مقاﻻت رأي

سنواصل المشوار..يا بروفيسور

مراد الشارني | الثلاثاء، 24 مارس، 2015 على الساعة 23:48 | عدد الزيارات : 1668
رحل اليوم ، الثلاثاء 24 مارس 2015 ، البروفيسور المنصف بن سالم وزير التعليم العالي السابق و المناضل ضد بن علي و نظامه الارهابي..  

في الحقيقة ، و بدون مبالغة ، الدكتور بن سالم يعتبر قيمة علمية و نضالية نادرة في منطقتنا العربية و في العالم بأسره..فالرجل جمع بين التميز العلمي و الأكاديمي (دكتوراه دولة في ثلاث اختصاصات علمية مختلفة) ، و النضال و الصمود الأسطوري أمام أعتى أنظمة الفساد و الاستبداد و الإرهاب في العالم العربي..

البروفيسور بن سالم لم تشفع له لا مكانته العلمية و الأكاديمية ، و لا علاقاته الممتدة في مختلف الأوساط الجامعية و مراكز البحوث العالمية ، ليجد نفسه في مواجهة مع "رئيس دولة" فاسد و مستبد و جاهل في نفس الوقت !نكل به و بكل من قال لا للظلم..لا للاستبداد..لا للفساد !

الإرهابي بن على ، و تحت غطاء إعلامي صدع رؤوسنا قبل الثورة – قبل أن يلبس لبوس النضال من أجل "الفلفل" و يتمرد على المؤسسات المنتخبة بعد 14 جانفي – بالحديث عن "إنجازات التغيير" و "دولة القانون و المؤسسات" ، و بتخطيط و "تنظير" من نخبة معقدة لا تعرف من "الحداثة" سوى مقولات الاستئصال و الاجتثاث لكل ما هو هوية و ثقافة عربية و إسلامية ، نكل بالبروفيسور و إخوته و "رفاقه" ممن قالوا لا حين كانت الأغلبية إما رافضة للوضع "سرّا" ، أو "محايدة" ، أو "مناشدة" !

نظام بن علي الإرهابي كان "حرفيا" و "شديد الالتزام" بخطة "تجفيف المنابع" ، التي وضعتها نفس النخب "الحمراء" الإستئصالية التي هاجمت الدكتور بعد الثورة و نعتته ببائع "المعدنوس" و أطلقت ضده و ضد شركائه في مسيرة التحرر و الإصلاح حملة "بقداش كيلو النضال؟" ، إذ منع كل مقومات الحياة عن الدكتور..فبعد الملاحقات الأمنية و التعذيب و السجون ، انتقل البروفيسور إلى سجن كبير في قرية في صفاقس أين حرم من حريات إنسانية أساسية يتمتع بها الإنسان حتى في أكثر البلدان تخلفا في مجال احترام حقوق الإنسان..كالتنقل و الاتصال بالناس و العلاج و البريد و الهاتف..و و التلفاز و حتى قنوات "التطهير" التي كانت تمر من كل الأنهج بقرية الدكتور باستثناء النهج الكائن به منزله !

رحل البروفيسور بعد صراع مع المرض و مخلفات اللإستبداد، و سيذكره التاريخ و الصادقون من المؤرخين بخصاله الشخصية و العلمية النادرة ، و بنضالاته البطولية ضد نظام الإرهاب و الفساد النوفمبري ..و سيواصل الشباب التونسي ، الذي أسقط رأس الإرهاب ، و الذي يحلم بدولة عادلة ، متقدمة ، و متصالحة مع هويتها ، النضال على نهج البروفيسور بن سالم و كل المصلحين التونسيين من قبله..و سيذهب كل من شوّه بن سالم ، و كل من شارك في "جوقة الاستئصال" و التطاول على المناضلين و المناضلات إلى مزبلة التاريخ...
رحم الله البروفيسور..رحم الله كل العلماء و المناضلين !