مقاﻻت رأي

السر الاعظم وراء اسطورية "المقاومة"

زووم تونيزيا | الخميس، 28 أوت، 2014 على الساعة 10:51 | عدد الزيارات : 1481
"كتائب القسام" بألويتها المتعددة و عشرات ألوف الجنود و القادة في صفوفها , بصواريخها و راجماتها و طائرات…
ستطلاعها , بمئات أنفاقها و كمائنها و مقار السيطرة و التحكم الثابتة و المتحركة , بربع مليون رماناتها و ألغامها البرية و البحرية منها و أيضا بمفاجاتها التي لم تلجأ اليها بعد , لم تكن تلك الترسانة سببا وراء عدم استسلامها و انهيارها .ان كتائب القسام صممت و أنشئت لتبقى حتى تدخل بيت المقدس و أظهرت قدرة أسطورية على البقاء طيلة تاريخها رغم كل المحاولات لخلخلتها .فكتائب القسام لم تتجاوز ترسانتها ال 8 مسدسات عام 1992 . نعم سيدي القارئ 8 مسدسات فحسب فتشت اسرائيل من أجلها القطاع بيتا بيتا زقاقا زقاقا و رصدت من أجلها مبالغ خيالية لضبطها .فما الذي كان يحدث وقتها و حال دون تسلح الكتائب كغيرها من الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية ؟ما الذي حال دون تنفيذ كتائب القسام لعمليات استعراضية هزت العالم كغيرها من المنظمات الفلسطينية طيلة عقود من الزمن ؟ لقد اختارت حركة المقاومة الاسلامية حماس بالتنسيق مع باقي الفصائل أن لا "تعسكر" الانتفاضة الأولى -1987 الى 1991- حتى لا تعطي دولة الاحتلال ذريعة لسحقها من جهة و لتبرز من جهة أخرى الشعب الفلسطيني للعالم في صورة الشعب المسالم المتحضر الذي يقارع بالحجارة و القوارير أبطش قوة عسكرية في العالم .و أحسن الشعب الفلسطيني حبك و اخراج خطته و التي و ان لم تثمر تحريرا لفلسطين الا أنها أثمرت نصرا تكتيكيا تمثل في ارغام دولة الاحتلال على القبول بسلطة فلسطينية تدير شؤون الضفة و القطاع .و طيلة كل تلك السنين التي سبقت الانتفاضة أو تخللتها لم تحرص حركة المقاومة الاسلامية انذاك على التسلح و التدريب بقدر ما حرصت طيلة تلك لعقود على تربية شبابها و تعليمهم لاعداد جيل بأكمله يتقن قيادة شعب بأكمله نحو النصر و التحرير. لقد بدا واضحا و مبكرا منذ العام 1992 حين فشل الاحتلال رغم ابعاد 416 من قادة حماس الى جنوب لبنان -عقب عمليتي اختطاف جنود احدهما في الضفة و الاخرى في القطاع - فشل في اخماد جذوة المقاومة الشعبية و اضطر بعد شهور الى القبول بعودتهم الى ديارهم .و استمرت حركة المقاومة الاسلامية في العمل في صمت لتخريج المزيد من القادة السياسيين و العسكريين من مختلف الجامعات المحلية و في الشتات الذين ستوكل اليهم فيما بعد عهدة قيادة الشعب الفلسطيني و عسكرة مقاومته بالشكل الحالي باتجاه التحرير الحقيقي للأرض . الا أن الفعل المقاوم طيلة عقود و سنوات الاعداد تلك كان يتدرج تصاعديا من الحجارة الى السكين فاختطاف الجنود وصولا الى العمليات الاستشهادية بحلول العام 1996 و الذي شكل المنعرج الحقيقي في مسيرة المقاومة الفلسطينية و على رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام .فالكتائب صارت منذ ذلك التاريخ واقعة بين مطرقة الاحتلال و سندان "السلطة الوطنية" التي دخلت الاراضي الفلسطينية عقب اتفاق اوسلو و صارت مجبرة بموجبه باحباط أي عمل من شأنه استهداف أمن دولة الاحتلال . ففتحت "السلطة الوطنية" أبواب سجونها في وجه قادة حماس التاريخيين و تتكثف اعتقالاتها عقب كل عملية للمقاومة .الا أن حماس و كتائبها اختارت كظم الغيض و عدم الرد على السلطة لتعطي نفسها فرصة مزيد من الوقت للاعداد و التدريب السري . الا أنه في ذات جوان 2007 و بعد أن تحولت "السلطة الوطنية" في غزة الى ممثل رسمي لدولة الاحتلال و رفضت نتائج انتخابات 2006 التشريعية التي أفرزت فوزا ساحقا لحماس , فاجأ الالاف من مسلحي كتائب القسام العالم باجتياحهم المتزامن لجميع المقار الأمنية للسلطة بشرطتها و مخابراتها و أمنها الوقائي لتبسط في يومين سيطرتها المطلقة على كامل قطاع غزة.لقد انهارت "السلطة" كليا و فر قادتها الى دولة الاحتلال التى استقبلت بعضهم و سمحت للبعض الاخر بالمرور الى الضفة الغربية عبر أراضيها .و كشفت أطنان الوثائق و المواد التي تم ضبطها في مقار "السلطة" حجم التعاون و التنسيق الامني خدمة لدولة الاحتلال .كما شكلت ترسانة الأسلحة الضخمة التي وضعت القسام يدها عليها العمودي الفقري لتسليح مجاميعها التي تحولت رسميا و واقعيا الى جيش توفرت له لاحقا كل عوامل التأسيس و التطور تدريجيا . و هكذا بين تجارب الفصائل الفلسطينية المختلفة التي هزت عملياتها النوعية العالم بفضل الدعم الضخم انذاك من حلفائها و مضيفيها دون أن تتمكن من تحرير شبر واحد من الأرض , و بين حماس و كتائبها التي اختارت الاستثمار في الانسان الفلسطيني مع ما اقتضاه ذلك من عمل و صبر عقود و قضاء قادة و مؤسسين دون أن يجنوا ثمرة أعمالهم في محياهم . الا أن ملائكة السماء اليوم و هي ترفع أرواح مزيد من الشهداء الى جنان الخلد باذن الله , لتخبر القادة و الشهداء الذين قضوا دون أن يستطيعوا اطلاق رصاصة واحدة ليحتموا بها من قاتليهم , أن تلاميذهم اليوم أطلقوا بدل الرصاصة صواريخ و حققوا لهم حلمهم في أن يحرروا أول جزء من فلسطين و تعجز دولة الاحتلال على استرجاعه رغم كل ما ارتكبت من جرائم .