إن المتأمل في اداء وسائل الإعلام و الإعلاميين و خاصة تلك التي كانت موجودة قبل الثورة يرى نقلة نوعية من اداء…
يث تحولت هذه الوسائل من بوق دعاية و مطبل و مزمر للسلطة القائمة إلى ناقد شرس للسلطة الحالية طبعا هذا المشهد من الخارج اما من الداخل فتحكمه عدة عوامل و ظروف .
أولها الظروف الإستثنائية التي تمر بها البلاد و حالة استضعاف الدولة و مؤسساتها مما خلق حالة من الفوضى الإعلامية اباحت للإعلاميين التكلم في كل شئ حتى لو كان فيه ثلب او مس برموز و مؤسسات الدولة.
ثانيا التوظيف السياسي لبعض وسائل الإعلام مما جعل منها في بعض الأحيان بوق دعاية لطرف سياسي و مهاجمة طرفا اخر مع ما يرافق ذلك من كذب و تلفيق و تزوير.
ثالثا و في تقديري هي من اهم الأسباب التي يجب ان تؤخذ بعين الإعتبار في تقييم العمل الإعلامي و اريد أن أنطلق من سؤال هل نحن لدينا صحفيين و اعلاميين في تونس محترفين فعلا العمل الصحافي بما يتطلبه من حرفية و مهنية و حرفية في نقل الأخبار ام اننا امام فئة تعمل في المجال الإعلامي و ليس محترفة العمل الإعلامي بالأساس بل هي تحترف تزييف الحقائق و تغيير الصور و للأسف هذا ما كان يقوم به صحفيينا على مدى اكثر من عقدين من الزمن حيث كان صحفييي وسائل الإعلام المكتوبة و المسموعة و المرئية شغلهم الشاغل هو احتراف تزوير الوقائع و تزييف الحقائق و اللعب بالأرقام و بالإنجازات و ذلك بغية تجميل و تحسين النظام اذن هنا يجب ان نقر ان هؤلاء الصحفيين لهم من الخبرة الكبيرة في التزييف و التزوير و قلب الحقائق على مدى اكثر من عشرين عاما و هذه الخبرة المكتسبة اهلتهم ان يستطيعوا قلب المشهد الإعلامي في البلاد في هذه المرحلة و خاصة اذا وضعنا في الإعتبار الانتماءات السياسية و الإيديولوجية و ما يصاحبها من توظيف اعلامي و سياسي و ايضا مسألة الفساد المالي حيث ان معظم هؤلاء الصحفيين كانوا يتقاضون امتيازات و رشاوي في الحقبة السابقة و ذلك قصد شراء ذممهم لما ذكرناه سابقا من تزوير و تزييف للواقع و لا يمكن هنا ان ننسى ذكر الدور القذر الذي لعبته وكالة الإتصال الخارجي .
اذا نحن امام مشهد اعلامي يحركه مجموعة من المرتزقة والذين يحترفون في واقع الأمر ليس الصحافة انما التزوير و قلب الحقائق في ظل هذا الواقع المليئ بالمغالطات المطلوب خلق طبقة اعلامية تقطع مع الماضي و تنهض بالقطاع و هذا بطبيعة الحال يتطلب وقت و جهد و ارادة قوية من ناحية و اخرى يجب ان تتحمل الدولة مسؤوليتها في تطهير الإعلام بما يتناغم مع استحقاقات الثورة و الرأي العام الشعبي و كذلك يجب للشعب ان يلعب دوره في فضح ممارسات
وسائل الإعلام التي تستخف بالإرادة الشعبية.