سياسة

الغنوشي: ليس لنا رغبة في عودة الارهابيين واتهام النهضة بالإرهاب هو حيلة سياسية

هدى بوغنية | السبت، 28 جانفي، 2017 على الساعة 10:17 | عدد الزيارات : 2155
نفى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ما يروج من حديث عن كون أنشطته الخارجية، تندرج ضمن "الدبلوماسية الموازية" للدبلوماسية الرسمية التونسية.  

 

وقال الغنوشي في حوار مع "العربية.نت"، رداً على سؤال يتعلق بالاتهامات التي توجه له، بكونه استغل ضعف مؤسسات الدولة، لصالح القيام بدبلوماسية حزبية، خاصة من خلال الزيارات المتكررة للجزائر، التي حظي فيها باستقبال رسمي من قبل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، إن اتصالاته الخارجية "تندرج ضمن ما يعرف بالدبلوماسية الشعبية التي لا تعوض الدبلوماسية الرسمية للدولة" معتبرا أن "الدبلوماسية الشعبية في العلوم السياسية، تقوم بها الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وهي لا تنافس ولا تشوش على الدبلوماسية الرسمية، بل إنها تسير وراءها وتدعمها وتفتح لها آفاقاً".


وحول ما اعتبره البعض نوعاً من "الانزعاج" الحكومي من أنشطته الخارجية بدون صفة رسمية، أشار الغنوشي إلى أنه "لم يسجل علينا في زياراتنا الخارجية أن وقع التنبيه إلى أننا أفسدنا أو شوشنا على علاقة بلادنا مع هذا الطرف أو ذاك، كما أننا لا نعقد أو نبرم اتفاقات فهذا هو شأن المؤسسات الرسمية".


وإجابة عن سؤال يتصل بوجود "تشويش"، على مبادرة الرئاسة التونسية، حول الموضوع الليبي، حيث تسعى تونس بالأساس إلى الدعوة لقمة ثلاثية تضم دول الجوار الليبي (تونس ومصر والجزائر) خلال الأيام القليلة القادمة، أوضح الغنوشي، أن الرئاسة التونسية على علم بكل تحركاته - حيث إنه التقى الرئيس السبسي قبل سفره الأحد للجزائر - وأكد أن تحركاته رافد لدعم مبادرة الرئيس، وفق تعبيره.


وأعلن الغنوشي أن جزءاً مهماً وكبيراً من زيارته الأخيرة للجزائر متصل بتفاعلات الملف الليبي، الذي هو محل اهتمام كل دول المنطقة وخاصة دول الجوار الليبي، وهي تونس ومصر والجزائر، وأكد أن هناك أطرافاً أساسية في المعادلة لا يمكن أن يتحقق السلم والاستقرار من دون مشاركتها، و"هذه الأطراف أو بعضها لنا بها علاقة"، وفق تأكيده.


كما شدد الغنوشي على "أن السياسة الرسمية في كل من تونس والجزائر، تعمل على إيجاد تسوية تعيد الهدوء والاستقرار والتوافق الوطني، بين كل القوى في ليبيا، وهو ذات الاتجاه الذي يمكن أن نقدم فيه المساعدة نظراً لعلاقاتنا الوثيقة مع أطراف ليبية مهمة، يمكن أن تساعد على إقرار التوافق والمصالحة الوطنية، وتجنب ليبيا والمنطقة خطر الهزات وويلات عدم الاستقرار".


وأكد أهمية الدور الجزائري في استقرار المنطقة، مشيراً إلى أن العلاقة مع الجزائر استراتيجية، مبيناً أن التونسيين كلهم لا يختلفون حول ذلك، وأنها ليست محل تجاذب، خلافاً للعلاقة مع دول أخرى: "فكما تعلمون فإن السياسة تصنعها الجغرافيا (أطول حدود) والتاريخ المشترك وأيضاً المصالح المشتركة".


وقال الغنوشي، إن مبدأ "التوافق والوئام الوطني" يعتبر نموذجاً لحل المشاكل التي تشهدها المنطقة العربية خاصة الأزمة الليبية. وإن "مبدأ التوافق والوئام الوطني الذي أطفأ الحريق في الجزائر وفي تونس يعد نموذجاً لحل المشكلات عن طريق الحوار، وهو السبيل لحل الأزمة الليبية ومشاكل العالم العربي، كما هو الحال في سوريا واليمن".


وفي معرض رده على الاتهامات الموجهة له بأنه يسعى لـ"تمييع الإرهاب" من خلال استعمال مصطلح "الإسلام الغاضب" لتوصيف الجماعات المتشددة، قال الغنوشي إن هذا المصطلح هو مصطلح من علم الاجتماع، وأضاف أنه "لم يمدح هؤلاء المجرمين، بل إنه يعتبرهم خارجين عن العقل والقانون والدين" مشددا على "أن حركته لا تريد عودة الإرهابيين، وأن الحديث حول ملف عودة الإرهابيين يندرج ضمن وصف لأوضاع قانونية تفرض على الدولة تحمل مسؤوليات معينة محلياً ودولياً"، وأضاف: "ليس لنا رغبة في عودتهم".


