وللإشارة فقد أعلنت الأأسبوع الماضي"هيئة الدواء والأغذية الأمريكية FDA" موافقتها على استخدام بلازما المتعافين من كورونا لعلاج الحالات الخطيرة المصابة بالفيروس، مُمهدة الطريق أمام الأطباء لعلاج نسبة ملحوظة من المهددين بالموت بسبب تأخر حالتهم الصحية وعدم وجود دواء فعال للمرض حتى الآن.
إلى ذلك تستعد المستشفيات في مدينة نيويورك لاستخدام بلازما دم المتعافين من فيروس كورونا (المتسبب في مرض كوفيد-19) كمضاد محتمل للمرض، حيث يأمل الباحثون في أن يتم الاستفادة من هذا النهج المتبع منذ قرن من الزمن، والقائم على مد المرضى بالدماء المحملة بالأجسام المضادة، التي يتبرع بها المتعافون من المرض، بحسب ما نشرته مجلة "Nature" الأميركية.
خطوة مدروسة وحذرة تأتي بعد دراسات أجريت في الصين لقياس مدى فاعلية البلازما التي تحتوي على أجسام مضادة، وتأثيرها على حالة من تم علاجهم واكتمل شفاؤهم من عدوى فيروس كورونا. وعلى الرغم من أن هذه الدراسات لا تزال نتائجها أولية فقط، إلا أن نهج بلازما النقاهة سبق أن شهد قدرًا متواضعًا من النجاح خلال تفشي متلازمة الجهاز التنفسي الحادة "سارس" وقبلها خلال تفشي إيبولا، ولكن يأمل الباحثون الأميركيون في زيادة جدوى العلاج عن طريق اختيار دم المتبرع المليء بالأجسام المضادة وإعطائه للمرضى الذين من المرجح أن يحققوا استجابة أكبر.
وتكمن الميزة الرئيسية في السعي لتطبيق نهج "بلازما النقاهة" في أنها متاحة حاليا، في حين يستغرق تطوير وإنتاج الأدوية واللقاحات شهورًا أو سنوات. ويبدو أن ضخ الدم بهذه الطريقة آمن نسبيًا، شريطة أن يتم فحصه بحثًا عن أي فيروسات أو مكونات أخرى يمكن أن تسبب العدوى.
وتحتوي بلازما الدم على أجسام مضادة تتكون من بروتينات ينتجها جسم المتعافى لمحاربة الفيروس، ويساعد إعطاء هذه البلازما الغنية بالأجسام المضادة للمريض المصاب، على زيادة الاستجابة المناعية للعدوى من الفيروس.
جهود العلماء
يكافح بروفيسور أرتورو كاسادفال، عالم المناعة في جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور، بولاية ماريلاند، لاستخدام بلازما الدم في علاج كوفيد-19 منذ أواخر جانفي، حينما بدأ انتشار عدوى فيروس كورونا ولم يكن هناك علاج مؤكد. ويطلق العلماء على هذا الإجراء مسمى "علاج الأجسام المضادة السلبي" لأن الشخص يتلقى أجساما مضادة خارجية، بدلاً من توليد استجابة مناعية ذاتية مثلما يحدث بعد التطعيم.
ويعود هذا النهج إلى تسعينيات القرن التاسع عشر، حيث جرت واحدة من أكبر دراسات الحالة خلال جائحة فيروس إنفلونزا H1N1 عام 1918، والتي تلقى خلالها أكثر من 1700 مريض مصل دم من الناجين، ولكن من الصعب استخلاص نتائج من الدراسات التي لم يتم تصميمها لتلبية المعايير الحالية.
وخلال تفشي وباء سارس في 2002-2003، فإن تجربة الحقن بمصل النقاهة أو بلازما دم الناجين، شملت 80 شخصًا في هونغ كونغ، وأظهرت نتائجها أن هؤلاء المرضى كانت لديهم فرصة التعافي في غضون أسبوعين من ظهور الأعراض، بالمقارنة مع مرضى آخرين.
وسبق أن أجريت تجربتان لحقن دم الناجين خلال تفشي فيروس إيبولا في أفريقيا، وسجلتا بعض النجاح. وبدا أن الحقن ساعد معظم المرضى وفقا لدراسة صغيرة عام 1995 في جمهورية الكونغو الديمقراطية. أما التجربة التي أجريت عام 2015 في غينيا، فلم تكن حاسمة وكان ينقصها تحاليل واختبارات البلازما بحثًا عن مستويات عالية من الأجسام المضادة.
وحصل بروفيسور كاسادفال على دعم لفكرته من خلال مقال نشره في صحيفة "وول ستريت جورنال" في 27 فيفري، والذي حث فيه على استخدام مصل النقاهة لأن الأدوية واللقاحات تستغرق وقتًا طويلاً لتطويرها. وقال: "كنت أعلم أنه إذا كان بإمكاني نشر هذا في صحيفة، فسوف يتفاعل الناس، أما إذا نشرته في مجلة علمية، فربما لا أحصل على نفس رد الفعل".