وبينما ينتظر العالم التوصل إلى اتفاق دولي للحد من الانبعاثات الكربونية نهاية العام في باريس، يريد الطياران إثبات قدرة البشرية على التخلص من نصف مصروف الطاقة وتأمين النصف المتبقي من مصادر متجددة، بفضل تقنيات متوفرة اليوم ويستخدمانها في مشروعهما المشترك "سولار امبلس 2" Solar Impulse. وستنطلق الرحلة، المدعومة من حكومة ابوظبي وشركة مصدر الحكومية، نهاية فبراير أو مطلع مارس من أبوظبي وتجول حول العالم خلال خمسة أشهر تطير خلالها مسافة 35 ألف كيلومتر مع التوقف في عدة محطات لتنتهي مجدداً في العاصمة الإماراتية. بعد ابوظبي، تتوقف الطائرة في سلطنة عمان ثم في أحمد أباد وفاراناسي في الهند، ثم في ماندالايفي بورما ثم في شنونغ كينغ ونان جينغ الصين، بحسب ما أعلن الطياران الرائدان في مؤتمر صحافي في أبوظبي على هامش القمة العالمية لطاقة المستقبل. وبعد الصين، تتجه الطائرة عبر المحيط الهادئ إلى هاواي من ثم إلى ثلاثة مواقع في الولايات المتحدة، بما في ذلك مدنيتي فينكس ونيويورك حيث ستجري الطائرة محطة رمزية في مطار "جي أف كي". وبعد ذلك تعبر الطائرة المحيط الأطلسي في رحلة تاريخية أخرى قبل أن تتوقف في جنوب أوروبا أو شمال أفريقيا بحسب المعطيات المناخية، ثم تعود إلى أبوظبي. تسير الطائرة بسرعة متوسطة تناهز مئة كيلومتر في الساعة، وهي بالرغم من أجنحتها العملاقة (72.3 متر) التي تتجاوز من حيث طولها أجنحة طائرة بوينغ 747، لا تحمل إلا طياراً واحداً ولا يزيد وزن مقصورتها عن وزن سيارة، وبالتالي سيتناوب بيكار وبورشبيرغ على قيادتها في كل محطة. ستكون الرحلة من أطول الرحلات فوق المحيطين الهادئ والأطلسي، وسيتعيّن على الطيارين اختبار حدود قدرة الإنسان على العيش في مساحة صغيرة نسبياً لفترة طويلة تصل إلى أسبوع. يؤكد بيكار أن الطيار سيكون متصلاً بشكل متواصل عبر الانترنت، وسيتواصل بشكل مستمر مع وسائل الإعلام والمدارس والمؤسسات البيئية غير الحكومية، إضافة إلى غرفة عمليات في موناكو. إلا أن بيكار قال أن المشروع "مغامرة" ولم يستبعد تماماً ألا يتم تحقيق هدف إجراء جولة كاملة حول الكرة الأرضية. وقال الطيار المتحدر من عائلة سويسرية من المبتكرين والمحدثين في مجال الطيران، "عندما نجرب شيئاً لم يختبره أحد في السابق ولا نعرف مسبقاً ما هي المشكلات التي سنواجهها، فنحن نكون أمام المجهول وعلينا أن نجد الحلول أياً تكن، تكنولوجية أو إنسانية أو لوجستية". واعتبر أن "المغامرة" هي "استخدام علامات الاستفهام والشكوك كمحفزات للابتكار". وفي كل الأحوال، فإن مخاطر فشل المشروع تأتي من عوامل إنسانية وليس من الطائرة نفسها التي باستطاعتها بحسب بورشبيرغ أن تطير من دون توقف لأسابيع أو لشهر". يؤكد بورشبيرغ أن "المجهول هو في الحقيقة العامل الإنساني، فلدينا طائرة مستدامة من ناحية الطاقة والمسألة الآن هي كيف نجعل الطيار مستداماً". وعما إذا كان يعتقد أن المشروع يفتح الباب أمام إمكانية تخيل عالم تطير فيه طائرات تجارية تعمل بالطاقة الشمسية، قال بيكار "لا أعتقد أننا اليوم قادرون على أن نسيّر جميع الطائرات التجارية بالطاقة الشمسية". إلا أنّه أضاف "لكنني مقتنع تماماً بأن العالم يمكن أن يعمل بطريقة أفضل بكثير ويمكننا أن نخفّض استهلاك الطاقة إلى النصف مع استخدام التقنيات نفسها التي تستخدم في سولار امبلس" مشدداً على أن ذلك "يوفر للصناعة مجالات جديدة ووظائف جديدة وأرباحاً جديدة".