قد يكون قادرا على تزعم اليسار الماركسي والتطور شعبيا وتنظيميا، ويتحدث البعض عن نية الحزب خلال الايام القادمة على مغادرة الجبهة الشعبية.
• حزب القطب الديمقراطي:
- وهو حزب تأسس بعد انتخابات 23 أكتوبر ويضم أساسا الشخصيات المستقلة في التحالف الانتخابي الذي سمي عشية الانتخابات "القطب الديمقراطي الحداثي" والذي ضم يومها التجديد واليسار الاشتراكي ومجموعة من المستقلين، ومن أبرز قيادات الحزب اليوم الاعلامي رياض بن فضل ولطفي بن عيسى (أحد قيادات العامل التونسي ومدير مجلة أطروحات اليسارية والتي صدرت وسط ثمانينات القرن الماضي).
- عمليا يصعب الحكم القطعي على مستقبل هذا الحزب الناشئ والذي يعتبر مقرب من الدوائر الفرنكفونية والفرنسية أساسا.
-
مكونات من يسار الوسط
• حركة الديمقراطيين الاشتراكيين
- تأسست حركة الديمقراطيين الاشتراكيين يوم 10 جوان 1978، تم الاعتراف بها سنة 1983 اعتبرت ثاني الأحزاب في عهد المخلوع ثم انقسمت الحركة إلى شُقّين ( مواعدة – بولحية) في وسط التسعينات ثم وقعت المُصالحة بينهما لتصطف ضمن أحزاب الديكور الا أنّ رئيس الحركة الحالي أحمد الخصخوصي رفض ذلك المسار منذ بدايته وقاد شقا ثالثا معارضا لنظام المخلوع ثم ترأس بعد الثورة حركة تصحيحية مكنته من إرساء مسار جديد للحزب وتمكن من دخول المجلس التأسيسي، والحزب اليوم محدود الشعبية و صغير الحجم رغم ارثه التاريخي وما زال يتصارع مع شق الطيب المحسني الذي يرى في نفسه الوريث الشرعي للحركة.
- حتى وان بقيت مجموعة تنشط باسم الحركة فإنها ستبقى محدودة الفعل والعدد، لان تطور الحركة مشروط بعوامل موضوعية لن يذهب فيها الفريق الحالي للحزب أي خطوة على غرار تغيير اسم الحزب وتشبيبه.
• الحزب الشعبي للحرية والتقدم
- تأسس الحزب بعد الثورة، وهو امتداد لتيار الوحدة الشعبية في السبعينات وقد دخل بعضهم حزب الوحدة الشعبية ( المنشق عن الحركة) و بعضهم مثل أمام محكمة أمن الدولة في أوت 1977 على غرار منير كشوخ، و بعضهم خرج من حزب الوحدة الشعبية في 1988 و ناضل ضد الديكور الديمقراطي في عهد المخلوع على غرار رئيس الحزب حاليا جلول عزونة و الذي حكم عليه كأول سجين سياسي لعهد الدكتاتور المخلوع بسنة سجنا سنة 1989، على جد تأكيده المستمر.
- لا مستقبل لهذا الحزب لطبيعته النخبوية وغياب جناح شبابي للحزب واصراره على التحالف مع أقصى اليسار بينما موقعه الطبيعي هو التحالف مع أحزاب وسطية تتقارب مع طبيعة مؤسسيه وخياراتهم الفكرية.
• حزب تونس الخضراء
- حزب تونس الخضراء هو حزب سياسي ، تأسس في 24 أفريل 2004 و تم الاعتراف به بعد الثورة وتحديدا يوم 17 جانفي 2011، يوجد على رأس الهيئة التأسيسية لهذا الحزب عبد القادر الزيتوني بوصفه منسقا عاما وهو مهندس متقاعد إلى جانب آخرين من بينهم مصطفى الزيتوني وخالد العماري و والمنصف بن فرج.
- لن يكون الحزب قادرا على التطور في ظل جبته اليسارية الحالية، كما لا شعبية للحزب في المناطق الداخلية، كما لا توجد له شبييبة حزبية تمكنه من التوسع في بقية الولايات.
مكونات قومية عربية
• حركة البعث
- حركة البعث حزب سياسي يرتكز على الاشتراكية والقومية العربية، شعارها : وحدة – حرية – اشتراكية ، قدمت حركت البعث ملفا قانونيا لوزارة الداخلية في 3جوان 1988 دون الحصول آنذاك عن الوصل القانون وهي تواصل تنظيمي للبعثيين الذين حوكموا في نهاية الستينات، قامت بعد ثورة 14 جانفي بإعادة تحيين ملفها و قدمته من جديد لوزارة و تحصلت عمليا على تأشيرة العمل القانوني يوم 22 جانفي 2011، و يقود حركة البعث عثمان بلحاج عمر.
- يبقى مستقبل حركة البعث مرتبطا بنجاح الجبهة في الانتخابات القادمة ومستقبل وتطور الأحداث في سوريا وبمستقبل الأحزاب البعثية في العالم العربي.
• حزب الطليعة العربي الديمقراطي
- حزب الطليعة العربي الديمقراطي حزب سياسي ذو توجه وحدوي عربي بعثي، هو تواصل تنظيمي للطليعة الطلابية العربية أسس الحزب في مارس 2011 و شعاره وحدة،ديمقراطية ، اشتراكية ويقوده اليوم المحامي أحمد الصديق في حين يعتبر الجامعي والروائي خير الدين الصوابني الرجل الثاني في الحزب.
