سياسة

أي موقف للجبهة والوطني الحر وتيار المحبة في الدور الثانية للرئاسية

علي عبد اللطيف اللافي | الخميس، 27 نوفمبر، 2014 على الساعة 22:41 | عدد الزيارات : 4333
مباشرة بعد إعلان التقديرات الأولية لنتائج الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية والتي تبين من خلالها تأهل كل من السبسي والمرزوقي للدورة الثانية انطلقت بين الرجلين أولى المعارك، أي معركة حشد المُساندين من شخصيات وطنية و مختلف مكونات المجتمع المدني والسياسي من أجل الوقوف وراء كُل منهما في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، خاصة وأن عمليات الحشد سيكون لها آثارها على الناخبين واختياراتهم، وفي هدا السياق ما هي المواقف المحتملة لكل من الجبهة الشعبية والاتحاد الوطني الحر وتيار المحبة خاصة وان مرشحيه

في أهمية اصطفاف المكونات الثلاث

في قراءة أولية لنتائج الدورة الأولى المُعلن عنها رسميا من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات صبيحة الثلاثاء الماضي، فان الأطراف أو المكونات الثلاث قادرة على تعديل الكفة لهذا المرشح أو ذاك في الدورة الثانية، و السبب جلي وواضح باعتبار أن النسب التي تحصل عليها مُرشحو "الجبهة" و "الاتحاد" و "المحبة" ستكون لها أهميتها والتي تقدر مجتمعة بما يقارب الـ19 بالمائة تقريبا من أصوات من توجهوا لصناديق الاقتراع :

  • الجبهة الشعبية رشحت حمة الهمامي المُتحصل على 255529 صوتا أي بنسبة 7.82 بالمائة من أصوات الناخبين ....
  • تيار المحبة ومرشحه الدكتور محمد الهاشمي الحامدي والدي تحصل على 187923 صوتا أي ما نسبته 5.75 بالمائة...
  • الاتحاد الوطني الحر ومرشحه سليم الرياحي المتحصل على 181407 صوتا أي ما نسبته 5.55 بالمائة من الأصوات...

أي أن حوالي 600 ألف صوت ستوجه لهدا المرشح أو داك ، ورغم أن التصريحات الأولية والتقديرات العامة لمواقف المكونات سالفة الذكر أنها لن تحسم أمرها بسُرعة بل أن المسؤولين الأولين أكدوا أن الموقف النهائي سيتم على ضوء القرار الذي ستتخذه الهياكل القيادية، أي ربحا للوقت ورجوعا للمؤسسات القيادية المركزية وهو أمر محمود ومطلوب...

ولا يختلف اثنان في أهمية كسب أي منها لهدا المرشح أو داك وأنها ستكون من بين عوامل تقدم أي من المرشحين وفي حد أدنى ربح بعض المعارك السياسية والإعلامية قبل موعد الدور الثاني والوارد تنظيمه يومي 21 أو 28 ديسمبر القادم...

وستضطر الأطراف الثلاث اللجوء الى المؤسسات القيادية الكبرى لأنها قد تجد نفسها أمام استقالات لكوادرها نتاج الموقف المتخد:

  • الجبهة الشعبية: سيحسم مجلس الأمناء موقفها بشكل قطعي ونهائي سبب تردد البعثيين والدين لن ينسوا موقف الباجي تجاههم فهو قد رفض في أوت 20213 دخول اللجنة السياسية لجبهة الانقاد يومها....
  •  الاتحاد الوطني الحر: يعرف رجل الأعمال أن حزبه هو حزب ناشئ وان نداء تونس قادر على جر عدد من النواب الجدد للحزب في صورة اتخاذ قرار غير ديمقراطي يلزم الحزب...
  •  تيار المحبة : هو تيار شعبوي أكثر منه تيار سياسي وبالتالي سيعتمد الدكتور الحامدي على استشارة لأنصاره و هناك مواقف ثلاث بناء على ما كتبه على صفحته على الشبكة الاجتماعية حيث أكد أن "في اجتماع يوم الأحد سنتناقش حول الخيارات الثلاثة التالية ( الحياد وعدم دعم اي مرشح - دعم الدكتور منصف المرزوقي - دعم الأستاذ الباجي قايد السبسي) و نرجو من جميع أنصارنا المشاركة في هذا النقاش بكتابة تعليق من الآن وكتابة خيارهم ..."

