وأوضحت المنظمة، في تقريرها الصادر بتاريخ 3 أوت 2016، أنّ كمال العيادي، الذي كان عضوا بمجلس المستشارين، تحصّل سنة 2007 على موافقة من الحكومة التونسية لفتح مكتب تمثيلي للفدراليّة العالمية للمنظمات الهندسية في تونس. ومنذ ذلك الحين، قام بإنشاء العديد من الجمعيات التي يترأسها. وفي سنة 2011، أعلن عن إنشاء "مركز التفكير الاستراتيجي للتنمية بالشّمال الغربي" مع الشاذلي العياري، محافظ البنك المركزي التونسي. أمّا في بداية السنة التالية، فقد نصّ بيان ورد في الرّائد الرسمي على إنشاء جمعية تحمل اسم "مهندسون بلا حدود".
وأضافت المنظمة أن العيادي أسس سنة 2013 جمعية بإسم “المركز العالمي لمكافحة الفساد بشمال إفريقيا والشرق الأوسط”، كفرع تابع للّجنة الدّوليّة لمكافحة الفساد بقطاع البنية التحتيّة ومقرها لندن. وقد تمّ تسجيل كل هذه المنظمات في 45 شارع اليابان، شقة ب22 مونبليزير- تونس. بالإضافة إلى هذه الجمعيات الأربع التي ترأسّها وزير الوظيفة العموميّة والحوكمة ومكافحة الفساد منذ إنشائها في تونس، تضم الشقة ب22 مقر شركة تجارية تحمل “المعهد العالمي للقيادة والأخلاقيات” أسّسها كمال العيادي سنة 2009 قبل أن تصبح زوجته وسيلة حمّودة إحدى المساهمين في رأس مالها سنة 2011. في حين أنّ "المركز العالمي لمكافحة الفساد بشمال إفريقيا والشرق الأوسط” (الذي تضطلع فيه وسيلة حمّودة زوجة كمال العيادي بمهامّ الأمينة العامّة) يزعم أن هدفه هو "تصميم ونشر برامج التدريب، ودراسات تطوير الخبرات في مجال النزاهة والأخلاقيات في قطاع الأعمال"، ينص النظام الأساسي للشركة التي يملكها الزوجان العيادي أن هدفها هو "توفير خدمات التكوين المستمر داخل وبين الشركات، وتوفير الخبرات والخدمات الاستشارية وكذلك دعم تنظيم الحلقات التكوينية".
هذا ولاحظت المنظمة أن هذه التشابهات بين الهياكل التي يديرها الزوجان العيادي في نفس المكتب تبقى في الوقت الراهن الإشارات الوحيدة على العلاقات القائمة بينها. بالإضافة إلى ذلك، فإنها فوجئت لرؤية شعار شركة من شركات العيادي على راية الموقع الرسمي للشركة التونسية التابعة للمنظمة غير الربحية: المركز العالمي لمكافحة الفساد في البنية التحتية GIACC.
وتساءلت "أنا يقظ" عن استخدام العيادي لشعار الهيكل الجمعيّاتي حاليا لتحويل الأموال إلى الشركة التي يملكها مع زوجته، مؤكدة في السياق نفسه أن شكوكها لا تقوم إلّا على المعلومات المتاحة للعموم التي وجدتها في المواقع الرسمية للرّائد الرّسمي التونسي والسّجل التجاري والموقع الرّسمي للفرع التونسي للمركز العالمي لمكافحة الفساد في البنية التحتيّة وأنّ الوثائق التي حصلت عليها عن طريق المبلغين تحتوي على المزيد من المعلومات حول الوضع المالي للهياكل المختلفة التي يملكها ويديرها كمال العيادي قبل أن يصبح وزيرا للحوكمة ومكافحة الفساد.
وتبقى الوثيقة الأكثر إثارة للصّدمة "طلب شراء" موجه إلى رئيس المعهد العربي لرؤساء المؤسسات من طرف كمال العيّادي، و تؤكّد هذه الوثيقة طلب مستلزمات استراحة لتناول القهوة في ندوة نظّمتها الفيدرالية العالميّة للمنظمات الهندسيّة و المركز العالمي لمكافحة الفساد بقطاع البنية التّحتيّة في 20 أكتوبر 2012 حس أكد الوزير الحالي للحوكمة و مكافحة الفساد في تلك الرسالة تسجيل ذلك الطّلب وغيرها من الطلبات باسم شركته الخاصة. و بهذا تعزّز هذه الوثيقة الشكوك التي كانت تخامرنا حول استخدام هياكل مختلفة تدار من قبل كمال العيادي لممارسات احتياليّة. إلا أنه ليس بوسعنا تأكيد تواطؤ المعهد العربي لرؤساء المؤسسات في هذه الممارسات.
وأشارت إلى وجود وثيقة أخرى تحمل شعارات المركز العالمي لمكافحة الفساد بقطاع البنية التّحتيّة والمعهد العالمي للقيادة والأخلاقيّات حول استخدام هياكل غير ربحية لغايات تجارية. وتتمثّل هذه الوثيقة في استمارة تسجيل للشركات الراغبة في المشاركة في دورة تدريبية بعنوان "الحوكمة، الشفافية، النزاهة والفساد" الذي عقد أيّام 22 و23 و24 أكتوبر 2012.
هذا، بالإضافة إلى الأموال العامة التي جمعها العيادي من خلال الشركة التي يتقاسم ملكيّتها مع زوجته، اذ تبيّن وثائق بحوزة “أنا يقط” أنه تحصّل أيضا على أموال من الجهات المانحة والمموّلين من خلال مختلف الهياكل الجمعياتية التي يديرها لتنظيم دورات تدريبية وندوات عدة.
واكتشفت "أنا يقظ" في وثيقة أخرى بعنوان "تقرير مرحلي عن مشروع للفترة بين جويلية وديسمبر 2012" أن "الدورة التدريبيّة" التي نظمت في 22 و23 و24 أكتوبر 2012 هي في الواقع ورشات عمل تمّ تنظيمها في إطار المشروع الذي حصل على تمويل من سفارة هولندا في إطار اتفاق تم توقيعه مع الفيدرالية العالميّة للمنظّمات الهندسيّة. أمّا بالنسبة إلى "دورة التكوينية" التي تمّ تنظيمها في المعهد العربي لرؤساء الشركات في 20 أكتوبر، فليست إلّا ندوة نظّمت في إطار نفس المشروع".
ورجّحت المنظمة أن اعتماد ممارسات مماثلة في المشاريع الممولة من قبل البنك الدولي والمؤسسة من أجل المستقبل وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمات أجنبية أخرى، مضيفة أن وثيقة أخرى تشير إلى أنه في سنة 2010 تمكّن كمال العيّادي، الذي كان عضوا في مجلس المستشارين آنذاك، من الحصول على الأموال العامة من الحكومة وبعض المؤسسات العامة.
هذا وتبعا لما رصدته "أنا يقظ"، دعت البرلمان إلى رفع الحصانة عن الوزير كمال العيّادي لتسهيل سير أي تتبّع عدليّ في شأنه، كما دعت النيابة العامة لاتّخاذ الإجراءات القانونية في مختلف الشكوك التي حدّدتها.
وطالبت المنظمات المذكورة في التقرير على غرار الفيدراليّة العالميّة للمنظّمات الهندسية والمركز العالمي لمكافحة الفساد في قطاع البنية التحتية إلى فتح تحقيقات داخليّة بشأن ممثليها بتونس، حاثّة السلطات التونسية على التعجيل بالتصويت على القانون المتعلق بتجريم الإثراء غير المشروع.