سياسة

ما يحرُمُ في حضرتهم

زووم تونيزيا | الأربعاء، 13 أفريل، 2016 على الساعة 15:48 | عدد الزيارات : 3507
شهدت و تشهد بعض الأحزاب , خاصة الممثلة للإئتلاف الحاكم , العديد من الأحداث و المتغيرات التي تهدد بنيانها و قد تقوض كيانها , في حال فشلت عمليات الترميم التي يجب أن تخضع لها إن أرادت هذه الأحزاب المواصلة , و إن اِستوعبت أن الأمر ليس تسلية , و أنه أكبر من وعود و شعارات و مظاهر خداعة .

 

المشهد السياسي التونسي لم يخل من أحداث ساخنة خاصة في ما يتعلق بالأحزاب , فلا يكاد يمر يوم أو يومان حتى نسمع باِستقالة أو اِثنتين , و أحيانا اِستقالات جماعية من أحزاب و من كتل نيابية , في مقابل إنشاء تشكيلات جديدة غلب على أكثرها طابع التسرع و التخبط ما جعل الكثيرين يصفونها بالتكوينات المشوَّهة و غير المتجانسة و ذات الصلاحية القصيرة الأمد .

ليس ببعيد ما لحق بحزب نداء تونس الذي اِنشق عنه ما يقارب الثلث من أعضاءه و قياداته الذين اِجتمعوا في كتلة برلمانية جديدة هي كتلة " الحرة " , و في حزب جديد هو حزب " مشروع تونس " , تحت قيادة محسن مرزوق الذي ورد اِسمه مؤخرا في وثائق بنما التي كشفت فساد العديد من السياسيين عبر العالم , هذه الاِستقالات جعلت نداء تونس يتراجع للمرتبة الثانية في عدد النواب في البرلمان لحساب النهضة التي أصبحت تتصدر المشهد البرلماني , تترجم هذه الاِستقالات حجم الخلافات داخل النداء و تؤكد تعسر الاِتفاق على أرضية مشتركة جامعة , ما يرجح كفة القائلين بأن أزمة الحزب تتمثل في صراع الزعامة بين قياداته .

لا يختلف حزب الإتحاد الوطني الحر , في ما يعيشه هذه الأيام , عن النداء , فقد تتالت الاِستقالات من كتلة الحزب إلى درجة أبكت رئيسه و جعلته يصف من اِستقال من حزبه بأنه " موش راجل " !!!!

 

ما تعيشه بعض أحزاب الاِئتلاف الحاكم من تخبط و إهدار للطاقة في مشاكل داخلية و جانبية لن يزيد الوضع إلا سوءا , فأن تكون في الحكم يعني أن تكون مسؤولا عن تحسين أوضاع الناس و الإجابة عن مشاغلهم , و ليس شغلهم بمشاكلك و صراعاتك الداخلية , فإما أن تكون على قدر المسؤولية التي كلفك بها الشعب , أو أن تُسحب منك إلى من هو أقدر و اكفأ .

عجز هؤلاء عن تسيير بيتهم الداخلي و قصورهم عن الإيفاء بوعودهم , جعلهم يبرؤون أنفسهم و ينزهون ذواتهم المادية ( كأشخاص ) و ذواتهم المعنوية ( كأحزاب ) عن كل فشل أو تقصير , في تصاغر أمام المسؤولية و تنصل مِن تحملها , فألقى الرئيس و حزبه اللوم على النظام السياسي و على الدستور , داعين إلى تعديله بدل تطبيقه , و برر مكون آخر في الحكم ( حزب افاق تونس ) الفشل , بغياب التناغم بين السلطتين التنفيذية و التشريعية , داعيا هو الآخر إلى إحداث تعديل على الحكومة .

 

أن يكون العيب في الدستور فهذا جائز , و أن يكون الخلل في غياب التنسيق و التناغم بين السلط فذلك أمر وارد , أما أن لا يكون المسؤول على قدر المسؤولية , و أن لا يكون الشخص المناسب في المكان المناسب , فهذا من باب المستحيلات التي قد ترتقي إلى " المحرمات " .