مقاﻻت رأي

الاستيطان دعاية واستباق [حمزة إسماعيل ابوشنب - غزة]

زووم تونيزيا | الأحد، 30 ديسمبر، 2012 على الساعة 20:16 | عدد الزيارات : 1198
منذ انتهاء العدوان على غزة وبعد حصول فلسطين على عضوية المراقب في الأمم المتحدة أصحبت أخبار الوحدات…
لاستيطانية تملأ الصحف والمواقع الإلكترونية، فبين الحين والآخر تطلعنا الأخبار على قرارات جديدة للحكومة "الإسرائيلية"، حيث يصل عدد الوحدات الاستيطانية التي ستبنى إلى أكثر من خمس آلاف وحدة جديدة في القدس، وأخطر هذه المشاريع هي ما يسمى مشروع منطقة  (أي واحد- E1 ) حيث قرر الاحتلال بناء ثلاث آلاف وحدة سكنية في المنطقة الفاصلة بين مدينة القدس المحتلة ومستوطنة معاليه أدوميم التي تقع شمال شرق المدينة، وهي المنطقة التي تربط شمال الضفة الغربية عن جنوبها . هذه الخطوات المتبعة من قبل الحكومة الإسرائيلية التي يقودها نتنياهو تهدف إلى مكاسب سياسية يريد أن يحققها خلال الفترة القادمة، ويستطيع أن يبرهن بها للإسرائيليين أنه قادر على التغلب على كافة أزمات دولة إسرائيل، لذلك يستعد للمرحلة الانتخابية خلال الشهر المقبل، فاختار شعاراً لحملته تحت اسم ( نتنياهو الوحيد القادر على إنقاذ إسرائيل ) . الاستيطان كان جزءاً من الحملة الانتخابية التي قادت نتنياهو إلى سدة الحكم، وهو يعي جيداً بأن الناخبين الذين بموجب أصواتهم يحافظ على موقعه هم اليمين واليمين المتطرف، وهؤلاء يجب أن تقدم لهم ما يقنعهم ببرنامجك الانتخابي وتحقق لهم ما وعدت به سابقاً، فكانت القرارات عبارة عن إعلان غير رسمي للدعاية الانتخابية للقائمة المشتركة بين  حزبي "الليكود – وإسرائيل بيتنا" ،والتي تحاول أن تحصل على 45 مقعداً في الكنيست الإسرائيلي القادم، لذلك ستعزز هذه الخطوة حظوظها  بالأفعال لا بالأقوال في ظل تراجع اليسار والوسط داخل المجتمع "الإسرائيلي" . القرارات لم تكن فقط دعاية انتخابية بل كانت أيضاً استباقية لكافة الحلول التي ستطرح على الطاولة لتفعيل عملية السلام من جديد، فقد نجح الاحتلال من خلال قرار البناء في القدس بفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها ضارباً بعرض الحائط قرار الأمم المتحدة الذي منح السلطة الفلسطينية دولة مراقب، فهو استطاع أن يفرض أمراً واقعاً على الأرض يجلس بعدها ليتحاور على طاولة المفاوضات في ظل الأحاديث المتزايدة عن المبادرات القادمة لإحياء عملية السلام بين السلطة والاحتلال، حيث جرى الحديث عن المبادرة الأمريكية الفرنسية، كما صرحت قيادات فلسطينية عن مبادرة عربية تقوم على إطلاق المفاوضات لمدة ستة شهور بعد الانتخابات "الإسرائيلية"، يرافقها تجميد للاستيطان خلال هذه الفترة، لذلك تم استباق هذه الأجواء بقرارات تجعل هامش المناورة أوسع مما كان عليه في السابق وتخرج نتنياهو من دائرة الخلاف مع الإدارة الأمريكية في الولاية  الثانية لأوباما بعد خلافات بين الطرفين في الولاية الأولى. باعتقادي أن الضربة الاستباقية التي وجهها نتنياهو لجهود السلام الجديدة ستجعل  الموافقة على طلب الإدارة الأمريكية بتجميد الاستيطان أسهل، وهذا يمكن الطرف الأمريكي من الضغط على الجانب الفلسطيني الباحث عن مخرج من المأزق السياسي وانعدام الأفق والأزمة المالية والوضع الاقتصادي المتردي في الضفة الغربية، مما يعطل مشروع المصالحة الفلسطينية الداخلية ويكون الاحتلال والأمريكيون قد نجحوا في جرَ عباس إلى مربع المفاوضات وإفشال المصالحة الداخلية، وهذا يعني الاستفراد بالضفة الغربية وتهميش قطاع غزة ما يضعف المواقف الفلسطينية . إن المخرج من هذه الخطوة المتوقعة بعد الانتخابات "الإسرائيلية" ومن البوتقة القديمة الجديدة هو تفجير انتفاضة فلسطينية ثالثة في الضفة الغربية تعتمد على أسلوب المقاومة الشعبية والمسلحة لخلط الأوراق من جديد، ووضع الجامعة العربية أمام تطلعات الشعب الفلسطيني الحقيقية والذي يحتاج إلى مواقف مساندة وإدارة جديدة للصراع مع الاحتلال تكون على قاعدة المقاومة بدلاً من طرح مبادرات للسلام.