حذّرت الأمم المتحدة، اليوم مِن تعرّض 50 دولة إفريقية وشرق أوسطية لشبح الجوع جرّاء الحرب في أوكرانيا، وبخاصة سكان الريف والفقراء، حيث أثّرت على إنتاج ثُلث الغذاء في العالَم.
ووفقا للصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع إلى الأمم المتحدة "إيفاد"، فإن الحرب في أوكرانيا تسببت بالفعل في ارتفاع أسعار الغذاء ونقص المحاصيل الأساسية في أجزاء من وسط آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأدت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الشهر الماضي إلى تقليص عدد الشحنات بشدة من البلدين اللذين يمثلان نحو 25% من صادرات القمح العالمية، و16% من صادرات الذرة العالمية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية.
ومنذ بداية الحرب، قفزت أسعار القمح بنحو 29.18% لتتخطى 11 دولارا للبوشل، وهو رقم أكبر بنحو الضعف من سعر القمح في نفس الفترة من العام الماضي عندما راوح 6 دولارات للبوشل.
قال صندوق "إيفاد" إن ذلك يؤثر على أسعار التجزئة للمواد الغذائية في بعض أفقر الدول في العالم، كما يعرض الدول الفقيرة والضعيفة لشبح الجوع، حسب وكالة "رويترز".
وهناك أكثر من 50 دولة تتلقى من أوكرانيا وروسيا أكثر من 30% من الحبوب حيث يقع معظمها في شمال إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، وتعد من البلدان ذات الدخل المنخفض وتعاني من عجز غذائي.
يقول رئيس الصندوق، جيلبرت إف. هونجبو، إن "الصراع في أوكرانيا، سيكون مأساة لأفقر شعوب العالم الذين يعيشون في مناطق ريفية، نحن نشهد بالفعل ارتفاعًا في الأسعار".
وحذّر من أن ارتفاع الأسعار سيؤدّي إلى زيادة معدلات الجوع والفقر، وهو ما سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الاستقرار العالمي.
وللمساعدة في تخفيف الأزمة التي يواجهها سكان الريف الفقراء، الذين ينتجون نحو ثلث الغذاء في العالم، قالت "إيفاد" إنّها ستُركّز على بعض مبادرات مثل التحويلات النقدية، وزيادة التحويلات المالية، وتقديم إعانات للمؤسسات الزراعية.
وتعدّ روسيا أحد أكبر الدول المصدرة للأسمدة في العالم، التي ارتفعت أسعارها بالفعل في العام الماضي، مما أسهم في زيادة أسعار الغذاء العالمية بنسبة 30%، وبالتالي زيادة معدلات الجوع العالمية.
ويقول الخبير المصري نادر نور الدين، الأستاذ بكلية الزراعة في جامعة القاهرة، إن الدول المستوردة لأغلب غذائها تعاني مِن تقلبات الأسواق العالمية لتصدير الغذاء، سواء بسبب الحروب والصراعات أو بسبب الجفاف والقحط وحرائق الغابات أو ارتفاع أسعار البترول وعلاقته الوثيقة بارتفاع أسعار الغذاء أو بسبب مضاربات البورصات لرفع الأسعار أو تقليص الدول المصدرة لمساحات زراعات الحبوب لرفع الأسعار.
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الحرب القائمة أدت إلى إغلاق الموانئ الأوكرانية وتوقف التصدير منها، وفي نفس الوقت فإن شركات الشحن البحري اعتبرت أن الموانئ الروسية مناطق صراعات وحرب، ما أدّى إلى وضع بدل مخاطر وزيادة رسوم التأمين على السفن لكونها ستبحر في مناطق حرب تعرضها للخطر، وفي هذا تكاليف إضافية على تعاقدات الاستيراد من روسيا وأيضًا تعاقدات التصدير إليها من موالح وبطاطس وبصل ومواد مصنعة.
ويتابع أن الحل يمكن في تنوع مناشئ استيراد الحبوب والغذاء لما له من فوائد اقتصادية كبيرة للدول المستوردة ويجنبها مخاطر الحروب والجفاف أو تراجع الإنتاجية والحفاظ على علاقات متوازنة مع مختلف الدول المصدرة للغذاء في العالم.
حذّر صندوق النقد الدولي من أن "الحرب في أوكرانيا تعني الجوع في إفريقيا"، بينما حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من "إعصار من المجاعات" يمكن أن يضرب العديد من البلدان الضعيفة في الأصل.
ووفقًا للباحث الفرنسي سيباستيان أبيس، فإن أوكرانيا قوة تصدير عظمى، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء ولا يوجد تعويض للإمدادات الأوكرانية مِن القمح أو الذرة أو زيت عباد الشمس الذي تُؤمّن كييف 50 في المائة منه في المبادلات التجارية العالمية حتى الآن.
ويقول: "نحن في أزمة عالمية، حتى لو توقفت الحرب غدا، ستكون هناك عواقب"، لا سيما بسبب تدمير جزءٍ مِن البنية التحتية اللوجستية في أوكرانيا.
وحذّر الباحث الفرنسي من أنه "كلما طال أمد الحرب، ازداد عدم الاستقرار العالمي، وإذا واجهنا أي خلل مناخي في المستقبل مثل الجفاف أو الأمطار فسيكون ذلك مأساويا".
كانت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) حذرت من أن 8 إلى 13 مليون شخص إضافيين قد يعانون من نقص التغذية في العالم إذا أوقفت الصادرات الغذائية من أوكرانيا وروسيا مدة طويلة، مقدرة أن المساحات المزروعة بالذرة وعباد الشمس "ستنخفض بنسبة 30 في المائة" هذا الربيع في أوكرانيا.