سياسة

الغنوشي في مركز "حوارات المتوسّط": لا أحد يخسر إذا نجحت تونس في بناء ديمقراطيتها

زووم تونيزيا | الثلاثاء، 27 نوفمبر، 2018 على الساعة 12:53 | عدد الزيارات : 8159
بدعوة من مركز "حوارات المتوسّط" في إيطاليا شارك زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي في ندوة بعنوان "الهوية الإسلامية الجديدة: السياسة والعلوم والثقافة في عالم متعدّد" وألقى محاضرة تطرّق فيها إلى المتغيّرات التي يشهدها العالم والعالم العربي خصوصا وإلى أهميّة قيم الحرية والإنفتاح ناهيك عن التجربة التونسية وما حقّقته من منجز ينظر له العالم بعين الإنبهار بعد الثورة.

 

 

راشد الغنوشي أكّد في محاضرته أنّ حركة النهضة تجتهد منذ فترة للجواب على سؤال الهوية بما يجعل مشروعنا ثابتا في مرجعيته، منفتحا على حاصل التجربة الإنسانية ومكاسبها، متفاعلا مع بيئته ومع أهمّ الفاعلين فيها على قاعدة الاعتراف المتبادل والتعايش من أجل المصالح العامة للوطن والمواطن.

 

رئيس حركة النهضة قال أيضا تونس تعيش منذ الثورة تجربة جديدة لا تزال فصولها متواصلة، تتوالى فيها التحديات، وتتراكم فيها الإنجازات والمكاسب وتُفتح فيها الآفاق. مضيفا أن المتابعين ينظرون للتجربة التونسية في الانتقال الديمقراطي باعتبارها نموذجا ناجحا، رغم ما فيه من نقائص وتحديات منها خاصة تأخر الانتقال الاقتصادي. مؤكّدا أن من أهمّ ما ميّز التجربة التونسية تواصل العملية السياسية من خلال الحوار والتوافق والتعايش في الفضاء العام بين الإسلاميين وغيرهم من العائلات الفكرية والسياسية الأخرى. مشدّدا على أن الخلاف السياسي مازال يدار في الفضاء السياسي وتحت قبّة البرلمان بآليات ديمقراطية.

 

كما أشاد الغنوشي بالدستور التونسي الجديد وقال أنه مثّل أساسا لبناء نظام سياسي جديد يقوم على مبادئ الديمقراطية منها التعددية والحرية والحقوق العامة والخاصة والمساواة في المواطنة. معتبرا أن نجاح التجربة التونسية واستقرارها بشكل دائم رهين رسوخ الثقافة الديمقراطية، ومنها بالأساس التعايش بين المختلفين من خلال الاعتراف المتبادل وحسن إدارة الاختلاف بينهم.

رئيس حركة النهضة أبرز أيضا أن تونس تقدّمت أشواطا مهمة في مسار هضم الديمقراطية وبناء الكتلة التاريخية الضرورية للعبور نحو الاستقرار وتحقيق استحقاقات الثورة. مضيفا أن الكتلة التاريخية ستكون بطبيعتها متعدّدة الأطراف والخلفيات، تجمع العائلات الفكرية والسياسية والقوى الاجتماعية الكبرى، كما ستكون متوافقة رغم تعدّدها على أساليب ديمقراطية لإدارة الاختلاف والتداول السلمي على السلطة بحسب نتائج الصندوق، متخفّفة من الأيديولوجيا واستقطاباتها، وتنافس في خدمة الوطن والمواطن.

 

من جهة أخرى أشار راشد الغنوشي إلى أن التجربة التونسية لا تزال تقاوم من أجل محاصرة دعوات تأتيها من غلاة اليمين واليسار بالإقصاء والتهميش وبتأجيج الاحتقان الاجتماعي لتوفير مناخ لكراهية المخالف وشيطنته والتفكير في إقصائه بكل الوسائل.

 

مشيرا إلى بعض الأطراف السياسية التي لا تزال تصرّ على عدم تبادل الاعتراف بالنهضة وعلى التعامل معها باعتبارها ملفا أمنيا وليست حزبا سياسيا وعمقا اجتماعيا وثقافيا وفاعلا وازنا في المشهد السياسي قاوم الاستبداد قبل الثورة ويساهم بعدها في بناء الجمهورية الثانية والدفاع عن الدولة من مواقع متقدّمة بشرعية انتخابية وشعبية واسعة راسخة ومتجددة وفي قيادة قاطرة المصالحة مع العائلة الدستورية التي تقبل بشرعية الثورة ودستورها ونظامها السياسي.

 

وأكّد الغنوشي أن حركة النهضة ستبقى منحازة لتونس ومصالحها الكبرى وستواصل خدمة شعبها وتتعاون في ذلك مع غيرها من أجل بناء مشروع وطني جامع لا يقصي أحدا تلتئم على أرضيته كل المصالحات المطلوبة. مضيفا أن علاقات الحركة ستكون مفتوحة أمام كل الصيغ الممكنة للعمل المشترك طالما أنها تصبّ في خدمة المصلحة الوطنية وتساعد على بناء حالة وطنية مستقرة بعيدا عن عقلية الغالب والمغلوب أو الأغلبية والأقلية لأنّه لا أحد يخسر إذا نجحت تونس.