وأكد أن موقف حركته يصطف وراء موقف الدولة التونسية، مشددا على أنه "لا يجب أن ننقسم في تونس تجاه هذا الخطر، وإن الذين يقسمون الناس على أساس الموقف من الإرهاب، هم يقدمون خدمة للإرهاب، الذي لا يتغلغل إلا في مجتمع منقسم".


في تقييمه للسنتين من حكم "التوافق" بين ما أصبح يعرف في تونس بـ"تحالف الشيخين" (السبسي والغنوشي)، بيّن رئيس حركة النهضة أن أهم المنجزات تتمثل في المحافظة على الحرية والإطار الديمقراطي، الذي لا يزال في حاجة إلى مزيد من استكمال حلقاته حتى يترسخ مضيفا بأن تونس أنجزت انتقالها الديمقراطي وقد بدأت اليوم بالعمل على إطلاق الانتقال الاقتصادي.


وأشاد بنجاح حكومة الشاهد في تنظيم المؤتمر الاستثماري الدولي في تونس قبل أسابيع، وأضاف أنه يأمل أن يمثل هذا المؤتمر نقطة البداية في الإقلاع الاقتصادي والذي لا يمكن أن يتحقق إلا بالعمل والمثابرة والمحافظة على الوحدة الوطنية، والأمن والاستقرار والديمقراطية.


ورفض الغنوشي الدعوات التي تقول إن حركة النهضة استقوت بأغلبيتها في المجلس التأسيسي لفرض نظام سياسي ودستور يؤبد هيمنتها على الحياة السياسية مشددا في هذا السياق إن النظام البرلماني هو الذي يناسب الديمقراطية، وهو من أفضل الأنظمة السياسية، وفق تعبيره.


كما نفى الغنوشي أن يكون ضعف الدولة مرده النظام السياسي، واعتبره "نتيجة من نتائج أوضاع ما بعد كل ثورة"، مبيناً أنه "في تجارب أخرى تفككت وانهارت الدولة، وإن بقاء الدولة في تونس قوية وصامدة، هو نتيجة وجود إرث تاريخي لدولة مركزية متجذرة، فضلاً عن تناغم وانسجام التركيبة السوسيولوجية والثقافية".


وبيّن "أنه بالنسبة لتوزيع الصلاحيات بين البرلمان والرئيس والحكومة، فإنها محددة تحديداً واضحاً في الدستور"، مشيراً إلى أنه قد "حصلت توافقات كبيرة قبل إقرار النظام السياسي الذي نص عليه دستور 2014 معتبرا "أن التوافق السياسي الذي قاده الرئيس السبسي ودعمته النهضة هو الذي أنقذ تونس من الانزلاق نحو مصير مماثل لدول أخرى، فهو الذي جنّب تونس مخاطر التقسيم".


وركز على أن الاستقطاب الأيديولوجي يهدد التجربة الديمقراطية الناشئة، واعتبر أن هناك من يريد إعادة عقارب الساعة إلى عام 2013 (الانقسام المجتمعي الكبير بين الإسلاميين والعلمانيين وبين القديم والحديث)، مشيراً إلى أنه "اليوم لا سبيل لأي تقدم سياسي بدون مشاركة جميع الأطراف، وإن تونس تحتاج إلى الوحدة الوطنية وتحتاج إلى مصالحة وطنية شاملة تفتح أبواب مستقبل زاهر، من أجل التنمية ومن أجل محاربة الإرهاب."


وحول تحمل النهضة للمسؤولية السياسية والأخلاقية لاغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، قال الغنوشي إن هذه أسطوانة مشروخة متسائلا عن سبب توجيه الاتهامات للنهضة وتحميلها المسؤولية السياسية على اغتيال البراهمي وبلعيد، في المقابل ليس هناك من تساءل عمن يتحمل المسؤولية السياسية للعمليات الإرهابية قبل الترويكا وبعدها.


وأشار الغنوشي إلى أن "اتهام النهضة بالإرهاب هو حيلة سياسية، وأن النهضة أكثر المتضررين من الإرهاب" مشددا على أن الإرهاب خطر يهدد الجميع ويتجاوز الحدود وينبغي مواجهته بشكل جماعي كظاهرة عالمية.


وأضاف أن منابع الإرهاب ليست الإسلام بل الدكتاتوريّة والفساد، مشيراً إلى أنه لا مستقبل للتطرّف في تونس، وأن الحل لمواجهته في المنطقة يكمن في "الإسلام الديمقراطي" والتنمية، وأنه لا يمكن مقايضة الحريّة بالأمن لأنها معادلة خاطئة.