كما قلل من أهمية التصريحات الأخيرة التي أطلقها قياديون في حزب نداء تونس الحاكم حول نهاية التوافق مع حركة النهضة، مشيرًا إلى أن التوافق في الأصل هو بين الحركة والرئيس الباجي قائد السبسي الذي يحظى بثقة التونسيين، وليس مع نداء تونس الذي قال إنه يعاني من أزمة حول شرعية تمثيله، على اعتبار وجود أطراف عدة تحاول احتكار قيادة الحزب وطريقة تسييره.
وقال الشهودي، "لا شك في أن تونس، بعد الانتخابات البلدية، تمر بانعطافة كبيرة باتجاه إرساء الحكم المحلي، وبعض الأطراف العلمانية لم تستوعب نتيجة الانتخابات التي فازت فيها النهضة بنسبة كبيرة، وهو ما دفعها لتبني خطاب عدائي ضد الحركة، وجزء من هذا الخطاب متصل بعدم استيعاب درس 6 ماي (الانتخابات البلدية) وانتهاء منظومة التصويت المفيد ونهاية التكتل ضد حركة النهضة والذي لم يعد له مكان بدليل حجم التحالفات التي أدارتها قيادات محلية وجهوية في (75) في المئة من البلديات وأحدثت توافقات مع كل الأطراف (النهضة والنداء والجبهة والمشروع وغيرها) دون استثناء، ووجدت فرصة للبناء والتعايش المشترك. هذا يدل على أن الصراع الإيديولوجي والتعاطي مع النهضة أو معارضتها ما زال محصورًا في عقول مركزية متبلدة لم تستوعب أن تونس تتغير بعمق وسرعة".
وأضاف "وبالنسبة لاتهام النهضة بالتورط في عملية جندوبة، هناك سلطة قضائية يُقر الجميع بحياديتها بشك كبير، ومن له تهمة أو دليل فليس له إلا القضاء. كما أننا سوف نذهب – بدورنا- إلى القضاء، كما ذهبنا سابقًا وتمت إدانة الكثير من السياسيين (الذي كالوا اتهامات كاذبة للحركة) وهناك أحكام قضائية ضد بعضهم.
وربما نحتاج إلى مراجعة نظام العقوبة في هذه القضايا الذي يقتصر على غرامات مالية وتأجيل تنفيذ الحكم (باعتبارها عقوبات غير رادعة)، كي يصبح المشهد السياسي أكثر انضباطًا، خاصة أن الأجيال التي تربت على المواطنة تحتاج لاستيعاب الخلاف ضمن دائرة الأخلاق السياسية.
وأعتقد أن على هؤلاء المتطرفين (الإيديولوجيين) إعادة حساباتهم والتعاطي مع موضوع الإرهاب كعدوان خارجي وانفلات في عقول بعض شبابنا وبأنه نتيجة عجز عام في منظومة التربية والثقافة طيلة مرحلة (الرئيس السابق زين العابدين) بن علي.
وكان منجي الحرباوي، الناطق باسم حزب نداء تونس، أكد أن التحالف مع حركة النهضة انتهى، مشيراً إلى أن نتائج الانتخابات البلدية تؤكد أن التوافق المستمر بين الطرفين بات من الماضي. فيما حذر برهان بسيِس، المكلف بالشؤون السياسية في النداء، من صراع وفوضى سياسية قادمة، حيث دوّن الأيام القادمة ستكون فعلاً حاسمة في مستقبل البلاد سياسيًا وسنعاين دروسًا فارقة في كل المستويات...الطبول تدق، ولن يكون الأمر مجرد مناورة بالذخيرة الحية.
وعلّق الشهودي بقوله "علينا أن نسأل أولًا: من هو الناطق الرسمي باسم حزب نداء تونس؟ إذ ليس هناك وضوح هيكلي حول من يمثل هذا الحزب، ففي المساء يتحدث أحدهم باسم الحزب وفي الليل يصدر بيان يفنّد تصريحاته.
عمومًا على النهضة أن تكون أكثر صبرًا تجاه النداء، فمن غير السهل تأسيس حزب في تونس، وخاصة في ظل محاولة صناعة أفق هذا الحزب، ولذلك علينا تجاوز هذه الترّهات من هنا وهناك، ويبقى الأهم هو إدارة شأن مصالح الناس، وأهم فضاء لذلك هو الحكم سواء كان مركزيًا (البرلمان) أو سلطة محلية فنحن والنداء وغيرنا نحتاج لتجاوز خلافاتنا الشكلية واستيعاب بعضنا لإدارة الحكم المشترك لخدمة مصالح الناس.
وأضاف "صحيح أن التوافق (مع نداء تونس) بدأ يهتز، لكن لنكن واضحين، فالتوافق في جوهره هو مع رئيس الدولة الذي يتمتع بثقة كبيرة ويحمل قدرًا كبيرًا من استيعاب الاختلاف والتنوع، فنحن نعتبر أنفسنا في شراكة مع رئيس الدولة وننتظر من الحزب (نداء تونس) تعدي نفسه واستيعاب أوضاع ما بعد الانتخابات البلدية. ونلفت النظر إلى أن قاعدتي النهضة والنداء استطاعتا تجاوز كل الضغوطات المركزية (من قبل النداء) وعقد تحالفات محلية كثيرة (داخل المجلس البلدي)، باعتبار وجود روابط إنسانية واجتماعية تتجاوز الروابط الحزبية.
وتابع الشهودي "لا شك في أن النداء - كشريك في إدارة الحكم- يمر بأزمة حزبية خانقة، إذ لديه إشكالية على مستوى الشرعية الداخلية ويحتاج إلى تجاوز صعوباته، ونحن نتعامل معه بقدر كبير من الصبر، بدليل أننا في أكثر من محطة انتخابية محلية نتنازل له بدون توافقات، باعتبار أننا نشعر أن هذا الحزب عليه أن يستمر وعليه أن يتجاوز إشكالياته، لأنه في الحقيقة ليس هناك بديل واضح لتلك القوة، ومن يُعبر عنها. أما الانفلات في تصريحات بعض قياداته، فأعتقد أن هذه القيادات تستجلب أدوات قديمة باعتبار أنها من المنظومة السابقة ولم تستوعب اللعبة الديمقراطية وأدواتها".
المصدر: القدس العربي