استدعت وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، أمس الجمعة، القائمة بالأعمال بالنيابة بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بتونس، ناتاشا فرانشاسكي، وأبلغتها "استغراب تونس الشديد" من البيان الصحفي الصادر عن وزير الخارجية الأمريكي، انطوني بلينكن، بشأن المسار السياسي في تونس.
وأضافت الخارجية في بلاغ لها، أن "استغراب تونس يشمل أيضا التصريحات التي أدلى بها السفير المعين بتونس أمام الكونغرس الأمريكي(قبل يومين)" خلال تقديمه "لبرنامج عمله" أمام احدى اللجان التشريعية، واصفة هذه التصريحات بأنها "غير مقبولة".
وقالت الوزارة في بلاغها إن تصريحات بلينكن والسفير الأمريكي المرتقب في تونس "هي تصريحات تتعارض كليا مع أحكام ومبادئ اتفاقية فيانا للعلاقات الدبلوماسية"، وإن البيانات الأمريكية "لا تعكس إطلاقا حقيقة الوضع في تونس أو الجهود المبذولة منذ 25 جويلية 2021 لإعادة هيكلة وتأهيل الحياة السياسية على أسس صحيحة ومتينة للإصلاح".
ووفق المصدر، أبلغ وزير الخارجية، عثمان الجرندي، الذي استقبل القائمة بالأعمال، ناتاشا فرانشاسكي، بأن تلك التصريحات "تدخل غير مقبول في الشأن الداخلي الوطني"، وأن تونس متمسكة بسيادتها الوطنية وباستقلال قرارها وترفض أي تشكيك في مسارها الديمقراطي الذي لا رجعة فيه أو في خيارات شعبها وإرادته التي عبر عنها من خلال صندوق الاقتراع بأغلبية واسعة وفي كنف النزاهة والشفافية..".
وحصل التصويت على نص هذا الدستور خلال استفتاء 25 جويلية 2022 داخل تونس وخارجها على تصويت مليونين و607 آلاف و884 ناخبا (من اصل اكثر من 9 مليون ناخب مسجل) بـ"نعم" ، أي بنسبة 94 بالمائة فاصل 6 بالمائة، مقابل تحصل الإجابة ب"لا" على 148 ألفا و723 صوتا، أي بنسبة 5 بالمائة فاصل 4.
وقال الجرندي إن هذا الموقف الأمريكي لا يعكس بأي شكل من الأشكال روابط الصداقة التي تجمع البلدين وعلاقات الاحترام المتبادل بينهما، موضحا أن تونس، بناء على ثوابت سياستها الخارجية، "حريصة على الحفاظ على علاقات متميزة مع جميع الدول على حد سواء، وفقا لما تتطلبه العلاقات الدولية القائمة على المساواة بين الدول".
وأكد الوزير للدبلوماسية الأمريكية أن تونس في مرحلة مفصلية من تاريخها وهي " تتطلع إلى دعم ومساندة جميع شركائها إن كانوا فعلا حريصين على إنجاح التجربة الديمقراطية التونسية بدلا من التشكيك فيها ومنح الفرصة للمتربصين بها لإفشالها"، وفق نص بلاغ الخارجية.
يشار إلى أن رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، شدد خلال لقائه اليوم الجمعة بقصر قرطاح، مع وزير الشؤون الخارجية، على "استقلال القرار الوطني، ورفضه لأي شكل من أشكال التدخل في الشأن الوطني"، مؤكدا أن "تونس دولة حرّة مستقلّة ذات سيادة، وأن سيادتها واستقلالها فوق كل اعتبار".
وكان وزير الخارجية الامريكي انطوني بلينكن قد دعا أمس الخميس في بيان إلى الاسراع بإقرار قانون انتخابي جامع في تونس، يضمن أوسع مشاركة ممكنة في الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في شهر ديسمبر القادم، على أن تشمل من عارض أو قاطع الاستفتاء على الدستور.
ولاحظ أن استفتاء تونس على الدستور "اتسم بتدني نسب مشاركة الناخبين"، معبرا عن انشغال بلاده من أن الدستور الجديد "يمكن له أن يضعف الديمقراطية في تونس، ويحد من احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية"، على حد تعبيره.
وقد عبرت عديد الأحزاب والمنظمات عن رفضها لتلك التصريحات الأمريكية واعتبرتها تدخلا في الشأن الداخلي التونسي.