فإن هذا القطاع في تونس مازال يتلمس خطاه الأولى في إيجاد تموقعه الصحيح كمعدل لدور الدولة في كل المجالات من حقوق الإنسان إلى التنمية المستدامة و مكافحة الفقر، و يستوجب إنجاح هذا الهيكل تظافر كل الجهود بين الدولة و المنظمات الوطنية و الفعاليات الحقوقية و المجتمعية لتتاظفر جهودها نحو مزيد دعمه، و لأن انفرد الإتحاد العام التونسي للشغل بدور محوري و كبير و أساسي في ارساء معالم هذا القطاع و اقتراح هيكلية كاملة يلعب فيها المجتمع المدني دور محور من خلال ارساء الهياكل و المؤسسات التي تعنى باقتصاد التضامني و التي من دورها احداث تنمية حقيقية في المجتمع و توسيع قاعدة الطبقة الوسطى، فنجد عدم اكتراث و حتى معارضة من بعض الهياكل و المنظمات الوطنية الأخرى. لكن يبقى دور الدولة محوري في ارساء و متابعة و تطوير هذا القطاع ، لكن للأسف الذي يحصل اليوم هو العكس تماما،حيث تنتهج اليوم الحكومة سياسة الضغط على المجتمع المدني من خلال ضرب اهم الجمعيات الناشطة فيه و التضييق على بقية الجمعيات من حيث تعقيد اجراءات التمويل و التبرع وانجاز المشاريع، فقد عدنا اليوم تقريبا لنظام الرخصة في انشاء العمليات و هذا ما يخالف نص المرسوم 88 الذي اقر نظام الإعلام، فكل من يحاول انشاء جمعية الا و يقابل بالتعطيل و العرقلة من ادارة الأحزاب و الجمعيات و حتى بعد استكمال الأجراءات يلقى باعثو الجمعية رفض من الرائد الرسمي على اعتبار غياب ورقة الموافقة و هذا ما يجعل الجمعية مرتهنة لقرار هذه الإدارة ، و قبد تجاوز الأمر مداه بالقضية التي رفعها المكلف بنزاعات الدولة في حق عدد من الجمعيات الكبيرة و التي قدمت خدمات جليلة للمواطنين كجمعية مرحمة و جمعية تونس الخيرية في استهداف واضح للنماذج الناجحة للجمعيات و من وراءها للمجتمع المدني ككل و للوقوف على الأطراف التي تسعى للإستهداف الجمعيات تبدو الأمور غير واضحة و وجود أطراف متخفية من وراء الستار هي التي تحرك ادوات و اليات الدولة لإجهاض التجارب الناجحة، فبالوقوف على المؤسسات المعنية بالجمعيات نجد أن كمال الجندوبي اليوم هو الوزير المكلف بالعلاقة بالمجتمع المدني في الحكومة الحالية، لكن ليس لكمال الجندوبي الصلاحيات القانونية للإدارة الملف الجمعيات من حيث الرخص و والحل و التعديل ، يبقى هل يتبنى كمال الجندوبي هذه السياسة م لا و هو ذو الماضي الحقوقي ؟؟ يبقى السؤال مطروحا و رهن موقف كمال الجندوبي مما يحصل من تداعيات و ضرب للقطاع ؟؟ اذا من الذي يقف وراء هذا الإستهداف؟؟ فبالرجوع للقضية التي رفعها المكلف بنزاعات الدولة في حق هذه الجمعيات نجد هذه الشكاوى مقدمة من قبل الكاتب العام للحكومة و إعداد هذه التقارير من اختصاص إدارة الأحزاب و الجمعيات التي هي تحت اشراف الكاتب العام للحكومة و حيث يترأس هذه الإدارة الوالي السابق و القاضي الإداري نجيب و تنقسم الإدارة لقسمين إدارة الجمعيات يتولاها علاء ألشابي و إدارة الأحزاب يتولاها علي عميرة و هنا مربط الفرس حيث تفيد بعض المعطيات أن علي عميرة هو الذي تولى الملف نظرا لعدم خبرة مدير ادارة الجمعيات و هو الذي اجتهد في بعض المواضع اكثر من المطلوب منه في تعطيل انشاء الجمعيات و في اعداد ملفات الجمعيات التي تم إحالتها على القضاء و بالرجوع لتاريخ السيد علي عميرة نجده قضى اكثر من عشرين سنة مسؤول ملف الشؤون الحزبية في وزارة الداخلية ابان حكم بن علي و تم طرده من ولاية توزر ابان الثورة بحملة ديقاج ، حيث كانت ادارة العمل الحزبي ابان بن علي لا تكتفي بالمراقبة فقط بل تتعداه للتجسس و التدخل في المسائل الشخصية و تلفيق التهم و حياكة المؤامرات للناشطين السياسيين مما يبين ان صاحبنا علي عميرة كان مختص في هذا المجال بشكل كبير حيث ان ملف مرحمة و تونس الخيرية احتوى تحقيقا استخبراتيا على مسؤولي هاته الجمعيات من أجل توريطها في القضاء . و يبقى السؤال المطروح لصالح من يعمل علي عميرة ؟؟ هل هو موظف في الدولة التونسية ؟؟ ام موظف لدى بعض قيادات(نسائية) "الأحزاب" الكبرى يأتمر بأوامرهم ؟؟ و لماذا يقبعون وراء مكاتبهم متخفين ؟؟ فإذا كانت المسألة اصلاح قطاع فلماذا لا يخرجوا للإعلام لتوضيح الإخطاء ومساعدة الجمعيات على تجاوزها؟؟ و اين دور الكاتب العام للحكومة؟؟
و لماذا الجمعيات الخيرية تستهدف بهذا الشكل ؟؟
و لماذا لا تحاسب بعض الجمعيات التي تدعي النشاط الحقوقي و الثقافي و التي تصرف مئات الألاف من الدنانير دون رقيب أو حسيب؟؟
لو افترضنا ان المسألة قانونية بحتة فلماذا لا يتم ملاحقة بعض البرامج الإذاعية و القنوات التلفزية التي تجمع التبرعات عبر ارقام هاتفية بدون أي ترخيص ؟؟ أم هو استهداف سياسي بحت؟؟؟
من المتضرر من مثل هذه الممارسات ؟؟ أليس فئات من الشعب التونسي محدود الدخل ؟؟
كلها أسئلة تطرح و أسئلة محورية و ذات أهمية يجب ان يجاوب عليها المجتمع المدني قبل ان يتم اعادة ترويض هذا القطاع في أيدي لوبيات السلطة و الفساد.