التُهم في هذه القضية، التي تُعقد جلستها الثانية غداً الخميس 15 نوفمبر الجاري بالدائرة القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، موجهة لستة أشخاص على رأسهم بن علي، وهي قضية تتعلق بالقتل العمد عبر رصاصة من الخلف ومن مسافة قريبة وشهادة زور بتعمد تزوير محضر البحث لإخفاء أثار الجريمة.
قضية الشهيد هي أول قضية ارتكبها بن علي في سلسلة التصفيات الجسدية التي قام بها، بدأت عندما أمر بقتل الطالب المهندس الذي أزعج، بفكره ورفضه للخنوع وبحبه في الحرية، راحة وجبروة النظام الذي يسعـى المخلوع للسيطرة عليه، لم يكن حينها المخلوع رئيساً بل كان مجرّد أداة متسلقة تبحث عن وسيلة للإرتقاء في سلم الديكتاتورية.
المخلوع قتل الشهيد بأمرٍ مباشرٍ منه في سنة 1986 وتحديدا في يوم 18 أفريل، اليوم الذي شهد مُطاردة طويلة بين الحياة والموت بين شابا يُنادي بالحياة والحرية وبين جلادا يبحث عن غنيمة للإرتقاء بها غير مباليا بسفك الدماء.. كان الأمر شبيهًا بذلك فلقد اِنتهت المطاردة بطلقات قاتلة ومتعمدة أنهت حياة الشهيد برصاصة مباشرة في الرأس أُطلِقت من مسافة قريبة، وكافئت القاتل بترقيته من مدير عام للأمن الوطني أشرف على عملية التصفية بوحدته الخاصة التي سمّاها "النمور السود" إلـى وزيراً للداخلية في عهد بورقيبة وذلك في ظرف 10 أيام فقط حيث صدر القرار الرئاسي يوم 28 أفريل من نفس السنة.
العائلة لطالما أرادت كشف الحقيقة ومحاكمة القتلة وإدانتهم على دم اِبنهم الذي قُتِل غدرا، فهي تُطالب بذلك على مـدى 32 سنة كاملة وحتى بوجود المخلوع ولكن دون جدوى، فقد نالت عائلته نصيباً من "العذاب البنعلي" وقد عانت الويلات، شُرِدت، طُرِدت من وظائفها، مُنِعت من العمل، حُرِمت من الحجاب والتعليم وحتى إن والدته - رحمها الله - قد شارفت على فقدان بصرها من كثرة البكاء والحزن على فلذة كبدها الذي كان يرتقي في سلم النجاح والأخلاق ليُحقق أحلامه وآمال العائلة ويُوفر لهم مستقبلاُ أفضل.
اليوم أمام القضاء هذا الإمتحان، فهل تُنصف العائلة أخيراً وهل يُحاسب القاتل على جريمته في دولة تُؤمن بقضاء حر ومستقل ومنصف، وخاصةً سيد قراراته ؟ كل هذا سيُكشف ربما غداً خلال المحاكمة.
زووم - قضت المحكمة الإبتدائية بتونس العاصمة بالحكم بسنتين على الناشط وجدي المحواشي.