لماذا لا يمكن للحوار الوطني أن ينطلق يوم 23 أكتوبر 2013 ؟
أعلنت المنظمات الراعية للحوار أن أولى جلسات الحوار…
لوطني ستنطلق يوم 23 أكتوبر ، و بداية من هذا التاريخ سيبدأ العد التنازلي لتنفيذ ما يسمى بخارطة الطريق المقترحة من طرف الجهة الراعية للحوار .
و بقطع النظر عن تحفظي على مدى واقعية هذه الخارطة ، فان تنفيذها يخضع الى جملة من الشروط لعل أولها تنقيح النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي بما يسمح بالتسريع في المهام التأسيسية للمجلس .
فبالرجوع الى خارطة الطريق ، فانها تنص على البنود التالية :
- أن يتم تشكيل الهيئة العليا للانتخابات في أجل أسبوع من انطلاق الحوار الوطني ( أي في أجل لا يتجاوز 30 أكتوبر ).
- أن تتم المصادقة على القانون الانتخابي في نهاية الأسبوع الموالي( أي في أجل لا يتجاوز 6 نوفمبر ).
- أن يتم الانتهاء من المصادقة على الدستور في نهاية الأسبوع الرابع من بداية الحوار الوطني ( أي في أجل لا يتجاوز 20 نوفمبر ).
و لسائل أن يتسائل هل يمكن تطبيق هذه الرزنامة على حالتها و في الآجال المضبوطة في ظل النظام الداخلي الساري المفعول اليوم في المجلس الوطني التأسيسي ؟ . أي عارف بالعمل البرلماني لا يمكن الا أن يجيب بلا للأسباب التالية :
1 - فيما يتعلق بترتيب الأولويات :
نصت خارطة الطريق على أن المصادقة على القانون الانتخابي تتم في نهاية الأسبوع الرابع ، في حين تتم المصادقة على الدستور في نهاية الأسبوع الرابع . و هو ترتيب غريب و عجيب و لا يمكن أن يقبل به أي عارف بأبجديات القانون البدستوري ضرورة أن المصادقة على القانون الانتخابي يجب أن تكون لاحقة لمرحلة المصادقة على الدستور . فالدستور هو الذي يضبط القواعد و الأسس الدستورية للقانون الانتخابي و خاصة منها شروط الترشح لمختلف العمليات الانتخابية ، و لا يمكن بأي حال أن نقلب المعادلة و نصادق على القانون الانتخابي قبل الدستور مثلما ورد بخارطة الطريق .
2 - فيما يتعلق بالآجال :
أ - آجال تشكيل الهيئة العليا للانتخابات :
بالنظر الى التعقيدات القانونية ( المترتبة عن حكم المحكمة الادارية ) و الواقعية ( المترتبة عن انسحاب نواب المعارضة) ، فان تشكيل الهيئة يستوجب أولا و قبل كل شيء توفر الشروط التالية :
- تنقيح القانون المتعلق بالهيئة العليا للانتخابات :
و هو التمشي الذي وقع التوافق حوله في الجلسات الترتيبية للحوار الوطني . و هو يقتضي احالة المشروع الى لجنة التشريع العام للنظر فيه بشكل عاجل و اعداد تقريرها ( و هو ما يستوجب على الأقل 48 ساعة ) ثم احالته على كتابة المجلس من جديد لتتولى نشره بالموقع الرسمي و وضعه على ذمة النواب لتقديم مقترحات التعديل و ذلك في أجل أقصاه 4 أيام عمل من نشره دون اعتبار يوم النشر طبقا لمقتضيات الفصل 91 جديد من النظام الداخلي ، و هو ما يعني أنالجلسة العامة للمصادقة على هذا التعديل لا يمكن أن تتم قبل أسبوع على الأقل من احالة المشروع من لجنة التشريع العام الى كتابة المجلس .
- أن تعود لجنة الفرز للاجتماع من جديد و بحضور كل أعضائها ( باعتبار أن الأغلبية المطلوبة لا تقل عن 3/4 ) و بعد التوافق على منهجية العمل و الوصول الى التوافقات المطلوبة . و قرارات الهيئة قابلة للطعن أمام المحكمة الادارية ( أي عملية طعن يمكن أن تعطل عملية الانتخاب مدة أسبوع على الأقل ) .
