سياسة

النهضة : بين سندان الحركة و مطرقة الحزب

زووم تونيزيا | الثلاثاء، 29 مارس، 2016 على الساعة 11:54 | عدد الزيارات : 3558
تعني "الحركة" جماعة منظمة تسعى سياسياً إلى تحقيق إصلاح فى المجتمع ,وقد تتحول إلى حزب يمارس السياسة بشكل دستوري , ويعمل على تحقيق أهداف الحركة , أما "الحزب" فهو تنظيم سياسي يسعى إلى الوصول إلى السلطة عبر الدستور. و قد أثار ما تعتزم حركة النهضة القيام به في مؤتمرها القادم من فصل بين الحزب و الحركة و بين الدعوي و السياسي حفيظة البعض فيما رحب آخرون بهذا التوجه.  

 

لا يمكن لمن أشْكلَ عليه أمرٌ و أراد أن يستفتي الشرع فيه أن يذهب إلى النهضة لتفتيه في أمره? لِأن مرجعية الحركة الإسلامية لا تجعل منها دار إفتاء و هذا ما أكده رئيسها و قياداتها و هذا ما وجب إدراكه , و هذا ما تريد النهضة ترسيخه في الوعي العام من خلال الفصل بين ; العمل الدعوي , الذي يمكن أن تقوم به جمعيات و مؤسسات فضلا عن وجود وزارة تهتم بالشأن الديني عامة , و العمل السياسي الذي هو من إختصاص الأحزاب السياسية .

 

حركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية اِختارت , من خلال فصلها المرتقب بين الدعوي و السياسي , أن تعبر عن عموم الشعب و عن ثقافة الدولة و أن تترك ما يحمل طابع المثالية و القداسة و يتحرك في مساحات الثوابت و الأصول للجمعيات و لمنظمات المجتمع المدني , فالعمل الدعوي يهتم بالجوانب الروحية و يُعْنى بالقيم و الأخلاق , أما العمل السياسي فيسعى الى الإجابة عن إهتمامات الشعب الراهنة و سد الحاجات العاجلة فهو يهتم بالحياتي و الدنيوي للمواطن و لا يخرج عن دائرة الإجتهاد البشري فيخضع لقاعدة الصواب و الخطأ و يتحرك في مجال المتغيرات و الفروع مما يسمح بتغيير الخيارات و القرارات حسب مقتضيات الواقع.

 

هناك من يرى أن النهضة بهذا الفصل قد تتخلى عما بقي من مرجعيتها و أنها تدق آخر مسمار في نعش المشروع الذي تأسست من أجله و أنها ستفقد ما تبقى لها من شعبية و جماهيرية, لكن ربما تكون الحقيقة على العكس تماما فمن المرجح أن تستفيد النهضة من هذا الفصل كثيرا فهو , فضلا عن كونه مرحلة في مسار التطور و الإصلاح الذي دائما ما تؤكد الحركة إلتزامها بنهجه, سيمكنها من التخفف من حمل ثقيل وُكِّل إليها تبعا لمرجعيتها الإسلامية أي "رعاية الدين و الهوية" , لأن الدستور أنهى الجدل حول هذا الموضوع , و أيضا سينهي هذا الفصل كل المخاوف من إقحام الديني في السياسي و الذي لايزال كثيرون يأخذونه مأخذا على النهضة, و ييسر كذلك الإقتراب أكثر من هموم الناس و مشاغلهم اليومية و إبطال مفعول بعض الشعارات المناوئة للنهضة من قبيل المتاجرة بالدين و اِستغلاله لبلوغ أهداف سياسية .

 

اِختيار النهضة الفصلَ بين الحزب و الحركة هو أقرب إلى " التخصص الوظيفي" منه إلى القطيعة بين الدعوي و السياسي لِأن شمولية الإسلام لا تعني شمولية التنظيم .