مقاﻻت رأي

هل تملك النهضة حقا القدرة على تحديد نتائج الانتخابات الرئاسية؟

زووم تونيزيا | الأربعاء، 18 جوان، 2014 على الساعة 17:44 | عدد الزيارات : 863
بصرف النظر عن الدوافع الحقيقية لمقترح مجلس شورى حركة النهضة القاضي بإطلاق مبادرة وطنية للوصول إلى مرشح…
وافقي لرئاسة الجمهورية (فلا فرق في التحليل بين أن يكون المقترح من باب تغذية صراع الزعامات بين القوى النيو-تجمعية وتأزيم العلاقة بين أهم القوى الممثلة للتحالف من أجل تونس، وبين أن يكون تعبيرا عن توافقات سرية بين النهضة والنداء -برعاية اقليمية ودولية-لتقاسم السلطة بينهما بعد الانتخابات القادمة)،بصرف النظر عن كل ذلك، فإنّ الجواب عن السؤال الوارد في العنوان هو بكل وضوح إنّ النهضة لا تملك تلك القدرة مهما روّجت العديد من الأطراف لهذا الوهم. فالنهضة لا تملك هذه القدرة المزعومة وذلك ببساطة لأنّ قاعدتها الانتخابية"السابقة" لم تكن قاعدة حزبية متجانسة ، وانما كانت مجموعة غير متجانسة ايديولوجيا وغير منتمية تنظيميا (ولم يجمع بينها الا ثقتها في مظلومية النهضة وفي القدرة المفترضة لهذه الحركة على القطيعة مع نظام بن علي ومع اختياراته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية). ولا يخفى عليكم أنّ النهضة قد فشلت في إحداث أي تغيير حقيقي (فضلا عن أي تغيير جذري) سواء في اختيارات ما قبل 14 جانفي الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية (بصرف النظر عن أسباب ذلك وعن مقدار مسؤوليتها السياسية والأخلاقية فيه)، بل إنها لم تفعل في الحقيقة غير خدمة سياسات "التطبيع" مع رموز نظام بن علي(بعد الشابي والجبهة والاتحاد العام التونسي للشغل)، وإضفاء شرعية "توافقية" على قاطرتهم الحزبية ومن وراءها من برجوازية المناطق المحظوظة (نداء تونس). ولا شكّ أنّ النواة الصلبة للدولة العميقة قد عرفت كيف توظف تلك الشرعية لتجاوز مرحلة اختلال التوازن المؤقت (بعد 14 جانفي 2011) وذلك قبل أن تعود الى الواجهة عبر الحوار الوطني(والرباعي الراعي للحوار) ثم عبر حكومة التكنوقراط ورئيس مجلس إدارتها مهدي جمعة. ويمكننا أن يصل إلى النتيجة المثبتة أعلاه (عجز النهضة عن تحديد نتيجة الانتخابات الرئاسية) لو أننا أجاب عن السؤالين التاليين بعيدا عن منطق الرغبة المحكوم برهانات التحزب وبالعداء الثقافوي البائس : 1-هل حافظت النهضة على الكتلة المليونية التي انتخبتها انطلاقا من دوافع وانتظارات مختلفة، ولكنها رغم اختلافها صارت كلها في حكم "الخيبة المعمّمة" بعد أن عجزت حركة النهضة عن إرضاء ناخبها ذي الانتظارات الدينية من جهة أولى، وناخبها المنكوب اقتصاديا والعاجز عن الارتقاء الاجتماعي في ظل شروط المنظومة التجمعية واختياراتها التنموية من جهة ثانية. ولا شكّ أنّ تلك الخيبة (والجرح النرجسي في المستوى الفردي بحكم أنها تشكك الناخب في معايير اختياراته وأسسها العقلانية) ستجعل نوايا التصويت تتجه في الانتخابات الرئاسية القادمة إلى أقرب الشخصيات الوطنية (وكلها ستكون علمانية) القادرة على تعويض النهضة في مستوى الانتظارات الفردية والجماعية وفي مستوى الثبات المبدئي في مواجهة النزعات الانقلابية وخطابات الضغينة والاستهداف الممنهج للنهضويين في الإدارة والإعلام والثقافة وغيرها من حقول المجال العام؟ 2- هل تستطيع النهضة أن تلزم قاعدتها الحزبية نفسها بانتخاب شخصية تجمعية (بدعوى أنها أفضل السيئين بحكم وجود خطابات صدامية استئصالية تخترق أغلب مكوّنات الجبهة الشعبية، وبدعوى أنها ضرورة وطنية لتجنب العزلة داخليا وإقليميا ودوليا، وبدعوى أنها ضرورة تفرضها موازين القوى وما تملكه الدولة العميقة من قدرة على الإرباك والهدم)، وهل يمكن لمونبليزير أن تستعديَ قواعدها إلى درجة أن تخيرها بين شخصية وطنية غير معادية للنهضة ولا للهوية(خاصة المناضل الحقوقي منصف المرزوقي وهو شخصية أثبتت واقعيا أنها تقبل تقاسم السلطة مع الإسلاميين قصد تجاوز الحقل السياسي اليعقوبي الذي تهيمن فلسفته على أغلب السياسيين "الحداثيين")، وبين شخصيات تجمعية حاولت في فترات الأزمة (اغتيال الشهدين بلعيد والبراهمي) الدفع نحو الانقلاب وإبطال كل مفاعيل 23 أكتوبر2011 بما في ذلك المجلس التأسيسي ورئاسة الجمهورية( وهو الموقف الذي تبناه السيد الباجي قائد السبسي وكاد ينجح فيه ليعيد البلاد إلى مربع 13 جانفي 2011، لولا وجود السيد منصف المرزوقي على رأس المؤسسة العسكرية، ولولا الانقسامات التي تخترق النقابات الأمنية المسيّسة، ولولا معطيات إقليمية ودولية منعت فرنسا و "الأخ الأكبر" الأقليمي من الدفع بالمخطط الانقلابي إلى نهاياته المصرية) ؟