المرزوقي قطع بعض الخطوات الاستباقية

مباشرة بعد غلق آخر مكتب اقتراع في تونس الأحد، طالب المرزوقي من مقر حملته بمدينة أريانة، كل الديمقراطيين الدين ناضلوا معه بالالتفاف حول شخصه مُقدما نفسه باعتباره المرشح الطبيعي لهذه العائلة السياسية ، بل أن مدير حملته الانتخابية دعا الجبهة الشعبية إلى مساندة المرزوقي لمجابهة خطر التغول، وهو ما يعني أن المرزوقي سيعتمد على منطق أنه المرشح الطبيعي للعائلة الديمقراطية وهو أيضا رد على منطق التقسيم الذي اعتمده منافسه في تصريحه لإذاعة "مونتي كارلو" وهو ما أشار المرزوقي إليه في تصريحه لقناة "فرانس 24"، و بالتالي فالمرزوقي سيكون قادرا على استقطاب جزء من جمهور الجبهة الشعبية وبعض مُكونات المشهد السياسي المحسوب عليها حتى وان اختارت الجبهة دعم خصمه المباشر أو اختارت موقف الحياد..

وطبعا من الطبيعي أن يجد المرزوقي مساندة واضحة وعلنية من الأحزاب التي دخلت في مشاورات مع حزبه على أرضية مبادرة مصطفى بن جعفر لاختيار مرشح واحد من العائلة الديمقراطية الاجتماعية حيث سبق أن تم الاتفاق بين "الحزب الجمهوري" و "التكتل من اجل العمل و الحريات" و "التحالف الديمقراطي" و "حركة الشعب الناصرية" و " المؤتمر من اجل الجمهورية" و "التيار الديمقراطي" وبعض المرشحين المستقلين ( الكيلاني – فريخة – بن سلامة ....) وهو مساندة المرشح الذي سيمر إلى الدور الثاني.

وبغض النظر عن المساندة الرسمية من طرف تيار المحبة ( رغم أن اغلب قيادات التيار تدعم المرزوقي) فإن اغلب من صوت لتيار المحبة سيجدون أنفسهم آليا في صف المرزوقي، كما أن أغلب الفصائل الطلابية غير القريبة من اليسار والتجمعيين مُساندة للمرزوقي خاصة و أن الطلبة سيكون حضورهم قويا باعتبار تزامن العطلة الشتوية مع الموعد الانتخابي...

ومع دلك فمن المنتظر أن يجد المرزوقي مساندة من طرف:

  • بعض القوميين العرب في الجبهة الشعبية على غرار حزبي الطليعة وحركة البعث وهو أمر قبل لهدا الاتجاه أو ذاك؟؟
  • التيار العقلاني في الاتحاد الوطني الحر حيث صرح القيادي محسن حسن أن ليس هناك أي قرار نهائي وان الحزب سيتجه الى موقف تمليه المصلحة الوطني ؟؟؟

السبسي و ورقة الحقائب الوزارية مع المكونات الثلاث

يعتقد البعض من المتابعين أن الباجي قد دخل معركة الإصطفافات بأريحية كبيرة باعتباره يمتلك عددا من الأوراق وهي مسألة غير صحيحة ادا ما دققنا في الموضوع من جوانبه العديدة ومن زوايا مختلفة :

  • المرزوقي وضع نداء تونس والرباعي الراعي للحوار في مأزق لا يحسدون عليه وحتى إن كانت مجرد مناورة قانونية فان المكونات الثلاث ستتردد قبل حسم مواقفها بناء على دلك ومنها حمة الهمامي بالدات لطبيعة تعقد رؤيته لموضوع تشكيل الحكومة ( من سيرأسها – هل ستشارك فيها النهضة – هل النداء جاد في تشكيل الحكومة من الأصل - ....)
  • خطوة بن جعفر زادت في إرباك كل الأطراف وخاصة السبسي والمكونات الثلاث لان جلسة 02 ديسمبر للمجلس النيابي الجديد ستقلب العيديد من المعطيات والمواقف أو قد تنسخ بعض المواقف المتخدة قبل انعقاد الجلسة

ادا هدا يؤكد أن الباجي قائد السبسي سيدخل معركة حشد المساندات بأريحية من جهة وبصعوبات من جهة أخرى، ورغم أنه صاحب تجربة أربعة عقود وله القدرة على المناورة والتلويح بهده الورقة أو تلك بل و له أوراق عديدة من بينها ورقة تشكيل الحكومة القادمة، وبالتالي كل حزب لن يسانده سيجد نفسه آليا خارج تشكيلة الحكومة ومن سيساند المرزوقي سيجد نفسه آليا في المعارضة:

