مقاﻻت رأي

التيار القومي في تونس المسار والمكونات و الرهان الانتخابي

زووم تونيزيا | السبت، 16 أوت، 2014 على الساعة 23:43 | عدد الزيارات : 7637
بقيت القوى القومية في تونس أحزابا وشخصيات مستقلة، مُرتبكة في قراءة الوضع الراهن إذ أنها تخوض دائما نقاشات…
ديدة تنتهي دوما بدون نتيجة، ورغم ذلك فإن ما يربك القوميين في تونس هو وضع أنفسهم في وضع تجاذب بين الإسلاميين واليساريين فلا هم شكلوا قطبا مُستقلّا عن الطرفين و لا تحالفوا بشكل نهائي مع هذا أو ذاك، ويبقى التحدي مطروحا على القوميين في ضرورة التوحيد والتمايز البناء بين مختلف المكونات و التموقع بين اليسار والإسلاميين بحيث لا يقع توظيفهم من هذا الطرف أو ذاك، والسؤال لماذا هذا التشتت وقلة الفاعلية والتأثير ولماذا تعددت تنظيمات التيار القومي بكل فصائله وأجنحته وغاب التوحيد و التحالف، وما هي أهم مكوناته الحالية وما هي رهانات التيار في الإتتخابات القادمة بنسختيها التشريعية والرئاسية؟  التيار القومي ومساره التاريخي أ‌- البعثيون: نضالات و انقسامات تواجد البعثيون في تونس منذ خمسينات القرن الماضي بعد عودة أبو القاسم محمد كرو ( الذي كان عضوا قياديا في حزب بعث العراق)، و تبني الكثيرين لأفكار البعث بعد توافد طلبة تونسيين للدراسة بالعراق بتشجيع من حزب البعث العراقي الذي دفعهم إلى العمل في تونس ضمن محاور متعددة وبواجهات مختلفة ومنها حزب الدستور، و بعد الانشقاق في صفوف حزب البعث بين سوريا والعراق بداية الستينات انقسم البعثيون التونسيون إلـى قسمين : - قسم يؤيد الانشقاق ومن أبرزهم محمد صالح الهرماسي، وعبد الرزاق الكيلاني، الطاهر عبد الله، علي شلفوح.... - قسم ثان وقف مع القيادة التاريخية لحزب البعث بزعامة ميشال عفلق، ومن بينهم مسعود الشابي(أسس في بداية الثمانينات تنظيما سياسيا معارضا باسم "الديمقراطيون التونسيون") ، وعلي النجار، ومحمد صالح الحـراث الميداني بن صالح... - وعمليا اختارت مجموعة سوريا عمليا العمل السرّي، في حين أسّس البعثيون في الثمانينات حركة البعث بزعامة فوزي السنوسي والذي توفي في ظروف غامضة سنة 1988 ( كما توفي الصادق الهيشري ايضا في ظروف غامضة سنة 1985 بينما تم اغتيال عمر السحيمي في بيروت سنة 1968)، ثم خلفه عفيف البوني والذي استقال سريعا ليعوضه مبروك المنصوري ثم بقيت الحركة تنشط بشكل سري ومحدود بقيادة الجامعي الهادي المثلوثي إلى حدود 14 جانفي 2011 تحت مسميات عدة، في حين نشطت عناصر البعث السوري ضمن حزبي "الاتحاد الديمقراطي الوحدوي" و حزب الوحدة الشعبية(بقيادة محمد بوشيحة) في ما بقي الدكتور محمد صالح الهرماسي قياديا في حزب البعث الحاكم في سوريا وعضوا بالقيادة القومية... ، ساهم الطلية البعثيون في الحراك الطلابي في عقدي السبعينات والثمانينات حيث تبنوا خيار تأسيس منظمة بديلة عن الاتحاد العلم لطلبة تونس ثم تخلوا عن ذلك الخيار (والذي تبنّاه الاسلاميون في ما بعد)، وعرفت الساحة الجامعية تنظيمي "الطليعة الطلابية العربية" و "رابطات العمل الجماهيري" (تنظيم صغير تواجد ببعض الكليات الكبرى فقط). ب‌- الناصريون : مسار تاريخي و تجارب حزبية متعددة نشأت التيارات القومية ذات التوجه الناصري والعصمتي تاريخيا بعد القمع الدامي الذي مارسه الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة بحق الحركة اليوسفية والذي انتهى باغتيال صالح بن يوسف من طرف المقربين من بورقيبة وبأمر مباشر منه في ألمانيا في بداية الستينات