مقاﻻت رأي

ثقافتك السياسية : السلطة التأسيسية

زووم تونيزيا | الأربعاء، 5 مارس، 2014 على الساعة 22:29 | عدد الزيارات : 9140
   السلطة التأسيسية هي السلطة التي تعمل على إيجاد الدساتير المكتوبة، وقد تمت تسميتها في تونس بــ"المجلس…
لوطني التأسيسي" ،  ونحدد هنا أهم المفاهيم المرتبطة بها وخصائص السلطة التأسيسية: السلطة التأسيسية الأصلية: هي السلطة التي تضع الدستور le pouvoir constituant originaire  وتتدخل السلطة التأسيسية الأصلية في الحالات التالية: 1-    تظهر السلطة التأسيسية الأصلية عند ميلاد دولة حديثة ويراد وضع أول دستور لها ومثال ذلك جل الدول التي كانت تحت الهيمنة الاستعمارية الفرنسية والانكليزية أو بعض الدول التي نشأت اثر انحلال بعض الإمبراطوريات أو تفكك دولة اتحادية[1]. 2-    كما أن تدخل السلطة التأسيسية يظهر كذلك عند إحداث دولة اتحادية إذ تتولى السلطة التأسيسية وضع دستور جديد ومثال ذلك دولة الإمارات العربية سنة 1971. 3-    ويغدو تدخل السلطة التأسيسية حتميا أيضا إذا كان للدولة دستور وسقط نتيجة لقيام ثورة فيها تبطل العمل بالدستور القائم وتصدر دستورا جديدا ومثال ذلك ما حدث في روسيا بعد ثورة 1917 وفي إيران بعد سقوط الشاه سنة 1979. وهذا ما يحصل في تونس حاليا بعد ثورتها. خصائص السلطة التأسيسية الأصلية: " تتميز السلطة التأسيسية الأصلية بالخصائص التالية: -         هي سلطة أولى un pouvoir initial -         هي سلطة مطلقة un pouvoir absolu -         هي سلطة يمكن أن تكون متعددة الاختصاصات 1-    سلطة أولى: بمعنى أنها تسبق السلط الأخرى فهي تضع الدستور الذي ينشئ كل السلطات في الدولة أي تلك السلطات التي تسمى سلطات مؤسسة (les pouvoirs constitues) 2-    سلطة مطلقة: بمعنى أنها تتمتع بحرية تامة وغير مشروطة في مجال ضبط محتوى الدستور الجديد فهي سلطة غير مقيدة تستطيع أن تختار نظام الحكم الذي تراه صالحا وتقيم الايدولوجيا السياسية التي تتلاءم مع اتجاهاتها. 3-    وهي سلطة يمكن أن تكون متعددة الاختصاصات: تختص السلطة التأسيسية بوضع الدستور لكن يمكن لها في بعض الأحيان أن تتعدى هذه المهمة الدستورية البحتة ويمتد نشاطها إلى ميادين أخرى من ذلك مثلا أن المجلس القومي التأسيسي التونسي تجاوز صلاحياته الدستورية. ومن المفارقات أن مهمة المجلس الأصلية أي سن الدستور أصبحت ثانوية بالنسبة إلى الصلاحيات الأخرى كمساندة الحكومة ودعم استقلال البلاد والنظر في الميزانية كما كان أيضا للجمعية التأسيسية للجمهورية الرابعة الفرنسية بجانب حقها في اقتراح المضمون الفكري للدستور صلاحيات التشريع والموازنة كما حددت ورقة الاقتراع الذي جرى يوم 20 ديسمبر 1962 لانتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية الجزائرية مشمولاتها المتكونة من وضع دستور للبلاد  والمصادقة عليه وتعيين الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية والتشريع باسم الشعب". وهكذا فيمكن أن نستخلص : « أن ينشأ عن طريق السلطة التأسيسية الأصلية لذا لا يمكن كما بينه الأستاذ بيردو الاتفاق على أسلوب واحد يكون صالحا لوضع الدساتير في كل زمان ومكان فالأساليب التي تنشأ بها الدساتير يمكن أن تتنوع تبعا لتنوع أنظمة الحكم وتتطور تطور فكرة السيادة في الدولة وتحديد صاحبها فعندما كان مفهوم السيادة التيوقراطية سائدا كان الملوك دون غيرهم يختصون بوضع الدساتير ومع التطور في اتجاه الديمقراطية وبروز النظريات الفلسفية والحركات السياسية المنادية باحترام حقوق الإنسان ومقاومة الحكم المطلق للملوك أصبحت السيادة ترجع للأمة أو للشعب وبالتالي أصبح لازما أن تتطور أساليب وضع الدساتير بحيث تتفق مع مقتضيات هذه السيادة وذلك بتدخل الأمة أو الشعب لتحديد قواعد التنظيم السياسي في الدولة. غير أن هذا التطور في اتجاه الديمقراطية وانتصار مبدأ سيادة الأمة أو الشعب لم يكن من شأنه مع ذلك أن يقضي نهائيا على بعض الأساليب القديمة لنشأة الدساتير والتي لا تتماشى مع روح العصر لذلك نجد اليوم تعايشا بين نوعين من الأساليب في وضع الدساتير, الأساليب غير الديمقراطية التي ارتبطت غالبا بمفهوم السيادة التيوقراطية والأساليب الديمقراطية التي ارتبطت بسيادة الأمة أو الشعب». [1]     بن حماد (محمد رضا)، المبادئ الأساسية للقانون الدستوري والأنظمة السياسية