  • الجبهة الشعبية ورغم الخلافات داخلها (رد احمد الصديق على زياد لخضر ومنجي الرحوي بان الجبهة لم تتخذ أي موقف بعد بل نبه إلى أن حمة الهمامي هو الويحد المخول بالتصريح بموقف رسمي للجبهة من الموضوع...)، فإنها عمليا أقرب لمساندة الباجي وفي كل الحالات لن تُساند خصمه رغم غزل عدنان منصر وعماد الدايمي، وسيكون اجتماع أمس الخميس محددا رئيسا في الخطوات الاولى للموقف النهائي للجبهة ولكنها ستجد لاحقا انفلاتا غير مسبوق داخل أنصارها كما أن تأثيرها على من انتخبوها ليست فعلية لأنهم ليسُوا منضبطين بالضرورة..
  • الاتحاد الوطني الحر الأرجح انه يتجه نحو إعلان مساندة الباجي قائد السبسي بشكل أو بآخر وخاصة في صورة تمكينه من حقائب وزارية وازنة على غرار " الاقتصاد و المالية" و "الاستثمار" و "الشباب والرياضة"...، ولكنه حزب ناشئ وبالتالي فعلاقته بمسانديه هي علاقة اختيار وليس علاقة انضباط...، ومن الوارد أن الحزب قد يختار موقف "لا نُساند المرزوقي و لا ندعو للتصويت السسبي" رغم أن تأثيرات العلاقة الودية بين الرياحي ورجل الاعمال كمال لطيف والتي أصبحت قوية وعلنية مند برنامج قناة نسمة المعروف ....
  • للسبسي مُساندة شبه آلية من طرف مرشحي العائلة التجمعية والمنظومة القديمة على غرار "حزب المبادرة" و من بعض المرشحين التجمعيين الذين رفعُوا لافتة الاستقلالية على غرار "الزنايدي" و "النابلي" و "الشنوفي" و أيضا "العربي نصرة"، إلا أن هذه المُساندات لا تعني حسابيا أي شيء باعتبار أن القاعدة الانتخابية التجمعية انتخبت في التشريعية و الرئاسية له بطبيعتها...ولكن المهم هنا هو العلاقات بين بعض التجمعيين والدساترة مع المكونات الثلاث ، فالحامدي انتصر في 2011 بفضل توجيه التصويت له من عدد من أطراف تجمعية دفعت لدلك ، كما أن عددا من المؤثرين والقريبين من الرياحي هم أطراف على علاقة مع التجمعيين والدساترة بغض النظر على نسبية تأثيرهم..
  • مساندة أحزاب يسارية أخرى على غرار حركة الديمقراطيين الاجتماعيين وحزب العمل الوطني الديمقراطي وحزب المسار و الاشتراكي ، وهي أحزاب يسارية نخبوية لا امتداد شعبي لها والدليل أن اغلبها لم يحصد أي مقعد نيابي.. وهي أطراف يحدد منطق التأثير والتأثر مع الجبهة الشعبية في موقف الاخيرة خاصة في ظل الحديث عن قرب حسم حزب المسار في دخول الجبهة الشعبية ...

هل فعلا تستطيع المكونات الثلاث التأثير على المصوتين لها في الدورة الاولى؟

رغم أن ظاهر الأمر يُبين أن السبسي قد كسب عمليا ولو جزئيا معركة حشد المساندات السياسية وخاصة المكونات الثلاث و خاصة وأن لُعبة الحقائب الوزارية ورئاسة المجلس النيابي ستكُون محرارا لمنطق المُساندة من عدمه له وهو ما هو واضح في تصريحات القيادات الندائية ومن خطاب المكونات الثالث، إلا أن المُساندة حتى وإن حصلت فعليا وبشكل رسمي فانه ليس لها أي أهمية وستقتصر على البُعد الإعلامي وتسجيل المواقف السياسية لا غير، لأنه من الصعب التحكم في أصوات الناخبين ومن الصعب أن تُؤثر قرارات الأحزاب بشكل كلي على القاعدة الانتخابية المُصوتة لهم، بل وحتى على قواعدهم وخاصة في بعض الجهات لان مكونات المجتمع المدني ستكون لها الكلمة الفصل...

 

الفجر عدد 28 نوفمبر 2014