مقاﻻت رأي

الثورة الليبية : محطات,تحديات ومآلات..هل تتجه ليبيا إلى المجهول؟

زووم تونيزيا | الثلاثاء، 19 أوت، 2014 على الساعة 23:57 | عدد الزيارات : 1470
يكاد يجمع الملاحظون على العسر الواضح في تحديد اللاعبين السياسيين الرئيسيين في الساحة الليبية  و صعوبة…
لتمييز بين معالك كل طرف منهم فسنوات حكم معمر التي فاقت الأربعين و التي لم يعتمد فيها على ذاته فحسب بل دمر كل مظاهر الحياة السياسية و استأصل اول جذورها التي ظهرت مع تجربة الملكية الدستورية. كما كان لطريقة التغيير العنيف و المسلح التي توخاها الليبيون نتائج عمقت من السابق من جهة انتشار السلاح و بروز تشكيلات مدججة به لا تخضع لسلطة الدولة. سنحاول في هذا الصدد تتبع أبرز المراحل التي مرت بها الثورة الليبية متوخين الدقة و معلقين على التواريخ المفصلية مقترنة بالشخصيات المؤثرة مع بيان دور كل منها و تعريف موجز لها . 1-    27 فيفري 2011 : تأسيس المجلس الوطني الإنتقالي و انتخاب وزير العدل المستقيل و أصيل مدينة البيضاء مصطفى عبد الجليل رئيسا له ( التكوين كان عاجلا و ضم خليطا يكاد يجمع أبرز الفاعلين آنذاك. 2-    20 أكتوبر 2011 : مقتل القذافي على أيدي ثوار 17 فبراير ( تم قتل الشاب عمران بوكراع الذي وجد معمر قبل حوالي سنة من الآن من طرف قبيلة معمر: مسألة الثأر مهمة جدا رغم رمزية كل من الاول و الثاني). 3-    14 مارس -23 أكتوبر2011 : تنصيب حكومة محمود جبريل (محسوب على اللبراليين شغل منصب رئيس المجلي الوطني للتخطيط و عمل في مشروع ليبيا الغد مع سيف القذافي) من قبل المجلس الوطني الإنتقالي و قد خاضت الحكومة معارك على واجهات دبلوماسية و عسكرية لإسقاط النظام و إنتزاع الإعترافات الدولية. 4-    23 أكتوبر-24 نوفمبر 2011 : حكومة  علي الترهوني (معارض محكوم بالإعدام غيابيا منفي في أمريكا منذ الثمانينات من أقرب الوجوه الليبية لأمريكا و من أكثر المشتغلين على قضية المرأة و التمكين لها). 5-    أكتوبر2011-سبتمبر 2012 : حكومة عبد الرحيم الكيب (معارض منفي منذ السبعينات). 6-    7 جويلية 2012 : انتخاب المؤتمر الوطني العام. 7-    12 سبتمبر 2012 : انتخاب مصطفى أبو شاقور لتشكيل الحكومة. 8-    7 أكتوبر 2012 : عزل أبو شاقور(معارض منفي منذ ثمانينات القرن الماضي و دكتور صاحب عدة براءات اختراعات) لفشله في تركيب الحكومة (محاولة انقلاب على إرادة التيار الإسلامي الذي زكاه للمنصب ولعبة لي ذراع انتهت على هذا الشكل). 9-    14 نوفمبر: على زيدان(معارض ليبي سابق مقيم بكل من أمريكا و سويسرا و ألمانيا و حاصل على جنسية الأخيرة) يؤدي اليمين رئيسا للحكومة الليبية بعد مخاض عسير. 10-                      3 فيفري 2014 : المؤتمر الوطني العام يسحب الثقة من رئيس الوزراء علي زيدان بعد مناكفات و مماحكات بينه و بين عدة كتل و مكونات على رأسها العدالة والبناء. ملاحظات : -         شهدت هذه الفترة خاصة منها الأخيرة بعدم الإستقرار و الازمات المزمنة لحالة الفراغ و انتشار السلاح و تنامي البعد القبلي و المناطقي  و توفر الأرض الخصبة للتدخل الأجنبي بمختلف مستوياته, كل هذا غذاه عدم وعي من رأس الدولة بوجوب الترفع عن المناكفات و أخذ نفس المسافة من جميع مكونات الحياة السياسية و تمركز القرار بيد رئيس الوزراء إضافة إلى ضعف في التواصل مع الثوار و غمط لحقوق فئات واسعة منهم. كل هذه الأحداث كانت لتكون أكثر وضوحا لو كانت المكونات السياسية أكثر وضوحا و أحسن تنظيما و لعل عرضا موجزا عن مختلف مكونات المؤتمر الوطني العام ( البرلمان) مهم لبيان هذا الباب : القوائم الحزبية : تحالف القوى الوطنية حزب العدالة والبناء قوائم مستقلة قوائم مدعومة من السلفية قوائم مدعومة محليا 39 17 6 4 14   القوائم الفردية : مستقلون محسوبون على التحالف مستقلون محسوبون على العدالة والبناء سلفيون و مستقلون مرتبطون بقوائم وطنية مستقلون غير مرتبطين 25 17 23 55 ملاحظات : -         معظم المترشحين في المؤتمر الوطني العام مستقلون -         معظم المترشحين في المؤتمر الوطني العام فازو بمقاعدهم بفضل معطى قبلي أو جهوي -         رغم أن تيار محمود جبريل حصل على غالبية من الأصوات لكن المستقلون هم التيار الأقوى -         الليبرالية في ليبيا أمر غير منتشر بمعناها المتداول لأن فهمها المتعارف عليه لا يحسنه سوى قيادة التحالف أما بقية الأعضاء فولاؤهم مصالح قبلية او  عائلية -         الحدود الأديولوجية غير واضحة فمعطى الهوية ثابت عند الجميع غير بعيد على هذا التصنيف و في علاقة به جاء قانون العزل السياسي الذي وصفه طيف واسع من الملاحظين بالمجحف و الذي تم فرضه بقوة السلاح و الذي من المنتظر ان تجني القوى التي فرضته و تلك التي فرض من أجلها أيضا (المرتبطون بالنظام السابق) نتائجه إن لم تكن قد بدأت بعد و ليس اولها عديد المحاولات لتقويضه و السلطة التي أقرته ( أحداث سبها , مليشيات الزنتان, الخميس الأسود..)   مما أنتج أزمات دائمة و واضحة من أبرزها أزمة ما يسمى "إقليم برقة" و الذي سنحاول في النقاط التالية استعراض أبرز مفاصله و تمظهرات أفعاله : -         تأسس مجلس إقليم برقة  في مارس 2012 -         وقع الإختيار على أحمد الزبير السنوسي رئيسا له -         سيطر على إثر ذلك إبراهيم الجضران بمعية إخوته الثلاثة  و بناء على ماضيهم النضالي ( معتقلين بتهمة محاولة قلب النظام و قضو 6 سنوات في سجن أبو سليم) مستعينين بمجموعاته المسلحة على أهم وامني الشرق (السدرة و راس لانوف) -         تعطيل تصدير أكثر من نصف النفط الليبي منذ حولي 9 أشهر -         يذكر ان إقليم برقة متعاقد مع شركة علاقات عامة و تسويق هي lobbying company -         من المستبعد القيام بتدخل عسكري في المواني المقفلة -         الوساطات القبلية بدأت في إنجاح مساعي حلحلة الوضع ( شيخ قبيلة المغاربة) -         رغم تمكن الحكومة من تسلم السفينة التي ترفع علم كوريا و على متنها الشحنة المسروقة إلا أن حظرتصدر النفط و منع مجلس برقة لكل العمليات التجارية يعد مظهرا من مظاهر ضعف أجهزة الدولة و في انتظار انفراج أزمة ليبيا و ما نجم عن ما قيل من تدخل أجنبي (خاصة محاولات الإنقلاب المتعددة : خليفة حفتر,مليشيات الزنتان..) يتعين أن نستخلص من كل ما سبق تحديات حقيقية يمكن تلخيص اهمها في : 1-    ضعف الطبقة السياسية بكل مستوياتها و حداثة عهدها بالدولة و النظام الديمقراطي. 2-    تجربة حزبية هشة و مشوهة (صورة الحزب لدى سائر المواطنين تستبطن مقولة القذاقي "من تحزب خان"). 3-    القوى الجهوية و العرقية لاعب رئيسي في الساحة السياسية. 4-    النزعات القبائلية و الحمية الجهوية محضنة ملائمة بروز أفراد من ذوي الطموح الشخصي. 5-    قانون عزل سياسي غير واقعي و مناف لأبسط شروط التوافق. 6-    الفراغ الدستوري مطب يتعين سرعة تجاوزه. 7-    تحديات المعطى الإثني ( الطوارق, التبو..) و الإقليمي ( الأقاليم الثلاثة) ستطرح في الدستور لتكون محل مزايدات. 8-    ضعف في التواصل مع الثوار و عدم قدرة على استيعابهم. 9-    إشكالية نزع السلاح و تنظيم الشرعي منه. 10-                      غياب مؤسسة أمنية او نواة لها ( الجيش و الشرطة بالمعنى العلمي و النظامي للمصطلح). 11-                      المصالحة الوطنية في أقرب الآجال. 12-                      معالجة انقسامات القبائل و المناطق و الإثنيات. 13-                      معالجة مسألة المهجرين و النازحين. 14-                      تحقيق أهداف الثورة إقتصاديا(حسن توزيع الثروة). 15-                      السيطرة الفعلية على النفط شريان الحياة في ليبيا و تقسيمه بأكبر قدر من العدل بين مختلف الفاعلين في إطار من اللامركزية. بقلم بشير الجويني باحث في الترجمة والعلاقات الدولية