واِعتبرت هذه المنظمات، في بيان مشترك ، أنّ هذه المبادرة بمثابة الانقلاب على أحكام الباب الخامس من الدستور ومحاولة للرجوع إلى سياسة وضع اليد والسيطرة على القضاء، مُشدّدين على أنّها لن تحل الأزمة وإنما ستعمقها وستضرب استقلالية المجلس كما ستساهم في تعميق اهتزاز ثقة المواطن فيه مما سينعكس سلبا على حسن سير وأداء هذه المؤسسة الدستوريّة الوليدة.
كما اِعتبر الممضون على البيان المشترك أنّ هذه المبادرة انحرافا خطيرا بدور السلطة التشريعية وبآلية سنّ القوانين وتمثل خروجا بها عن الغاية التي وجدت من أجلها عبر تطويعها لمصالح سياسيوية ضيّقة لا تعكس مطلقا إرادة الشعب وسيادته، مُؤكّدين تمسكهم بالحل التوافقي المنبثق من داخل المجلس الأعلى للقضاء والمضمّن بالمبادرة التي أطلقها الرئيس الأوّل للمحكمة الإداريّة ورئيس المحكمة العقاريّة ووكيل الرئيس الأوّل لدائرة المحاسبات والتي أمضاها ما يزيد عن ثلثي الأعضاء.
المنظمات الممضية على البيان اِعتبرت أيضاً أنّ تجاهل رئيس الحكومة لذلك الحلّ التوافقي يشكّل انحيازا لرأي أقلي من أعضاء المجلس وفيه مخالفة للفصل 15 من الدستور وينطوي على ازدراء لموقف أغلبي توافقي مطابق للقانون، مُحذرة من التمادي في مبادرة تشريعية مخالفة للدستور وللمعاهدات والمواثيق الدولية المصادق عليها وفيها اعتداء على استقلال القضاء بما يجعلها سابقة في المجال التشريعي ستكون مدخلا لاعتداءات مستقبلية على كل الحقوق والحريات المضمونة بالدستور والقانون لخدمة أغراض لا صلة لها بالوظيفة التشريعية وتتنافى ومقتضيات إرساء دولة القانون والمؤسسات.
هذا ودعت المنظمات مجلس نوّاب الشعب إلى النّأي بالسلطة التشريعيّة عن انتهاج حلول مخالفة لأحكام الدستور والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس، وتدعوهم إلى رفض الانخراط في هذا المسار الذي يؤسس إلى تداخل السلط وإخضاع المجلس الأعلى للقضاء إلى المحاصصة الحزبية السياسية الضيقة، كما تدعو عموم القضاة وكافة مكونات السلطة القضائية ومنظّمات المجتمع المدني إلى التزام اليقظة والثبات في المحافظة على ما تحقق للشعب التونسي من مكتسبات دستورية مكرسة لاستقلال القضاء كالمحافظة على مسار تركيز سلطة قضائية مستقلة وضامنة للحقوق والحريات . وهو ما يتطلّب توحّد الجميع والتجنُّد للنضال بالوسائل القانونية والسلمية لإسقاط المُبادرة التشريعية إذا وقع تمريرها.
يُذكر أنّ مبادرة رئيس الحكومة تنص على أنّ الشخص الذي يدعو لاِنعقاد المجلس الأعلى للقضاء هو رئيس مجلس نوّاب الشعب في أجل أقصاه عشرة أيام من تاريخ دخول هذا القانون حيز النفاذ، ولا تكون هذه الدعوة قابلة للطعن بأي وجه من الأوجه.
للإشارة فإنّ المنظمات الممضية على البيان هي كل من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية، الجمعية التونسية للمحامين الشبان، رابطة الناخبات التونسيات، منظمة 10_23 لدعم مسار الانتقال الديمقراطي، جمعية تالة المتضامنة، الشبكة الوطنية لمكافحة الفساد، مركز دعم الانتقال الديمقراطي و ثقافة حقوق الإنسان و الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان.