مقاﻻت رأي

أي نتائج  وأيّ خيارات للحملة الانتخابية للائتلافات والأحزاب اليسارية؟

زووم تونيزيا | السبت، 13 سبتمبر، 2014 على الساعة 00:54 | عدد الزيارات : 1569
  يتميز واقع اليسار بغموض كبير إذ تكرّس التشتت داخله في الفترة الأخيرة، وهو ما أثبتته قراءة أغلب المُتابعين…
لقائمات اليسارية المترشحة للانتخابات التشريعية، وما أكده أيضا تشكل تنظيماته وأحزابه في اكثر من 3 تحالفات  انتخابية بل والاختلاف في دوائره أيضا حول المرشح الرئاسي (حمة الهمامي  – الباجي قائد السبسي –  كمال النابلي...)،  ورغم ذلك كيف يُمكن لليسار قبل المحطة الانتخابية بنسختيها التشريعية والرئاسية، تجاوز حالة التشرذم والانقسام داخل كل مجموعة سواء تنظيميا أو سياسيا؟، وهل يمكن لليسار اعتماد استراتيجية تتّسم بواقعية وفاعلية في التفكير وفي النضال؟، و هل يمكن لقياداته توخي أساليب جديدة لتجديد بنية   أحزابه قبل وبعد انتخابات 26 أكتوبر القادم؟ 1-  الاتحاد من أجل تونس: تحالف ام يافطة انتخابية  للمسار وهو تحالف كاد يقارب على نهايته بعد مغادرة الحزب الجمهوري بداية السنة الحالية، وبعد قرارات الدورة الخامسة للمجلس الوطني لنداء تونس  في نهاية ماي، والتي قررت خوض النداء الانتخابات بقائماته الحزبية وباسمه، و رغم ذلك أصر حزب المسار و بدعم من الأمين العام لنداء تونس الطيب البكوش، على  وجوده كتحالف وكــيافطة انتخابية وفعلا تم ذلك، وهو عمليا نسخة جديدة ومكررة لتجربة القطب الحداثي (التجديد – الاشتراكي – يساريين مستقلين) و الذي شُكل عشية انتخابات المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر  2011... ويتشكل الاتحاد من اجل تونس كيافطة انتخابية من: -        حزب "العود"(العمل الوطني الديمقراطي): وهو جزب يساري تعود اصوله الفكرية لتيار الشعلة، يقوده الجامعي عبدالرزاق الهمامي، وقد مُنح عمليا  ترأس 3 قائمات انتخابية فقط ضمن التحالف... -        حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي:  بقيادة سمير بالطيب (والذي  صعد لرئاسة الحزب بدلا عن أحمد إبراهيم، بعد مؤتمر جوان الماضي)، وهو عمليا الحزب المحوري في التحالف حيث ترأس أعضاؤه اغلب القائمات المترشحة باسم التحالف... -        بعض اليساريين المستقلين وبعض المستقيلين  أخيرا من نداء تونس والذين منحوا بعض المقاعد داخل القوائم الانتخابية وترأس بعضهم بعض الدوائر... و عمليا لم يتقدم التحالف  في كل الدوائر،  كما لا يزال مُترددا في الرهان الرئاسي بين ترشيح سلمى بكار و بين دعم السبسي أو مساندة النابلي والمراهنة عليه،  و الخيار الأخير هو الأقرب واقعيا وعمليا  لطبيعة توجهات بعض قيادات التحالف  وعلاقاتهم اللوجستية وخياراتهم الفكرية و المستقبلية.... اما نتائج التحالف فهي مرهونة بطريقة خوض الحملة الانتخابية وطبيعة الخطاب السياسي المعتمد فيها، وفي كل الحالات لن يتجاوز عدد المقاعد المتحصل عليها من طرف التحالف الخمس مقاعد في حد أقصى. 2-         الجبهة الشعبية: الرهان على الموقع الثالث انتخابيا وهي عمليا اكبر التحالفات اليسارية في الساحة السياسية سواء من حيث عدد المكونات او من حيث حضورها الإعلامي والسياسي او من خلال علاقاتها الداخلية  و الخارجية، رغم انسحاب أكثر من  6 مكونات مؤسسة لها ( حركة الشعب- حزب الغد – الوطد الثوري- الجبهة الوحدوية – الديمقراطيون الاجتماعيون- النضال التقدمي – تونس الخضراء)... تتكون الجبهة حاليا من الأحزاب والمكونات المتمسكة بها: -        حزب العمال بقيادة حمة الهمامي و وترأس عمليا 7 دوائر انتخابية، وسيكون امينه العام حمة الهمامي مر شح الجبهة للرئاسية رغم عدم تقدمه رسميا الى حد كتابة المقال. -        حزب  الوطد الموحد بقيادة زياد لخضر رئيس دائرة بن عروس وقد ترأس الحزب 5 دوائر انتخابية... -         الحزبين البعثيين: أي حركة البعث بقيادة محمد الحبيب الكراي وحزب الطليعة بقيادة احمد الصديق وقد تمكن الأول من ترأس 4 قائمات في حين سيكون رئيس الحزب الثاني رئيسا لقائمة تونس1. -         القطب الحداثي: وهو حزب يقوده الإعلامي ورجل الاعمال رياض بن فضل، وسيترأس قائمتين انتخابيتين منهما دائرة تونس2 ( لطفي بن عيسى). -        الحزب الشعبي للحرية والتقدم بقيادة جلول عزونة وقد منح قائمة انتخابية وحيدة... -        رابطة اليسار العمالي: ويقودها نزار عمامو بعد انسحاب جلال الزغلامي (ترأس قائمة مستقلة في الكاف)، منها ومن مجلس أمناء الجبهة الشعبية ، وقد تراست 4 قائمات انتخابية.... -        التيار الشعبي: وهو حزب اسسه الشهيد و المرحوم البراهمي، يفوده حاليا زهير حمدي وقد عرف أخيرا عددا من الهزات التنظيمية، وقد تمكن من ترأس  4 قوائم في الجبهة الشعبية... -        عددا من اليساريين المستقلين والقريبين أساسا من الوطد أو حزب العمال على غرار الناصر البراهمي(ترأس قائمة زغوان)، وقد منحوا 4 قائمات.... ورغم ان الجبهة تراهن عمليا على المرتبة الثالثة مثلما ذهبت الى ذلك اغلب اتجاهات التصويت، فان وامل عدة من بينها طريقة إدارة الحملة الانتخابية  ستكون حاسمة في حصول  الجبهة على عدد من المقاعد من عدمه، وهو ما قد يبوئها فقط المرتبة الرابعة أو الخامسة انتخابيا بعد النهضة والجمهوري والنداء و التكتل ( او المؤتمر).... 3- الجبهة الوطنية للإنقاذ:  التحالف الوليد وهو ائتلاف يساري جديد، شُكل أخيرا بعد الجدل الذي حدث في تحالف الاتحاد من اجل تونس، وقد ترشح في 18 دائرة انتخابية واعلن ان النابلي هو مرشح التحالف للانتخابات الرئاسية،  و يتكون هذا التحالف الناشئ من المكونات التالية: +  حزب ثوابت: حزب بعثي مقرب من سوريا بقيادة شكري الهرماسي  ... + حزب الحركة الوطنية : وهو حُزيب صغير يقوده التهامي العبدولي( ترأس قائمة سيدي بوزيد)... +  الوفاق الجمهري: حزب سياسي دخل وحرج من عديد التحالفات يمينا ويسارا، و هو حزب يقوده العسكري السابق مصطفى صاحب الطابع +  التيار القومي الديمقراطي ممثلا في حزب الجبهة الشعبية الوحدوية بقيادة الأستاذ عمر لماجري( ترأس قائمة زغوان)، وبعض الوجوه الفكرية على غرار الكاتب توفيق المديني ( ترأس قائمة باجة) ... + عددا من الأحزاب الصغرى وعددا من المثقفين والمحامين...) عمليا من الصعب لهذا التحالف الوليد الحصول على عدد كبير من المقاعد لانحسار شعبية مكوناته وعدم واقعية خطابه السياسي بل ان البعض من المتابعين تساءل: كيف لمكونات اتهمت الجبهة الشعبية بانها حديقة خلفية لليمين الليبرالي ان يرشح النابلي المحسوب على صندوق النقدي الدولي والدوائر المالية العالمية؟ 4-  بقية الأحزاب اليسارية: مقعد أو اثنين في حد أقصى وهي الأحزاب اليسارية التي رفضت دخول أي من التحالفات اليسارية السابقة والمشار اليها أعلاه، او غادرتها لسبب من الأسباب، واهم هذه الأحزاب هي : -         الحزب الاشتراكي: ويقوده محمد الكيلاني وقد ترشح في عدد من الدوائر بعد ان كان عضوا مؤسسا في تحالف الاتحاد من أجل تونس -         الوطد الثوري: بقيادة جمال لزهر، غادر الجبهة الشعبية بسبب التحالف مع النداء وبسبب قراءته المختلقة للساحة  وترشح في عدد من الدوائر بقائماته الانتخابية .... -         النضال التقدمي: يقوده الأستاذ محمد لسود، و ينطبق عليه ما ينطبق على الوطد الثوري.... -         تونس الخضراء: يقوده عبدالقادر الزيتوني، ترشح في دوائر قليلة ورفض القانون الانتخابي ... -         حركة الديمقراطيين الاجتماعيين: انسحبت أخيرا من الجبهة الشعبية على خلفية منح قائمة سيدي بوزيد للتيار الشعبي ( أرملة البراهمي)، وقد ترشحت الحركة في عدد من الدوائر..... ومن الصعب علي هذه الأحزاب حصد اكثر من مقعد او اثنين لبعضها فقط في الحد الأقصى لطبيعة خطاب بعضها ولقلة حضورها شعبيا ونقص في الامكانيات المادية والبشرية واللوجستية، وأيضا بسبب تغييب بعضها إعلاميا. 