سياسة

تونس أفقر دولة إفريقية: كذبة صدّقتها المواقع الإخباريّة

زووم تونيزيا | الاثنين، 10 فيفري، 2020 على الساعة 20:11 | عدد الزيارات : 3970
زووم- انساقت مختلف وسائل الإعلام التونسية في الآونة الأخيرة وراء خبر يتعلّق بتصنيف تونس من قبل البنك الدولي كواحدة من أفقر الدول في إفريقيا، وهو خبر كاذب لا أساس له من الصحة حسب مقال للصحفي عامر بوعزة.

 

تم تداول الخبر في جلّ المواقع بهذه الصيغة: «صُنّفت تونس كواحدة من أفقر الدول في الشرق الأوسط وإفريقيا وفق تقرير أعدّه البنك الدولي حمل عنوان «تسريع الحدّ من الفقر في افريقيا لسنة 2019 »، ووفق التقرير نفسه فإن نصف مليون تونسي يعيشون على 4 دنانير فقط يوميا...الخ».

 

التقرير يقع في خمس وتسعين صفحة من الحجم المتوسط، ويستعرض التمويلات المقدمة من مجموعة البنك الدولي إلى الدول الشريكة، ويعني ذلك بكل بساطة أنه لا يصنف الدول، ولا يرتبها في جداول ولا يمثل جهة مرجعية في هذا الصدد على غرار المنظمات الأممية أو المنظمات غير الربحية المستقلة كالمنظمة العالمية للشفافية والمنتدى الاقتصادي العالمي.

 

يقيّم البنك الدولي ارتباطاته العالمية وفق توزيع جغرافي لاختلاف الأولويات التنموية من منطقة إلى أخرى، ففي إفريقيا جنوب الصحراء يركز على التحول الرقمي ودور المرأة في تعزيز رأس المال البشري، وفي شرق آسيا والمحيط الهندي يعتبر تشجيع القطاع الخاص أحد أبرز الأولويات، أما في الشرق الأوسط وشمال افريقيا فهو مهتم بتجديد العقد الاجتماعي.ولم تذكر تونس في التقرير إلاّ مرتين: أولا في سياق تقييم معدلات النمو في المنطقة حيث وقعت الإشارة إلى أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية في تونس أدّت إلى إبطاء أجندة الإصلاح» ص34. أما المناسبة الثانية ففي سياق الحديث عن برنامج الشمول المالي والاقتصاد الرقمي ودعم الشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بمبلغ 75 مليون دولار.

 

إن صناعة الكذب عبر الميديا الجديدة تستثمر خاصية مهمّة لدى المستهلكين، وهي عدم سعيهم إلى التثبت وعدم قدرتهم على الشك، فالخبر يتطور من موقع إلى آخر مثل كرة الثلج دون أن يكترث أحد بذكر المصادر الحقيقية ولا بصحة المعلومات أو انعكاساتها، فبعض المواقع أشارت إلى أن التقرير «أدرج تونس في المرتبة السّادسة بعد اليمن ومصر والعراق والأردن والمغرب» ولم تكتف مواقع أخرى بذلك بل أضافت أن «سكان منطقة الوسط الغربي هم الأكثر فقرا، حيث تتجاوز نسبة الفقر 45%، لتصل إلى 53% في معتمديات ولايتي القصرين وسيدي بوزيد كحاسي الفريد وجلمة والرقاب وبئر الحفي وماجل بالعباس وحيدرة والمزونة وسوق الجديد».

 

إن البنك الدولي ينبه في تقريره وفي موقعه المخصص للبيانات المفتوحة على أنه ليس مصدر المعلومات والإحصاءات التي يستخدمها بل يحصل عليها من جهات الإحصاء الرسمية في كل دولة، وهكذا فإن معدل الفقر الذي ينسب إلى تقرير البنك الدولي يمثل النسبة الرسمية التي استقتها هذه المؤسسة من المعهد الوطني للإحصاء!، ولا يستدعي الأمر مساءلة وزير الشؤون الاجتماعية حولها، فالمؤشر العددي للفقر في تونس هو فعلا في حدود 15.20% في إحصاءات العام 2015 بعد أن كان 20.50 % في سنة 2010 و25.40% في مطلع الألفية، لكن البحث عن الفرقعة الإعلامية يدفع إلى تجاهل هذا التراجع الإيجابي والتلاعب بالأرقام والمصادر لصياغة موضوعات من شأنها أن تهزّ طمأنينة الفرد وتزعزع ثقته في المستقبل.

كلمات مفاتيح :
الفقر