يميلون للتخفيف من تدخينهم أو حتى الإقلاع عنه لمدة قد تمتد لستة أشهر بعد تحفيز أدمغتهم بواسطة المغناطيس، وهذا النجاح الواضح الذي أظهره هذا الإجراء البسيط، دعى العلماء لإجراء المزيد من التجارب على نطاق أوسع، وسيتم البدء بتطبيق هذا الإجراء مطلع العام المقبل في أكثر من 15 مركزاً طبياً في جميع أنحاء العالم. كان المدخنون المشتركين في هذه الدراسة التجريبية قد حاولوا بالفعل تجربة الأدوية الخاصة بالتخلي عن التدخين، وعلكة النيكوتين والرقع والعلاج النفسي ولكن دون جدوى، وهذا ما زاد الآمال بأن التحفيز المغناطيسي قد يوفر بديلاً فعالاً بالنسبة لأولئك الذين يرغبون في ترك التدخين ولكنهم فشلوا في جميع محاولاتهم حتى الآن. حوالي نصف المدخنين الذين تلقوا النبضات المغناطيسية عالية التردد في كل مجموعة، اقلعوا تماماً عن التدخين بعد مدة ثلاثة أسابيع من التحفيز، كما أن ما يزيد على ثلث المشاركين ما زالون ممتنعين عنه لمدة وصلت حتى الآن لستة أشهر، ويعتبر (ابراهام زانجين) عالم الأعصاب في جامعة بن غوريون في إسرائيل، أن هذا النهج الجديد هو الحل لمشكلة هؤلاء المدخنين الشرهين الذين لم يتمكنوا من التوقف عن التدخين من قبل. قام (زانجين) بتجنيد 115 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 21-70 عاماً، ممن كانوا يدخنون حوالي 20 سيجارة يومياً على الأقل، ولم يسمح بالمشاركة في هذا البرنامج إلّا للمدخنين الذين حاولوا الإقلاع عن التدخين باستخدام طريقتين على الأقل من الطرق المتعارف عليها، وقد تم تقسيم المدخنين إلى ثلاث مجموعات، حيث خضعت المجموعة الأولى لـ 15 دقيقة من التحفيز المغناطيسي ذو الوتيرة المرتفعة كل يوم على مدى أسبوعين، تليها بعد ذلك ثلاث جلسات في الأسبوع الثالث، والمجموعة الثانية خضعت لذات العدد من الجلسات ولكن بتردد المنخفض من التحفيز المغناطيسي، أما المجموعة الثالثة فقد كان الأشخاص المشاركون بها يعتقدون بأن أدمغتهم يتم تحفيزها، إلّا أن الجهاز كان في الواقع مغلق، حيث تعمل هذه المجموعة عمل المجموعة الضابطة. قبل كل جلسة، كان أحد طلبة الدكتوراه التابعين لفريق (زانجين) يقوم باشعال سيجارة وأخذ نفخة أمام نصف المدخنين في كل مجموعة، بهدف إيقاظ شهوة المشاركين للتدخين، وكان التحفيز يستهدف مناطق من الدماغ تسمى قشرة الفص الجبهي والقشرة المنعزلة، وذلك باستخدام تقنية تسمى التحفيز المغناطيسي المتكرر العميق عبر الجمجمة، أو rTMS))، وقد طلب من المدخنين تسجيل مقدار ما يدخنونه طوال فترة الدراسة وحتى بعد ستة أشهر من انتهائها. أظهرت النتائج وجود تأثير للعلاج الوهمي، حيث ظهر لدى المجموعة الضابطة نوع من التحسن دون أي تدخل دوائي حقيقي، وكذلك الأمر لدى المدخنين الذين تلقوا التحفيز على تردد منخفض، وفي كل من هاتين المجموعتين، انخفض معدل التدخين بما متوسطه 20 إلى 26 سيجارة يومياً، ولكن النتائج كانت أكثر إثارة للإعجاب لدى المدخنين الذين كانوا يحصلون على تحفيز دماغي عالي التردد، حيث أن 44٪ من هؤلاء أقلعوا عن التدخين بعد حصولهم على جلسات لمدة ثلاثة أسابيع، وبعد ستة أشهر أفاد 36٪ منهم بأنهم لا يزالون غير مدخنين. وللتأكد من أن المدخنين كانوا يقولون الحقيقة، قام (زانجين) بإجراء اختبار للبول لمعرفة إن كان التحليل يكشف عن وجود أحد نواتج النيكوتين والذي يسمى الكوتينين، وقد جائت النتائج لتثبت صحة ما قاله المشاركين، وعلى الرغم من أن النتائج كانت واعدة، إلّا أن هذه الدراسة صغيرة جداً لتكون مقنعةً بما فيه الكفاية، حيث أشار (زانجين) أنه لا بد من إجراء تجربة كبيرة تشترك فيها مراكز طبية في العديد من البلدان، ومن المقرر أن تبدأ هذه الدراسة في الأشهر القليلة المقبلة . من السهل جداً بالنسبة للجميع أن يتوقفوا عن التدخين لبضعة أيام، أو حتى لبضعة أسابيع، ولكن اذا كان بالإمكان مساعدة الأشخاص على الإقلاع عن التدخين لأكثر من ثلاثة أشهر، فإنه من غير المرجح أن يعودوا مرة ثانية للتدخين في وقت لاحق، ويشير (بيتر ايشهامير)، الذي درس التحفيز الدماغي في جامعة ريغينسبورغ، أنه يجب على المدخنين تلقي علاج نفسي مخصص بعد خضوعهم للتحفيز الدماغي. قد يساعد الـ (rTMS) الأشخاص للحد من التدخين، وذلك على الأرجح عن طريق محاكاة تأثير نظام المكافأة للنيكوتين في الدماغ، ولكن هذا لا يحل محل العلاج النفسي، وبشكل عام، فإنه من غير المجدي اتباع الـ ((rTMS كاستراتيجية وحيدة للإقلاع عن التدخين.