- أن تتم الدعوة الى جلسة عامة انتخابية بعد الانتهاء من المراحل السابقة لاستكمال انتخاب أعضاء الهيئة .
بعد استعراض كل هذه المعطيات هل هناك من يمكنه الحديث عن الانتهاء من انتخاب أعضاء الهيئة المستقلة للانتخابات في أجل أسبوع ؟؟؟ !!!! . ألا يتطلب الأمر انتظار المصادقة على تنقيح كل من القانون المتعلق بالهيئة بالهيئة و النظام الداخلي للمجلس و عودة النواب المنسحبين على الأقل للتسريع في عملية الانتخاب ؟ .
ب - آجال المصادقة على القانون الانتخابي :
تمر اجراءات المصادقة على القانون القانون الانتخابي بنفس الاجراءات المذكورة سابقا أي لا بد من احالة مشروع قانون انتخابي على لجنة التشريع العام للنظر فيه و اعداد تقريرها ( و هو عمل يستغرق بين أسبوع و عشرة أيام على الأقل باعتبار كثرة الفصول و أهمية التجاذبات السياسية فيما يتعلق بهذا القانون ) ، ثم يحال القانون الى كتابة المجلس لتتولى نشره بالموقع الرسمي و وضعه على ذمة النواب لتقديم مقترحات التعديل و ذلك في أجل أقصاه 4 أيام عمل من نشره دون اعتبار يوم النشر طبقا لمقتضيات الفصل 91 جديد من النظام الداخلي ، أي أن تعيين جلسة عامة للمصادقة على هذا القانون لا يمكن أن تتم في أجل أقل من أسبوعين من تاريخ احالة مشروع القانون الانتخابي على لجنة التشريع العام ، علما و أنه و لحد الساعة لم يقع ايداع أي مشروع قانون للغرض بكتابة المجلس سواء من طرف الحكومة أو من طرف النواب ..!!! .
أما عملية المصادقة على القانون الانتخابي من طرف الجلسة العامة لا يمكن أن تقل حسب العارفين بأبجديات العمل البرلماني عن أسبوع على أقل تقدير.
و لذلك فانه من نافلة القول أن المصادقة على القانون الانتخابي في الآجال المضبوطة بخارطة الطريقة ( و هو أمر يحتاج في حد ذاته الى معجزة ربانية ) يستوجب على الأقل توفر شرطين على الأقل : وجود قانون انتخابي جاهز و مودع بكتابة المجلس و تنقيح النظام الداخلي للمجلس .
3 - آجال المصادقة على الدستور :
تخضع عملية المصادقة على الدستور الى مقتضيات الفصل 106 جديد من النظام الداخلي الذي ينص في فقرته الرابعة أن المناقشة تتم حسب الأبواب ، و يتم الاعلان في الوقع الالكتروني للمجلس عن مناقشة الباب قبل 10 أيام على الأقل عن موعد الجلسة العامة المعنية .
و اذا علمنا أن مشروع الدستور يتضمن توطئة و 10 أبواب ، فان تعيين الجلسات يتطلب حيزا زمنيا لا يقل عن 110 يوما دون اعتبار المدة التي سيستغرقها النقاش !!! .
و على هذا الأساس فان التسريع في وتيرة المناقشة و المصادقة على الدستور تستوجب بدورها توفر شرطين على الأقل ; استئناف لجنة التوافقات أعمالها للوصول الى توافقات حول المسائل الخلافية في الدستور و تنقيح النظام الداخلي للمجلس .
و في غياب كل هذه الشروط مجتمعة فان انطلاق الحوار الوطني قبل تجاوز هذه المطبات سيجعله حاملا لبذور فشله لاستحالة تطبيق خارطة الطريق على حالتها و في الآجال المضبوطة .
و ختاما أبلغ سلامي الحار الى كل "الخبراء" الذين استعانت بهم المنظمات الراعية للحوار و الذين لم يأخذوا بعين الاعتبار كل هذه الطبات ، فاذا كان ذلك سهوا فتلك مصيبة ، و اذا كان عمدا فالمصيبة أعظم
-