مقاﻻت رأي

جيش وأمن تونس : الاستثناء الناجح في دول الربيع العربي

محمد علي الدراجي | السبت، 1 أكتوبر، 2016 على الساعة 12:00 | عدد الزيارات : 5632
تدعمت لدى الرأي العام التونسي أيام الاقتراع خلال الانتخابات التشريعية سنتي 2011 و 2014 وكذلك خلال الانتخابات الرئاسية 2014 صورة الأمن الجمهوري والجيش الوطني الذين نجحا في حماية مسار الانتقال الديمقراطي عبر تأمين المناخ العام لاجراء الانتخابات و عبر حمايةة صناديق الاقتراع الحاملة لأصوات الناخبين الذبن وثقوا في الجيش الوطني وكل أفراده و أعوانه وفي الأمن الوطني بكل طوا

ولم تكن ثقة الناخب في "حاملي السلاح" مبنية على العاطفة ولا على التمني بقدر ما كانت لديه قناعة أن الجيش الوطني ( قادة وجنودا ) برهن منذ الاستقلال ولا يزال على حياديته التامة إزاء شؤون السياسة وانحيازه للوطن ولخيارات الشعب وسار قطاع الأمن على منواله - رغم بعض الفترات السوداء - خاصة بعد الثورة حيث يسعى الأمن الوطني بكل أسلاكه مع السياسيين - من مختلف الانتماءات والمرجعيات - ومع كل مكونات المجتمع المدني ومع الشعب التونسي إلى ترسيخ قيم العدالة والحرية والكرامة الذي يمثل الأمن الجمهوري ركيزتها الأساسية .
ارتسمت صورة في وجدان التونسيين عن نزاهة و رجولة و انضباط أعوان كل الأسلاك الأمنية فلم يكتفوا باستئمانهم على صناديق الاقتراع بل صاروا يفخرون بدور الجيش والأمن خلال الاستحقاقات الانتخابية و يتباهون بجنود جيشهم الوطني وبأعوان أمنهم الجمهوري المختلفين جدا عن نظرائهم في بلدان الربيع العربي . ففي تونس شاهدنا جنديا يتلقى وردة من طفلة رافقت والدها الى مركز الاقتراع ورأينا شرطيا يساعد ضريرا للوصول الى خلوة الاقتراع في مشاهد تبرز الرضى والتفاهم والتناغم بين الشعب وحافظي نظامه وأمنه وبرزت تلك اللحمة كلما وجدت قواتنا المسلحة نفسها في مواجهة آفة الارهاب (حادثة حافلة الأمن الرئاسي و عملية بن قردان .. إلخ ) .. بينما فشلت بقية دول الربيع العربي في السير على خطى تونس ونموذجها الذي تمثل حيادية الأمن والجيش أحد أبرز ركائزه .
الحيادية السياسية ليست استنقاصا من حق الجندي او عون الأمن بقدر ماهي مفخرة وشرف له بحيث تبين مدى نضجه وانضباطه ووطنيته لأن المواطن حين يلتحق بسلك أمني أو عسكري يصبح تركيزه كليا على أداء مهامه وتنفيذ الأوامر بقطع النظر عن الموقف السياسي لزملائه و لقادته لذلك - وحفاظا على تماسك الوحدات المسلحة - كان لزاما على كل المنتمين إلى المنظومتين العسكرية والأمنية أن يتجردوا من كل الشوائب والمعوقات التي تؤدي الى التفرقة وتشتيت الجهد . وبناء على ذلك فإن اقحام حاملي السلاح في الانتخابات يمثل مدخلا للفتنة والتطاحن و التباغض مما يؤثر سلبا وبدرجة هامة على أداء المؤسستين وعلى مستوى الثقة بينهما وبين الشعب وعلى التلاحم والتآزر الشعبي لأن الصورة الوردية ستصبح قاتمة حينما يحمي الجندي أو الشرطي صندوق اقتراع يحمل صوته وزملاءه ولا يمكن الحديث حينها عن الأمانة وعن الانضباط وعن الثقة .
سننجح كشعب تونسي في مسار الانتقال الدبمقراطي عندما نضمن للأجيال القادمة أن يذهبوا الى صندوق الاقتراع مطمئنين على شفافية الانتخابات بادارة هيئة مستقلة ونزيهة و بضمان حياد الجيش الوطني والأمن الجمهوري عن الشأن السياسي .