تونس – علي عبداللطيف اللافي
تمّ الاتّفاق يوم الثلاثاء (7 ماي الحالي) على تكوين هيكلة دائمة للتحالف الخماسي…
لمعروف باسم "الاتّحاد من أجل تونس"، كما تم الاتفاق على عقد اجتماعات أسبوعيّة للأمناء العامّين للأحزاب الخمسة المُكوّنة للاتّحاد(المسار – الجمهوري – العود – الاشتراكي – نداء)، وعلى اجتماع شهري لهيئته العُليا (5 أعضاء عن كل حزب) للنّظر في كلّ القضايا الّتي تَهُمُّ العمل المُشترك والوضع في تونس بصفة عامّة، لكن ما هو سرّ عودة الروح للتحالف الخماسي إن هي عادت فعليا خاصة وأنه عرف مرحلة موت سريرية وتلكّؤ في الدفع به وبتوسيعه على أطراف سياسية أخرى خاصة وأنه راوح مكانه سياسيا منذ الإعلان عنه بشكل مُنفرد من طرف السبسي في بداية ديسمبر الماضي؟
• حيثيات الاجتماع و المرشح الرئاسي موضوع مُغيّب
طبيعة التحالف الهشة والقابلة للاهتزاز بل والانفجار في كل محطة وبعد كل حدث سياسي رغم تصريحات السبسي نفسه لوسائل الإعلام بعد الاجتماع "أنّ الاتّحاد بخير، وأنّهُ سيتجلّى مُستقبلاً أمام الرّأي العام في دوره الحقيقي.....، إنّ الاتّحاد من أجل تونس هو جبهة سياسيّة وانتخابيّة"، و التأكيد الأخير هو للدلالة أنّ الحاجة لبقية المكونات ظرفية وليست إستراتيجية بالنسبة له ولحزبه، و أضاف السبسي موضحا وباثا الأمل في تحالف عرف التشكيك في استمراريته وصموده أما الهزّات السياسية "أنّ الأطراف المُكوّنة له تَعمَلُ على تعميق الحوار وتهيئة الأسباب المُلائمة للمواعيد الانتخابيّة المُقبلة" و الغريب في الأمر أنه تم الإعلان عن عدم مناقشة موضوع مرشح التحالف للانتخابات الرئاسية خاصة و أنّه كثر الجدل حوله خلال الأيام الأخيرة بعد إعلان السبسي ( والذي تم بشكل منفرد وبدون التشاور لا مع مكونات التحالف ولا مع قيادة حزبه) وبهذا الخصوص قالت مصادر مطلعة للضمير انه وقع الاتفاق على تأجيل النقاش في الموضوع قبل عقد الاجتماع وفي كواليس الاجتماع وهو ما أثبته أيضا تصريح البكوش لوسائل الإعلام اثر الاجتماع ”أنّ مسألة تَرشُّح الباجي قايد السّبسي للانتخابات الرّئاسيّة القادمة، لم تكن موضوع نقاش داخل الاجتماع"، مُشيرًا في هذا السّياق إلى "أنّ قايد السّبسي أعلن فقط عن نيّة التّرشّح، وأنّ الاتّفاق على تقديم مُرشّح عن الاتّحاد من أجل تونس سيُنَاقَشُ في موعِدِه"(موقع جدل الالكتروني).
• هل عادت الروح فعلا للتحالف الخماسي؟
تمّ التّطرّق، خلال الاجتماع إلى عدد من المسائل العاجلة والمُتأكّدة والمُتمثّلة في الجولة الثّانية من مؤتمر الحوار الوطني والوضع الأمني بصفة عامّة، وسُبُل إنجاح الحوار حول الدّستور. إضافة إلى الانتخابات القادمة ومسائل أخرى تمّ الاتّفاق على توحيد مَوَاقِفِ الأطراف المُكوّنة للاتّحاد بشأنها كما تم نقاش إمكانيّة توسيع الاتّحاد من أجل تونس ولم يتم اتخاذ قرار بعينه لان وجهات النظر فيه متباعدة وهو ما يؤكده كلام الطيب البكوش من خلال تصريحاته "إنّ المجال يبقى مفتوحا أمام كلّ الأطراف والأحزاب الّتي تُؤمن بالنّظام المدني الجمهوري"(وات).
