سياسة

حتى لا ننتقل مِن الخطاب إلى الخراب

زووم تونيزيا | الثلاثاء، 29 مارس، 2016 على الساعة 10:14 | عدد الزيارات : 4267
تُعوِّلُ بعض الاحزاب او الدكاكين السياسية في تونس , في وجودها و حضورها و خطابها , على وجود "اعداء" , و إن لم يكن ذلك , فلابد من إيجاد عدو يكسبها شرعية الوجود و يلهمها خطاب البقاء. ينطبق هذا ايضا على اصحاب الفكر الديني السلفي المتشدد اللذين لا يختلفون عن سابقي الذكر من " الاستئصاليين " العلمانيين او اليساريين و ان اختلفت المنطلقات الفكرية و الايديولوجية , فكلا الفريقين يغذي فكر الآخر و يكتسب مِن مخالفته شرعيةَ وجودِهِ.

 

لنفترض جدلا ان احد الفريقين قد زال و انتفى , ما الذي يمكن ان يقدمه الفريق المتبقي للناس و هو الذي أسَّس خطابه و " برنامجه " على سب الآخر و نبذه و استعدائه؟ لن يترك هذا الافتراض , لو تحقق , للفريقين ما " يسترزقان منه " فالبضاعة (المشتركة) كسدت و بَطُلَ رواجها في سوق الواقع و سوق الاعلام الذي يشترك الطرفان في السيطرة عليه و قوة الحضور فيه , الاستئصاليون من العلمانيين و اليساريين من خلال نفوذهم داخل وسائل الاعلام و مؤسساته , و المتطرفون الدينيون من خلال أخبار عنفهم و ارهابهم .

 

لنفترض ايضا , افتراضا مخالفا للاول , ان كلا الفريقين قد امتلكا اسباب القوة و التمكين , و اصبح لكلٍّ سلطةٌ هو مُوَلِّيها , الا يعني ذلك إيذاناً بالخراب ؟؟؟ هذا ما نراه رأي العين في بعض الاوطان "القريبة البعيدة" حيث خُرِّبت بلدان و هُدِّمت صوامع و بيع جرّاءَ تغالب تطرُّفين و تصارع منطقين هدامين.

 

يجب ان نعلم و نعي قيمة هذا التحدي و ان لا ننساق , في غمرة الاحداث ,الى سياق قد يجرنا الى ما يضرنا و لا ينفعنا , و ان لا نستمع الى كل من يستمد شرعيته من نبذ الآخر , كائنا من كان , لِأنه يمهد و يشرعن للعنف و الاحتراب , و " العاقل من وعظته التجارب ".