كما تم إعدام أبرز قادة المحاولة الانقلابية سنة 1962، ورغم ذلك شكل القومين عديد التنظيمات والأحزاب التي عارضت بورقيبة ونظامه في الداخل والخارج على غرار حركة الوحدويين الأحرار و الجبهة القومية التقدمية لتحرير تونس (المؤسسة سنة 1972 بقيادة عمارة بن ضو بن نايل) و تشكيل القذافي لتنظيم "الاتحاد العام التونسي للشغل فرع ليبيا" (بقيادة الهادي بالطيب) كما تم تأسيس حركة اللجان الثورية – مثابة تونس ( والتي تداول على قيادتها عديدون على غرار صالح التايب و محمد فاتح الكافي)، و بعد عملية قفصة (27 جانفي 1980) تم تأسيس حركة التجمع القومي العربي والتي قادها المحامي بشير الصيد سنة 1981 والتي تم تغيير تسميتها سنة 1988 إلى "الإتحاد الديمقراطي الوحدوي الناصري" قبل أن يقع الزج بالصيد في السجن وحل حزبه و تأسيس نظام المخلوع "بن علي" حزبا بديلا عنه قاده عضو اللجنة المركزية للتجمع عبد الرحمان التليلي إلى حدود سنة 2004 (تم أيضا الزج به في السجن لأسباب قيل يومها أنّها مالية) في شكل حزب ديكور موالاة لنظام المخلوع، تزعمه إلى حدود اندلاع الثورة المحامي أحمد الاينوبلي، و قد أسّس البشير الصيد بعد خروجه من السجن في وسط التسعينات تنظيم "الوحدويون الناصريون" والذي أمضى بعض البيانات باسم "الناصريون – تونس". - عرفت الساحة الجامعية تواجد فصيل ناصري وعصمتي باسم "الطلبة العرب التقديمون الوحدويون" بداية من منتصف السبعينات حتى حدود سنة 1994 حيث تم حل التنظيم والذي عوضه سنة 2000 تيار "الطلبة القوميون".  فسيفساء الأحزاب القومية بعد الثورة تواصل التشتت الحزبي والتنظيمي للقوميين بعد الثورة فتعددت أحزابهم وتنظيماتهم: • حركة البعث حركة البعث حزب سياسي تحصل على تأشيرة العمل القانوني يوم 22 جانفي 2011، و يقود حركة البعث حاليا الحبيب الكراي والذي خلف عثمان بلحاج عمر بعد مؤتمر الحركة سنة 2013 بعد أن كانت قد عقدت مؤتمرا أول سنة 2011.. • حزب الطليعة العربي الديمقراطي حزب الطليعة العربي الديمقراطي حزب سياسي ذو توجه وحدوي، تأسس في مارس 2011 يقوده اليوم المحامي أحمد الصديق، ومن أهم قياداته خيرالدين الصوابني... • الجبهة الشعبية الوحدوية الجبهة الشعبية الوحدوية حزب ذو اتجاه سياسي وحدوي عربي. أسس يوم 22 أفريل 2011 يرأسه عمر الماجري وهو يمثل التيار القومي الديمقراطي في تونس... • حركة الوحدويين الأحرار: حزب يقوده "عبد الكريم الغابري" خلفا للمؤسس الراحل الهادي البجاوي، وهو إعادة تأسيس لنفس الحركة وبنفس الاسم التي تأسست به في السبعينات، عقد الحزب مؤتمره الأول بصفاقس سنة 2012.... • حزب الثوابت : تأسّس بعد انتخابات 23 أكتوبر 2013 ، وهو عمليا وريث حزب "عروبة وتنمية"، يقوده شكري الهرماسي، ويعتبر وريثا لجناح حزب البعث السوري في تونس. • حزب الغد: حزب تأسس بعد خلاف زعيمه عمر الشاهد مع قيادات حركة الشعب الناصرية، يعتبره المتابعون قريبا من النظامين السوري و الإيراني... • حركة مرابطون: تنظيم سياسي أسّسه الاستاذ البشير الصيد بعد انشقاقه وخلافه مع حركة الشعب الناصرية بسبب خلاف حول تزعم وخيارات الحزب قبل انتخابات 23 أكتوبر 2011... • حركة الشعب الناصرية: هي حزب نتج على عملية توحيدية لحزبين ناصريين تأسسا بعد الثورة الأول بقيادة محمد براهمي والثاني بقيادة زهير المغزاوي بعد انسحاب البشير الصيد سنة 2011، ، خسرت حركة الشعب العديد من قياداتها ورموزها نتاج الانسحابات والاستقالات المتتالية ( كورشيد – الكريشي – المدوري...) • التيار ألشعبي: أسسه المرحوم محمد البراهمي، وهو حزب منشق عن حركة الشعب، وقد كان بيان 30 جوان 2013 حاسما في تأسيس التيار الشعبي وكان له تداعياته السياسية على التيار القومي وعلى البلاد، يقود التيار الشعبي حاليا زهير حمدي، وقد سادته في اليام الماضية خلافات وصراعات حول موضوع مُغادرة الجبهة أو البقاء داخلها...  