- من حيث مستقبل الحزب يصح عليه ما يصح على حركة البعث ومدى قدرة بناء قطب للأحزاب القومية العربية أو توحيد البعثيين التونسيين في حزب واحد، وعرفت قيادة الحزب تفريط في اهم مقولاته التاريخية والراديكالية بعد مشاركة الصديق في اللقاء مع السفير الامريكي...
• الجبهة الشعبية الوحدوية
- الجبهة الشعبية الوحدوية حزب ذو اتجاه سياسي وحدوي عربي. أسس يوم 22 افريل 2011 يرأسه عمر الماجري ( احد قيادات ما عرف بـــ"التنظيم السري" في بداية الثمانينات)، يُنادي الحزب بتكريس مبدأ الانتماء القومي للشعب التونسي في ديباجة الدّستور بالتنصيص على أن الشعب التونسي جزء من الأمّة العربيّة و ينادي الحزب ببناء دولة مدنيّة مرجعيّتها التشريع المدني و بتحييد الدّين الإسلامي عن الصّراعات السياسيّة وذلك بتحمّل الدّولة وحدها مسؤوليّة تنظيم الشؤون الدينيّة و السهر عليها.
- لا مستقبل سياسي للحزب حيث يرتبط وجوده ببناء حزب قومي عربي موحد كما أنه مرتبط أيضا بمستقبل النظام السوري، وقدرة قيادته الحالية على استقطاب وجوه شبابية جديدة وبتوجيهات الأب الروحي للحزب توفيق المديني وهو من يقف عمليا وراء مغادرة الحزب مؤقتا للجبهة الشعبية.
• التيار الشعبي:
- نشأت حركة الشعب والتي انشق عنها التيار الشعبي منذ 30 جوان 2013 نتاجا عملية توحيدية لحزبين ناصريين تأسسا بعد الثورة الأول بقيادة محمد براهمي والثاني بقيادة زهير المغزاوي بعد انسحاب البشير الصيد، يتزعمه عمليا محمد براهمي ورغم الخلافات الداخلية حول موضوع الالتحاق الجبهة الشعبية بعد الانسحاب منها، فقد تم في 9 افريل الماضي الإعلان عن الالتحاق الرسمي بها مما أدى إلى خلافات داخلية عميقة ، أدت إلى استقالة عدد من القياديين على غرار خالد الكريشي وتجميد البعض الآخر لعضويته في المكتب السياسي على غرار عمران المدوري، و دارت خلافات أدت إلى تأسيس حزب سياسي جديد هو التيار الشعبي بقيادة محمد براهمي والذي تم اغتياله كما هو معروف في 25 جويلية 2013 ، وقد استغلت الجهة المخططة لاغتياله الصراعات داخل حركة الشعب وخلافات الرجل مع خصومه السياسيين من داخل التيار القومي وخارجه لاغتياله وتوظيف التيار السلفي المتشدد للقيام بذلك...
- تبقى كل الاحتمالات واردة في الحزب نتاج الصراعات بين القوميين الناصريين وما ستنتجه التطورات السياسية في الايام القادمة، على ان التيار الشعبي وبعض قياداته هي المسؤولة عن فشل مفاوضات توحيد التيار القومي الناصري في الايام الاخيرة والتي يقودها الوزير المستقيل سالم لبيض....
أطراف أخرى داعمة
يدعم الجبهة الشعبية العديد من الجمعيات على غرار " جمعية راد آتاك"، بالإضافة إلى شخصيّات يسارية وقومية مستقلّة، ولكن دعم تلك الأطراف يبقى مرتبطا بالاستحقاقات الانتخابية القادمة، على أن علاقات مكونات الجبهة الشعبية كبيرة مع عديد المنظمات الوطنية، وهي علاقات تصل الى حد التوظيف الحزبي و السياسي لتلك المنظمات، بينما أهم مطالب النخب التونسية هي تحييد الإعلام والعمل النقابي والمنظمة الوطنية ودور العبادة عن التوظيف الحزبي.
تصدع في الجبهة و مستقبل مفتوح على كل الخيارات
بعد 25 جويلية أي بعد اغتيال الحاج محمد البراهمي عرفت تونس تطورات سياسية دراماتيكية في الحراك السياسي واتخذت الجبهة مسارا آخر حيث تأسست جبهة الانقاذ والتي تمحورت حول التقاء تحالفي الجبهة الشعبية والاتحاد من أجل تونس(نداء- الجمهوري- العود – الاشتراكي – المسار) مسنودة بشخصيات يسارية وحداثية وجامعية واتخذت جملة من المواقف والخيارات ستؤدي إلى تموقع جديد للجبهة واتخذت مواقف غير مسبوقة لعل اهمها جلوس قيادتها مع قيادة حزب نداء تونس بقيادة السبسي و التواصل مع عدد من السفارات الأجنبية وآخرها السفير الأمريكي وهو ما أدى الى تصدعات كبيرة لم يركز الاعلام التونسي عليها لكنها ستكون فارقة في مستقبل مكونات الجبهة وفي التحالف بينها فقد اتتخذت أحزاب الوطد الثوري (بقيادة جمال لزهر) والجبهة الشعبية الوحدوية (بقيادة عمر الماجري) ورابطة اليسار العمالي(بقيادة جلال بن بريك الزغلامي) مواقف رافضة لخيارات حمة الهمامي وبقية المكونات وخاصة من موضوعي السفارة الأمريكية والتحالف مع نداء تونس وطبيعة بعض المطالب.
وفي الاخير يبقى مستقبل الجبهة الشعبية متراوحا بين الانتحار السياسي وتكوين تحالف سياسى كبير وتاريخي وسيبقى ذلك رهن مسار ثورات الربيع العربي وقادة الترويكا الحاكمة على إدارة الحوار السياسي الحالي ....