اشكاليات مثيرة تطفو هذه الايام على مختلف الاوساط السياسية والحقوقية والأمنية والعسكرية نتيجة تواصل هذه الخلافات حيث لا يزال مجلس نواب الشعب الى حد اليوم عاجزا عن البت في مشروع تنقيح القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء نتيجة تواصل الخلاف القائم حول مشروع إقحام الامنيين والعسكريين في المشاركة في الانتخابات بين من يدعو الى تطبيق مبدأ الحياد التام داخل هذه المؤسسات الامنية والعسكرية وبين من يعتبر ان هذا القانون هو حقا مواطنيا مدنيا من حقوق الانسان بحجة مساواة المواطنين في الحقوق والواجبات وحق المواطنة.
وفي خضم جل هذه التجاذبات والجدل القائم، نجد حركة النهضة من بين الأحزاب الرافضة لهذا القانون خاصة في الوقت الراهن الذي تعيشه البلاد من ارهاب وتهريب وعدة اشكاليات أخرى حيث طالبت حركة النهضة تأجيل قرار منح حق العسكريين والأمنيين في المشاركة في الانتخابات الى الـ 5 سنوات القادمة أي الى الانتخابات البلدية القادمة، وبناءا على هذا الموقف كثرت التأويلات والتفسيرات حيث أكدت أوضحت رئيسة لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية ونائبة حركة النهضة كلثوم بدر الدين في حوار لها مع موقع "زووم تونيزيا" بأن قرار الحركة يأتي بناءا على ما تعيشه البلاد في الوقت الراهن من حرب على الارهاب والتهريب اضافة الى ما تقتضيه هذه المؤسسات من حياد تام والبقاء كل البعد عن الشأن السياسي وخضوعها فقط للسلطة المدنية.
وفي مايلي نص الحوار:
منذ انطلاق مناقشة قانون الانتخابات، برزت لنا جملة من التجاذبات بين مختلف الكتل البرلمانية خاصة بخصوص الفصل المتعلق بإسناد حق الانتخابات للأمنيين والعسكريين في الانتخابات البلدية حيث تعتبر حركة النهضة من أبرز الكتل الرافضة لهذا القانون وهناك تأويلات كثيرة تقف وراء هذا الموقف، فكيف تفسرين ذلك؟
لا تحتكر كتلة حركة النهضة بهذا الموقف والعديد من الاحزاب الاخرى رافضة لهذا المقترح وبالرجوع الى المشروع الاصلي فأن الموقف الرسمي للحكومة والمجلس الوزاري الذي قام بتمرير هذا المشروع الى اللجنة هو كذلك الرفض بدافع الحاجة الى الحفاض على التماسك الامني خاصة وأن هذا القانون يقوم على مبدأ عدم مشاركة الأمنيين والعسكريين في الانتخابات كذلك نجد بأن رئيس الحكومة يوسف الشاهد كان كذلك من أبرز الرافضين لهذا المشروع وقد أعرب في عديد المناسبات استغرابه من موقف أحزاب الإتلاف إثر مصادقة المجلس الوزاري الذي يقتضي تناغم موقف الاحزاب الحاكمة ليتضح في ما بعد بأن نداء تونس وأفاق وبعض الأحزاب الأخرى مع تمرير هذا المقترح وتمكين الأمنيين والعسكريين من المشاركة في الانتخابات على عكس ما ينص عليه الفصل 18 و19 من الدستور التونسي والذي ينص على أمن جمهوري محايد تماما للسلطة المدنية ولا يمكن الزج به في خصال الحملات الانتخابية خاصة وأنها تعتبر الاسلاك الحاملة للسلاح.
إذن فان موقف الاصلي للحكومة كان عدم التصويت وحتى في اللجنة فقد كان التصويت بالتساوي ويبقى موقف حركة النهضة موقف حيادي فنحن لسنا بالناكرين في حق الامنيين في ممارسة حقهم في الانتخابات والمواطنة باعتبار أنهم مواطنين تكتمل فيهم جل شروط المواطنة لكن الاشكال المطروح اليوم هو المشكل الأمني ونحن نعلم جيدا انه على المؤسسة الامنية والعسكرين أن تكون محايدة ومتفرغة للحرب على الارهاب والتهريب وبالعديد من المهام الأخرى منها تأمين الانتخابات ذاتها وإسنادها لوجسيا وعملية الاقتراع تقتضي علينا دعوة الآلاف من القيادات الأمنية والعسكرية المسخرة لمهام الحرب على الإرهاب والتهريب والجريمة بأنواعها للتفرّغ لعمليّة التصويت فمن سيحمي هذه الانتخابات ومراكز الاقتراع؟ ومن سيحمي تونس في هذا الوقت؟ لذلك فان حركة النهضة تعتبر بأن هذه المؤسسات هي سلك نشيط والوضعية الحالية للبلاد ليست مستقرة خاصة مع التهديدات الارهابية وبالتالي فهم مواطنون ولهم جميع الحقوق التي ينص عليها الدستور لكن تبقى مسألة مشاركتهم في الانتخابات مسألة يجب تأجيلها الى وقت لاحق بمعنى ستكون لهم الأحقية في المشاركة في الاتخابات القادمة بعد انتخابات 2017 وذلك خدمة لمصلحة هذه الأسلاك ومصلحة تونس في ذات الوقت.
ومن جهة أخرى نحن نسعى لتجاوز هذا الاشكال وحركة النهضة حريصة جدا على مصلحة البلاد وقد طالبنا بدورة استثنائية لتمرير قانون الانتخابات على أمل الوصول الى توافقات في هذا المجال.
هل أن تعطل المصادقة على قانون الانتخابات يقتصر اليوم فقط على هذا المقترح أو توجد اشكاليات أخرى؟
احرزنا توافقات في معظم النقاط الخلافية لكن يبقى الجدل القائم حول مشاركة الامنيين من عدمها في الانتخابات من اهم النقاط الخلافية التي تعيق التوافق بالأساس إضافة إلى العتبة المرتبطة بنظام الاقتراع والعتبة المتعلقة بنظام التمويل والخلاف قائم الى اليوم حيث تم التوافق في مرحلة أولى على نسبة 3 في المائة لكن تم التراجع عن هذه النسبة وتخفيضها الى 2 في المائة كشرط ادني في استرجاع مصاريف التمويل الذي وقع التصويت عليه في الفصل الأول وهو ما يمثل موضوع جدل ونقاش.
كيف سيتم تجاوز هذا الاشكال خاصة مع تواصل فشل لجنة التوافقات في الوصول الى حل جذري علاوة على وجود نية تتجه الى تأجيل الانتخابات البلدية الى 2018 ؟
الحل حسب اعتقادي هو التوصل الى توافق في حل من الحلول الموجودة والمتمثلة في تأجيل هذا المقترح الى موعد الانتخابات القادمة أو التوافق على عدم التصويت على هذا المقترح في الوقت الراهن أو تمرير هذا المشروع كما هو عليه في الجلسة العامة وسيكون التصويت هو الفاصل النهائي في هذا الموضوع.
هل من الممكن وفي صورة تواصل هذه التجاذبات أن تتراجع حركة النهضة عن قرار رفضها لهذا المشروع وتصوت لصالحه ؟
حركة النهضة لم تحدد بعد قرارها النهائي من هذا المشروع لكنها في نفس الوقت متمسكة في موقفها وفي صورة تمرير هذا القانون فمثل ماذكرت سابقا سيكون التصويت في الجلسة العامة هو الفاصل في هذا الموضوع.