مقاﻻت رأي

أيّ تحديات تواجه المؤسسة الأمنية، وكيف يساهم الإعلام في رفعها؟

زووم تونيزيا | السبت، 25 ماي، 2013 على الساعة 22:04 | عدد الزيارات : 1564
إن الانفلات الأمني وما يتبعه من تصدع في مستوى العلاقة بين المواطن وعون الأمن يشكل خطرا كبيرا على تثبيت…
لمسار الديمقراطي في تونس الثورة، فضلا على انعكاساته السلبية على النمو الاقتصادي والاجتماعي بشكل جليّ لدى الجميع أحزاب وسلط ومواطنين، واليوم وبعد انعقاد الجلسة الثانية للمجلس الوطني للأمن القومي، فما هي الصعاب والتحديات التي تواجهها المؤسسة الأمنية وما هو دور وسائل الإعلام التفاعلي في رفعها؟ .  طبيعة التحديات المطروحة على المؤسسة الأمنية لا شك أن أول التحديات التي تواجه المؤسسة الأمنية سياسي بالأساس باعتباره انه على الدولة أن تكون قادرة على معالجة الملف الأمني بجميع مكوناته الاجتماعية والاقتصادية والقضائية والسياسية والعسكرية، ووضعه في إطار تصور شامل تكون فيه المنظومة الأمنية في خدمة التنمية. وعليه فانه من الضروري إعادة النظر في السياسة الأمنية السابقة التي كانت تقوم على تحقيق الاستقرار و أمن الدولة والنظام فقط، ومراجعتها على أساس الاعتراف بالارتباط الوثيق بين التنمية والأمن بشكل تصبح فيه المؤسسة الأمنية شريكا في إرساء مناخ اجتماعي واقتصادي وسياسي مناسب للتنمية وساهرة على استقراره. والدور الذي يمكن إن تقوم به المؤسسة الأمنية في المسار الديمقراطي والتنموي يبقى رهين التزامها بقواعد الديمقراطية ومبادئها وخضوعها إلى أنظمة الرقابة والمحاسبة، والقانون وهنا يكمن التحدي الثاني، ولقد نجحت الحكومة الحالية في نقاط عدة في هذا المجال وخاصة بعد جملة الإجراءات لصالح الأمنيين وخاصة بعد أحداث الشعانبي بما اتخذته من خطوات عملية وإجرائية كما أنّ الانفلات الأمني أصبح حالات محصورة و معزولة منذ نهاية سنة 2012 و خاصة خلال الأسابيع الأخيرة ورغم أن خطوات أخرى منتظرة لابد منها لبسط الأمن. + صعوبات كبيرة لابد أن تُذلّل بناء على كُلّ ما سلف ذكره يُمكن القول أنّ الصعوبات التي تواجه المؤسسات السياسية والأمنية كثيرة جدا خلال المرحلة المقبلة، ومن أكبر التحديات والمعضلات بالنسبة للمؤسسة الأمنية اليوم شبه إفلاتها من كل إشكال الرقابة والمساءلة، وذلك إما لغياب آليات الرقابة أو لضعفها ، مما حولها من مؤسسة حفاظ على الأمن العام إلى منظومة تستعملها مجموعات معينة لحماية مصالحها السياسية والاقتصادية. و على المؤسسة الأمنية اليوم إن تقطع عمليا و بشكل نهائي مع أسلوب حولها إلى أداة عمل يستعمله النظام لضمان بقائه وتدعيم مصالحه بالقمع والفساد والرشوة. والقطع مع هذه الممارسات يقتضي التمييز بين من عمل وأدى واجبه خدمة لأمن المواطن وللمصلحة العامة وبكل شرف وبين من استغل النفوذ ليقدم مصلحته الذاتية ومصلحة أقلية مستفيدة على مصلحة المواطن، و في هذا السياق تطرح سيناريوهات عديدة من بنيها الترسيخ الفعلي للمصالحة الوطنية العادلة والمنصفة للجميع بعد المحاسبة والاعتذار والإنصاف طبعا.   