و تختلف الرؤى من حيث أهمّية لقاء عودة الروح للتحالف الخماسي( إن هي عادت فعلا) بل أن قراءات الأطراف المكونة للتحالف الخماسي اختلفت للقاء الثلاثاء 7 ماي الحالي:
أ- حزب حركة نداء تونس: ففي حين تعتبره قيادة نداء تونس انه (استبطانا) لقاء "شد مشُومك لا يجيك لشوم منهُ" أي انه يجب الاحتفاظ بالتحالف في انتظار تطوّر الأحداث وباعتبار أنّ قيادة نداء تونس تعمل على انه يمكن تطور الأحداث ميدانيا وسياسيا في كل الاتجاهات ( بما في ذلك عمليا الدفع نحو انقلاب أبيض على الحكومة الحالية و الحزب يعتبر نفسه البديل الموضوعي لها)، وهي لا تنظر إلى أن الاستحقاق الانتخابي مبرمج وفقا لخارطة طريق يُحدّدها المجلس التأسيسي والحوار الوطني ، وهو ما يؤكده تصريح السبسي "..... تهيئة الأسباب المُلائمة للمواعيد الانتخابيّة المُقبلة إن وقع تحديده" (وات – موقع جدل).
ب- الحزب الجمهوري: و يرتبط موقفه بزعيمه الفعلي أحمد نجيب الشابي و الذي تبقى بيده إلى حد الآن ورقة "قتل" الاتحاد من عدمها فانه ينظر إلى موضوع التحالف كورقة شد وجذب مع جميع الأطراف الأخرى في الداخل ( النهضة – الجبهة الشعبية) والدولية أيضا ( الفرنسيون أساسا).
ت- باقي المكونات: وهي حزب المسار الاجتماعي (بقيادة أحمد ابراهيم) وحزب العمل الوطني الديمقراطي(بقيادة عبدالرزاق الهمامي) والحزب الاشتراكي(بقيادة محمد الكيلاني)، و ثلاثتها لا تعتبر مواقفها محددة، بل أنّ موقفها ضعيف وهي لا تمتلك الخروج من التحالف لأنّها خسرت كل أوراقها مع الجبهة الشعبية ومع كل أطراف المشهد السياسي، وهو ما أكده تصريح الهمامي حول الاجتماع واهميته "أنّه تمّ التّوصّل، خلال الاجتماع، إلى توافقات عريضة وهامّة في مجال تقييم الوضع السّياسي"، مُعلنًا "أنّهُ تقرّر عقد اجتماع لمجلس الأمناء، يوم الثّلاثاء من كلّ أسبوع، إضافة إلى اجتماع شهريّ يضُمُّ خمسة مُمثّلين عن كلّ حزب من الأحزاب المُكوّنة للاتّحاد من أجل تونس "، أمّا أمين عام المسار الدّيمقراطي الاجتماعي أحمد ابراهيم، فقد لاحظ "أنّ تونس بحاجة إلى بدائل مُقنعة من وجهة نظره"، مُشدّدًا في هذا السّياق على ضرورة تَجمِيع كلّ القُوى الدّيمقراطيّة والابتعاد عن منطق الأحزاب لإنقاذ البلاد من المَخَاطر الّتي تتهدّدُها".
• تحالف "ستاند باي"
والخلاصة أنّ الاتحاد من أجل تونس هو "ستاند باي" لجميع الأطراف المُكوّنة له ( أحزابه الخمسة والأطراف الداعمة والمساندة) حتى تعرف ماذا ستفعل خلال المرحلة المقبلة وحتى تتّضح لها الرؤية، أي أن كل مُكون من المكونات الخمس لسان حاله يقول " أنّنا اليوم في التحالف الخماسي وغدا سننظر في الأمر"، و ذلك يعني أنه حد أدنى وحل وقتي وظرفي حتى يأتي ما هو خير لكل طرف ، وهو ما يعني عمليا أن "الاتحاد الخماسي" مازال في حالة تأرجح بين توسيعه ( وهو أمر صعب أو ربما في اتجاه الأحزاب الصغرى التي لا منخرطين لها ولا تساوي شيئا في الساحة السياسية) و بين الموت السريري المُؤجل بحقنات منها اجتماع أول أمس الثلاثاء بينما الإعلان عن لقاءات دورية ما هو إلّا التقاء نية أطراف التحالف على مزيد البحث عما هو أفضل لمصالحها وعلاقاتها إضافة إلى أن التحالف مربوط بخيط شديد إلى أطراف خارجه تُريد بقاء الاتحاد حاليا في انتظار تطورات وأمور عديدة وليست جليّة حاليا.