5- يساريُو النداء: مستقبل مفتوح على كل الخيارات انضمت للنداء منذ تأسيسه العديد من وجوه أقصى اليسار على غرار الطاهر بن حسين (صاحب قناة الحوار و القيادي السابق ببرسبكتيف، وقج استقال أخيرا وشكل قائمات باسم تيار المستقبل) ومصطفى التواتي(رئيس ح.القوى التقدمية والذي استقال أيضا بسبب عدم منحه رئاسة قائمة جندوبة وقال ان الباجي يتحكم وحده في الحزب) و محسن مرزوق(القيادي السابق بتيار الوطج الماركسي في نهاية ثمانينات القرن الماضي) وبشرى بلحاج حميدة(أحد قيادات اليسار الطلابي في بداية الثمانينات) ولزهر العكرمي (أحد قيادات أجنحة الوطد في الثمانينات)  و نورالدين بن تيشة ( الذين كان منتميا لاتحاد الشباب الشيوعي في بداية التسعينات)، كما ضمت  الهيئة وجوها  تدعي انتسابها للتيار الحداثي واليساري على غرار سعيدة قراش (وطد) و رجاء بن سلامة وألفة خليل وحمادي الرديسي(من الوجوه التاريخية لتيار الشعلة رغم انشقاقه في نهاية السبعينات) وخميس كسيلة (زعيم تيار اليمين الجديد في نهاية السبعينات ورئيس قائمة تابل2) كما انضمت قيادات من حركة التجديد على غرار بوجمعة الرميلي وعادل الشاوش ومهدي عبدالجواد و آخرين، كما عمل كل البكوش و كسيلة ورضا بلحاج علل ضمّ العديد من  اليساريين وخاضوا صراعات مع الشق التجمعي خاصة منذ افريل الماضي ، كما أن أغلب النقابيين المُلتحقين بالحزب منذ تأسيسه هم من اليساريين أساسا على غرار الصحراوي الذي كان قريبا من حزب العمال والغضباني (المحسوب على الوطد) ومصطفى بن حمد، ومع ذلك فان اليساريين يعيشون اياما صعبة في النداء وهمشوا واقعيا في التنسيقيات الجهوية والمحلية وأخيرا في القائمات الانتخابية حيث أسندت رئاسة أغلب القائمات لوجوه تجمعية ودستورية معروفة، ويبقى مستقبل يساري النداء في الحزب  مفتوح على كل الخيارات قبل وبعد المحطات الانتخابية  القادمة...، على ان موقع مرزوق والعكرمي سيبقى مرتبطا برئيس الحزب بينما سيرتبط مستقبل بقية يساريي النداء بطبيعة التطورات السياسية إقليميا ووطنيا وطبيعة الصراع بين شقي الحزب وطبعا بنتائج الجزب في التشريعية والرئاسية... 6- الخلاصة رغم تكرّس التشتت داخله، بحيث اصبح هناك أكثر من 3 ائتلافات انتخابية  بدلا عن الجبهة الموحدة التي تأسست في أكتوبر 2012 كوريثة لجبهة 14 جانفي (التي أسست عشية انتصار الثورة التونسية)،  فانه يمكن الجزم أن مستقبل اليسار قبيل  الانتخابات القادمة وبعدها أيضا، اصبح مرهونا بمسألتين: 1- ضرورة أن يتمكن اليساريون من تجاوز حالة التشرذم والانقسام داخل كل مجموعة سواء تنظيميا أو سياسيا، خاصة وأنّ مُبَرّرات الانقسام لم تعد مطروحة، لان العكس يعني أن اليسار سيظل ضعيفا و لأن من مصلحة قُواه أن تتوحد على برنامج الحدّ الأدنى وتعميق الحوار الديمقراطي بين جميع مٌكوناتها والابتعاد عن خدمة النهضة والنداء بطرق مجانية . 2- ضرورة اعتماد منهج يتّسم بواقعية وفاعلية في التفكير وفي النضال، واعتماد أساليب جديدة لتجديد بنية تلك الأحزاب، والإقلاع عن منطق شيطنة الخُصوم السياسيين بغض النظر عن هوياتهم الفكرية وحتى يمكن واقعيا المراهنة على الموقع الثالث ولما لا الثاني... الفجر بتاريخ 12-09-2014