التيار القومي و رهان الانتخابات القادمة اختلف القوميون في الالتحاق بالتحالفات السياسية الموجودة في الساحة السياسية بعد أن استحال تكوين قطبي قومي عربي خاص بالقوميين: أ‌- ساهمت بعض الأحزاب القومية العربية في تأسيس جبهة 14 جانفي والتي تحولت منذ أكتوبر الماضي إلى الجبهة الشعبية، وهذه الأحزاب هي: حركة البعث– حزب الطليعة – الجبهة الشعبية الوحدوية (حاليا منشق على الجبهة الشعبية)، في حين انسحب مبكرا كل من حزب الغد(بقيادة عمر الشاهد) وحركة الشعب(بقيادة زهير المغزاوي) وهذه الأخيرة تسعى حاليا لبناء تحالف وسطي كبير يضم أحزاب، "التكتل" و"الوحدة الشعبية" و"الجمهوري" و "التحالف الديمقراطي"...، كما غادر حزب الجبهة الشعبية الوخدوية تحالف الجبهة الشعبية مع أكثر من مكونات أربع أخرى يسارية بعد الخلاف حول الخط السياسي للجبهة وتحالفها مع اليمين الليبرالي (نداء تونس أساسا).... ب‌- حاولت بعض الأحزاب القومية الأخرى التشكل في إطار تحالف قومي عربي خاص بها تحت قيادة البشير الصيد تحت مسمى "الجبهة الوطنية التقدمية" على غرار حركة الوحدويين الأحرار وحزب الثوابت و أحزاب صغرى وغير معروفة (البديل الديمقراطي- حزب شباب تونس- التكتل الشعبي)، في حين حاول حزب الغد تشكيل جبهة ثانية تعددت عراقي – تيار قومي ديمقراطي - نقاشاتها مع أحزاب صغرى... ت‌- بعض القوميين اختار سابقا التحالف مع الترويكا أو التواصل مع مكوناتها في حد أدنى قناعة منهم أن المهم اليوم هو خدمة البعد الوطني العربي والإسلامي، ويرى هؤلاء أن الصراع مع بقايا النظام السابق هي قضية شعب كامل تضرر منذ أكثر من 5 عقود من المنهج التغريبي والاستبدادي وطمس بعد الهوية العربية الإسلامية، وهذا الخيار ينتباه وزير التربية السابق سالم لبيض و بعض الناصريين الذين التحقوا بحزب المؤتمر على اعتبار وان الرئيس المرزوقي عُروبي الانتماء، كما يتبناه بشكل أو بآخر مؤسس الجبهة القومية التقدمية لتحرير تونس عمارة بن ضو بن نايل. ث‌- ستعمد عديد الشخصيات القومية المستقلة تنظيميا على تشكيل قائمات انتخابية في عدد من الدوائر على غرار قائمة "الأحرار"، التي يستعد الوجه القومي المعروف الأستاذ مبروك كورشيد لترأسها في دائرة مدنين....  الخلاصة يبقى التيار القومي رغم تشتته التنظيمي الكبير، وتعدد فصائله ( ناصري – عصمتي – بعث سوري – بعث عراقي – شخصيات عُروبية ....)، تيارا له حضور نخبوي مؤثر، ورغم أن القوميين يضعون أنفسهم في موقع التجاذب بين الإسلاميين واليساريين، ورغم رهاناتهم الخاسرة في انتخابات 2011 ، فان بعض فصائلهم قادرة على إحداث المفاجأة في أكثر من جهة أو دائرة انتخابية اذا ما تم توحيد الصفوف وتقييم صحيح للمسار التاريخي ولمسيرة التيار بعد الثورة ....، أما في الانتخابات الرئاسية فسترتبط خيارات االقوميين حسب تحالفات كل حزب أو تنظيم، فمن المنتظر أن تُساند حركة الشعب الأستاذ أحمد نجيب الشابي بينما سيُساند بعض العُروبيين الرئيس المرزوقي في صورة ترشحه، أما العميد بشير الصيد فيبدو أنه سيُرشح نفسه كمرشح لعدد من الأحزاب مع حزبه "حركة مرابطون"...