سياسة

هل أفشلت النهضة محاولة إنقلاب على إرادة الناخبين في اللحظات الأخيرة ؟

زووم تونيزيا | الثلاثاء، 17 سبتمبر، 2019 على الساعة 18:27 | عدد الزيارات : 33371
زووم - تسارعت الأحداث في الساعات الأخيرة قبل إعلان الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات عن النتائج الأولية للدور الأول من الانتخابات الرئاسية، واِختلفت القراءات، وكثر الحديث عن إمكانيات أخرى لحسم أمر المترشحين للدور الثاني، تتجاوز ما أفرزته صناديق الإقتراع.

 

وبعد أن أعلنت الهيئة رسميا النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية في دورها الأول، اِتضحت الرؤية بخصوص ما كان يُطبخ في الخفاء للإلتفاف على إرادة الشعب، حيث أكدت مصادر مطلعة أن الأمور كانت تتجه لفرض صيغة مختلفة بخلفية قانونية، لتحديد هوية المترشحين الذان سيمران للدور الثاني، مايعني إلغاءً جزئيا لنتائج التصويت، إلا أن وعيا وطنيا وإيمانا راسخا بقيم الديمقراطية، ظهر في الأخير ليمنع المخطط الإنقلابي من الحدوث.

 

بالعودة على حيثيات الواقعة، ندرك أن ماراج ظهر اليوم على مواقع التواصل الإجتماعي حول إمكانية إسقاط ترشح نبيل القروي وإعتبار عبد الفتاح مورو المرشح الثاني في ترتيب المترشحين، لم يكن وليد الصدفة، حيث كشفت مصادر عليمة أن هيئة الانتخابات كانت تعتزم تطبيق الأمر الحكومي المتعلق بتحديد السقف الجملي للإنفاق على الحملة الانتخابية، والصادر في أوت 2014، على مرشح حزب قلب تونس نبيل القروي، وهو مايعني إسقاط ترشحه قانونيا، ومنعه من المرور للدور الثاني، ليمنح المرور آليا للمرشح الثالث في سلم الترتيب مرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو.

 

خلفيات عديدة قد تكون وراء التوجه لتطبيق الأمر الحكومي وإقصاء نبيل القروي، أهمها اللغط القانوني الذي سيخلقه مروره للدور الثاني وصعوبة خوضه للحملة الانتخابية خاصة وأنه يواجه حكما قانونيا ويقبع في السجن، كما أن علاقته المهتزة مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي يعتبر عدوه السياسي الأول، قد تكون منطلقا لمبدأ التشفي والعقوبة السياسية في حال تمكن القروي من الوصول إلى الحكم، وهو ماقد يكون دافعا لعرقلة ترشحه للدور الثاني.

 

كل ماتحمله القراءات السالفة من لعبة سياسية كانت تدار في الكواليس، وانقلاب واضح على إرادة الشعب، وُضع لها حد قُبيل إعلان الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات على النتائج الأولية، حيث خيّرت حركة النهضة الإنتصار لقيم الثورة والتصدي لكل محاولات القفز على إرادة الشعب، وآثرت مبدأ نكران الذات على تحيّن الفرصة ودفع مرشحها للدور الثاني على حساب إرادة الناخبين، إذ رفضت الخيار الذي أرادت بعض الأطراف فرضه، وتمسكت بنتائج الصندوق، حتى وغن كانت تعني عدم مرور مرشحها للدور الثاني، آخذة على نفسها مسؤولية إفشال محاولة إنقلاب كانت ستحدث نتائج الإنتخابات في اللحظة الأخيرة.

 

إتحاد الشغل بدوره، رفض الأمر قطعيا، وعبر عن تمسكه بنتائج الصندوق التي أفرزت الترتيب كما هو، دون تحويرات ولا تتدخلات، حتى وإن كان لها مرجعية قانونية بحث البعض عن تكييفها لفرض سياسة الأمر الواقع، إلا أن الأخلاق السياسية لعبت دورها في الأخير.

 

النهضة اِنتصرت لإرادة الشعب وتجاوزت إمتحانا صعبا سقط فيه آخرون سابقا، وحتى مرشحها عبد الفتاح مورو إلتزم لما آلت إليه نتائج التصويت، وأبى أن يكون طرفا في تزوير إرادة الناخبين، معتبرا أن الشعب إختار مرشحيها ودون ذلك عبث.

 

ما قدمته النهضة اليوم، في آخر اللحظات قبل إعلان نتائج الإنتخابات الرئاسية، درس سياسي له معانٍ عميقة، تظهر ماتخزنه الحركة من قيم ثابتة وروح ديمقراطية عالية جعلتها تنتصر للديمقراطية وتقف لتونس.