مقاﻻت رأي

الحمار..و التكنوقراط..و التنبري !

زووم تونيزيا | الثلاثاء، 8 جويلية، 2014 على الساعة 21:47 | عدد الزيارات : 966
لا شك أن التونسيين ، اليوم ، "يتجرعون" – رغما عنهم - تبعات مشروع "الإنقاذ" ، الذي قاده التحالف القديم-الجديد…
ين التجمع و جزء من اليسار الانتهازي..و بدعم من التحالف "الغريب" بين ممثلي العمال ممثلي رؤوس الأموال أسئلة مشروعة تطرح في هذا السياق : إلى أي حد يمكن أن تذهب بعض الأطراف السياسية و العائلات الفكرية التي تعادي الإسلاميين في تونس ؟ هل توجد لهذه الأطراف خطوط حمراء لعدائها "الهستيري" و نهجها الإستئصالي تجاه جزء من التونسيين..أم أن "الغاية تبرر الوسيلة"..و كل شيء جائز في "حروبهم" حتى و إن أدى الأمر لهدم البيت التونسي على الجميع ؟ كيف سيواجه "جماعة الرحيل" الناخبين في الاستحقاقات القادمة..بعدما وعدوا "بالإنقاذ"..ثم جاؤوا بحكومة زادت من معاناة التونسي..و ثقلت كاهله بالزيادات و "الإتاوات"..؟ في الحقيقة ما يحدث في تونس منذ أكثر من ثلاث سنوات ، هو عبارة عن مجموعة مركبة و معقدة من المفارقات و التناقضات.. إحدى هذه مفارقات..أن املاءات البنك الدولي و المؤسسات المالية العالمية تُمرّر تحت "غطاء نقابي" ممثلا في قيادة الإتحاد العام التونسي للشغل..و غطاء سياسي - يقول أنه "يساري اجتماعي" - ممثلا في أحزاب الجبهة الشعبية و شق داخل حزب نداء تونس.. إصلاحات أو "إملاءات" البنك الدولي الاقتصادية "الرأسمالية" تنفذها اليوم في تونس ، بشكل واضح وجلي ، حكومة "التكنوقراط"..أو حكومة "الرباعي"..أو حكومة "الإنقاذ" كما يحلو للبعض تسميتها..و لئن تعددت تسميات حكومة جمعة..فهي نتاج لمسار واحد..وهو مسار "الرحيل" و الإطاحة بمن انتخبهم الشعب بدعوى أنهم "فشلوا" في خدمة الشعب..ليتم تنصيب من هو "أجدر" بإدارة البلاد..و خدمة مصالح العباد..(حسب تقدير جماعة "الإنقاذ") المطالبون برحيل حكومة الترويكا.. كانت لهم مسوغاتهم لتمرير فكرة "الانقلاب" على الترويكا و إسقاطها..و تكفلت الماكينة الإعلامية "القديمة" الضخمة..بإخراج "تراجيدي" لهذه المسوغات.. و من ثمة تسويق خطاب الكارثة و ضرورة "الإنقاذ".. فكرة "الإنقاذ" أو "الانقلاب" على الترويكا تأسست أو "تخفّت" وراء ثلاثة منطلقات رئيسية : أولا..حكومة الترويكا فشلت في تحقيق المطلب الأساسي للثورة و هو "الكرامة" (طبعا جماعة "الإنقاذ" أسقطوا و "ميعوا" مطلب الحرية الذي تحقق بشهادة العالم و تجاهلوا "إنجازات التأسيس" التي تحققت )..و "الكرامة" تعني تحسين ظروف العيش..و خاصة التشغيل.. وهو ما "فشلت" التروكا ، حسب الداعين لإسقاطها ، في تحقيقه.. ثانيا : حكومة الترويكا أثقلت كاهل المواطن بالزيادات و "الإتاوات" و "فشلت" في حماية الطبقات الدنيا و المتوسطة و تحسين قدرتهم الشرائية.. ثالثا : حكومة الترويكا فشلت في توفير الأمن و "ظهر" الإرهاب في عهدها..كما وقعت في عهدها أيضا الاغتيالات السياسية.. لن ندخل هنا في جدل التقييمات و الأحكام بخصوص مدى صحة و موضوعية مرتكزات إسقاط الترويكا..لكن في المقابل..فإن عملية مقارنة بسيطة بين أداء الترويكا و آداء "التكنوقراط" يمكن أن يكشف لنا عن حالة "الإزدواجية في الخطاب" و "التخبط في المواقف" التي يعيشها جزء من نخبنا.. بالنسبة للتشغيل..فحكومة جمعة رفعت شعار "لا للتشغيل في الوظيفة العمومية" مباشرة بعد منحها الثقة في المجلس الوطني التأسيسي..كما أننا لم نلحظ أي تقدم أو مجرد محاولات للتقدم في مجال دعم الاستثمار و التشغيل بالقطاع الخاص بالنسبة لحال الطبقات الضعيفة و الوسطى و مقدرتهم الشرائية..فلا أضن أن "جماعة الرحيل" يرون أن الوضع تحسن..بل إن حكومة "الإنقاذ" قررت و بدون سابق إنذار..الترفيع في أسعار بعض المواد الأساسية و الحياتية (الطماطم المصبرة و السكر و الحليب و غيرها من المواد)..و كذلك الترفيع في أسعار المحروقات..و الترفيع في المعلوم الموظف على بطاقات الهاتف الجوال..و فرض معاليم جبائية جديدة سيحمل وزر أغلبها المواطن "البسيط" ("إتاوة" بثلاثين دينارا على كل عقد زواج)..و طبعا كل هذه الإجراءات المُسقطة و المؤلمة تمر مرور الكرام..في ظل صمت "جماعة الإنقاذ" و دعم إعلامي تؤمنه نفس الماكينة التي صدعت رؤوسنا في عهد الترويكا بالبكاء اليومي على حال "الزوالي" في تونس ! أما بالنسبة للملف الأمني..فالحال تحول من "مرتبك" في عهد الترويكا إلى "كارثي" في عهد "التكنوقراط"..و لعل هذه الأسطر لا تكفي لتعداد عشرات الحوادث و الأحداث الأمنية التي شهدتها البلاد منذ تسلم حكومة "الحوار" لمهامها..لكننا سنكتفي بالتذكير بأن تونس قدمت في عهد "التكنوقراط" عشرات الشهداء و الجرحى نتيجة للتخبط الهيكلي و العملياتي الذي تعيشه المؤسسة الأمنية خاصة في علاقة بملف الإرهاب..الذي وصل في عهد "الإنقاذ" إلى منزل وزير الداخلية نفسه و قتل أربعة من حراسه.. ! هذا ما قدمته حكومة "التنكنوقراط" بعد أشهر من تنصيبها..طبعا لا ننسى هنا "مهزلة" باكالوريا 2014 و فضائح الغش و التسريب و بيع مواضيع و إصلاح الاختبارات أمام مراكز الامتحان..و لا ننسى أيضا "الخيبة السياحية" و انخفاض عدد السياح بشهادة أهل القطاع (رغم الدعم الإعلامي "اللا مشروط" الذي حظيت به وزيرة السياحة".. هذه القراءة المقارنة بين أداء حكومات الترويكا من جهة..وحكومة "التكنوقراط" التي جاء بها "الحوار الوطني" من جهة أخرى..لا تعني بأي حال من الأحوال أن حكومات الترويكا المتعاقبة لم ترتكب أخطاء..بل أن تلك الحكومات – ورغم تفهمنا لللأوضاع التي عملت فيها هذه الحكومات – تتحمل مسؤولية عودة منظومة الفساد و الاستبداد من خلال أداءها المرتبك..و مراهنتها في إدارتها للمرحلة على قوانين بن علي..لكن..إذا ما اعتبرنا ان الترويكا قامت بأخطاء..و التكنوقراط قاموا أيضا بأخطاء ( ربما أكثر و "أخطر" من أخطاء الترويكا في الحكم)..فهل يمكن القول أن تفاعل و تعاطي الأعلام..و أحزاب "الرحيل" و بعض المنظمات الوطنية كان نفس التفاعل و التعاطي بين الترويكا و التكنوقراط ؟ طبعا الجواب على هذا التساؤل هو لا.. فأغلب المؤسسات الإعلامية ، التي كانت تحرض و تشحن الرأي العام ضد الترويكا ، من خلال اصطفافها السياسي و الحزبي المعلن و تبنيها لمقولات "جماعة الرحيل" ، تحولت اليوم – من جديد – إلى أبواق دعاية للسلطة..أما " أحزاب الإنقاذ"..و "جماعة الزوالي" أخذوا على ما يبدو عطلة..و قرروا "تجميد" نضالاتهم من أجل الطبقات الضعيفة و العاطلين عن العمل.. كما قرر إتحاد الشغل "تمتيع" حكومة "الحوار" بهدنة اجتماعية "غير معلنة"..بعد ما خاضت قيادة الإتحاد حربا "إجتماعية" مفتوحة – في عهد الترويكا - من خلال آلاف التحركات و الإضرابات و الاعتصامات العشوائية..و "السياسية"