ضمان الأمن ضرورة لا غنى عنها للتنمية لا يختلف اثنان أن دور المؤسسة الأمنية يحتاج إلى مراجعة جذرية، لا على مستوى المفاهيم والتصورات فقط، ولكن بالأساس على مستوى المهام التي يفترض إن تضطلع بها في مجتمع ديمقراطي يسود فيه القانون، لذلك فمن باب الأوليات تحديد الاحتياجات الأمنية وضبطها بما يعكس احتياجات المواطنين ومتطلباتهم من حرية وعدالة اجتماعية وتنمية واستقرار ووضع الآليات التي من شانها إن تستجيب لذلك وتسهر على حمايتها. فالحديث عن سياسة أمنية واضحة المعالم ليس مزايدة سياسية بل مطلبا شعبيا ملحا، كما إن الحق في الأمن هو من الحقوق الأساسية للإنسان، و حتى تنتقل المؤسسة الأمنية من مؤسسة حماية نظام إلى مؤسسة في خدمة المواطن عليها إن تحل أزمة المشروعية التي تواجهها اليوم وان تتجاوزها بحكمة ومسؤولية وبالاشتراك مع مكونات أخرى من المنظومة الأمنية (القضاء الإعلام المجتمع المدني)؛ وهو تحد لا يقل بذاته أهمية عن التحديات الأخرى. و أزمة رجل الأمن بعد الثورة أزمة ثقة وشرعية، فعلاوة على الفكرة اللاصقة بجهاز الأمن من كونه جهاز قمع واستغلال نفوذ وحماية مصالح فئة ضيقة، فانه يشكو بدوره نوعا من التصدع بسبب تصدع أجهزة الدولة نفسها، بعد إن ثار الشعب على النظام السياسي والدستوري القائم. وعدم الاستقرار الدستوري الذي عرفته البلاد خاصة سنة 2011 أحدث اضطرابا على الوظيفة الأمنية وعلى مؤسساتها وجعل المؤسسة الأمنية تواجه نفس التحديات التي يواجهها كيان الدولة والسلطة في هذه المرحلة الانتقالية. وعليه فان إصلاح المؤسسة الأمنية يعتبر جزءا لا يتجزأ من الإصلاح الدستوري والسياسي الذي تعيشه البلاد حتى وضع دستور جديد يضفي شرعية جديدة على المؤسسة الأمنية التي عليها إن تتحول إلى مؤسسة ديمقراطية تخضع لرقابة من نفس النوع؛ وهو تحد صعب في حد ذاته لأنه يفترض أن يصبح الأمن جزءا من المعادلة الديمقراطية وهو أمر قد يستغرق بعض الوقت تتعلم فيه المؤسسة الأمنية الممارسة الديمقراطية شانها في ذلك شان المواطنين والأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني.  أي دور لوسائل الإعلام؟ إن تغيير النظرة إلى رسالة قوات الأمن ليس بالمسؤولية الوحيدة لهياكل الأمن والأجهزة المشرفة عليها، بل لابد أن تشترك في ذلك جميع مكونات المنظومة الأمنية، ونخص بالذكر وسائل الإعلام والمواطنين، ولكن المسؤولية كذلك هي على عاتق وسائل الإعلام التي لها من الإمكانيات ما يجعلها قادرة: أ‌- على فتح الملف الأمني في هذه المرحلة الانتقالية ومناقشة الوضع والتحديات والخيارات. ب‌- لعب دور الرقيب على الأجهزة الأمنية (وهو أمر لا مفر منه في كل مجتمع يقر بالديمقراطية وبوسائل تحقيقها). ت‌- بربط قنوات الاتصال ولو بشكل غير مباشر بين المؤسسة الأمنية والمنتفعين بالخدمة الأمنية. ث‌- بتمكين المواطنين من بلورة تصوراتهم والتعبير عن هواجسهم وحاجياتهم الأمنية. وإذ نؤكد على دور وسائل الإعلام في ضمان الشفافية في العلاقة بين الأمن والموطن، فانه من الضروري التأكيد على وجوب تحلي الأعلام بالمسؤولية والحياد؛ وهو ما يطرح بدوره مسألة إصلاح قطاع الإعلام.