استهجن رئيس حزب التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات خليل الزاوية، اليوم الأحد بجندوبة، المحاولات القائمة على "حصر التونسيين في ثنائية سياسية تقوم على شق رئيس الجمهورية من جهة وشق حركة النهضة وحلفائها من جهة أخرى، إضافة الى شق حزب المنظومة القديمة الذي يمثله الحزب الدستوري الحر"، وفق تعبيره.
واعتبر الزاوية خلال لقاء تشاوري عقد بفضاء خاص بمدينة جندوبة بالشراكة مع ممثلين عن التيار الديمقراطي والحزب الجمهوري، مع عدد من ناشطي المجتمع المدني والسياسي وشخصيات مستقلة، ان المشاريع التي بنيت على ما أسماها ب"الأيديولوجيا البدائية" ولت وانتهت لفائدة "الايديولوجيا العليا" المتمثلة في مصلحة الوطني المبني على المشترك، قائلا ان الفراغ الذي يستوجب العمل عليه هو ذلك الجمهور الواسع الذي لم ولن يقتنع بهذه الاطراف التي تقدم نفسها كأقطاب واعدة تبني خطاباتها على التصارع والتخوين وتغذية الانقسام المجتمعي الذي كثيرا ما اضر بتونس وصورتها".
واستبعد في ذات الوقت، جدية رئيس الجمهورية في اجراء حوار وطني يشمل كافة القوى الفاعلة في البلاد التي كثيرا ما طالبته بهذا الحوار كمخرج لازمة خانقة باتت مشهودة على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك على مستوى العلاقات الخارجية، على حد تصريحه.
وأضاف ان "المشهد السياسي الراهن يسعى فيه رئيس الدولة كما حركة النهضة وكل المحيطين بها الى تقديمه في ثنائية سياسية متصارعة دون ان يمتلك احد الطرفين برنامجا اقتصاديا واجتماعيا قادرا على اقناع عموم التونسيين وحتى شركاء تونس بوجاهته وواقعتيه".
وأفاد رئيس حزب التكتل في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء بان حزب التكتل وبقية شركائه والذين يتقاسمون معه ذات التوجهات الاقتصادية والاجتماعية (في اشارة الى التنسيقية الوطنية للأحزاب الديمقراطية الاجتماعية المتكونة من أحزاب التكتل والتيار والجمهوري)، والمقتنعين فعلا بالتوجه الديمقراطي متأكدون من جاهزية تونس لبديل ديمقراطي اجتماعي وافق سياسي مستقر ينهي تقلبات السلطة التي الحقت اضرارا جسيمة بصورة تونس.
وشدد على انهم يعملون على القطع مع ثنائية "من مع سعيد فهو ضد النهضة ومن مع النهضة فهو ضد سعيد"، ويسعون الى تقديم بديل اجتماعي ديمقراطي من ابرز مرتكزاته تشريك الناس في مناقشة القرار وصناعته والاهتمام بقضاياهم الاجتماعية والاقتصادية فضلا عن الاتصال المباشر بالمواطنين اينما كانوا وبممثليهم في الهيئات المدنية المحلية والجهوية والمركزية لمعالجة القضايا العالقة التي تمس بشكل مباشر حياتهم اليومية.
وعبر المشاركون من نشطاء المجتمع المدني والسياسي ومن المستقلين خلال هذا اللقاء عن تطلعهم الى مشروع يكرس تصوراتهم ويبنى على تشريكهم ويقطع مع البناءات الفوقية التي "لمس التونسيون اساءاتها وعدم جدواها"، وفق رأيهم، داعين في ذات الوقت الى ضرورة انهاء حالة الانقسام والتشتت التي ساهمت بشكل واضح في تغذية خطاب الكراهية والتخوين وباتت معيقة للاستثمار ومعطلة للمشاريع.
ومن جهته اعتبر ممثل التيار الديمقراطي العربي الجلاصي ان الاتصال المباشر بالمواطنين يكشف ان اهتمامهم لا علاقة له بالاستشارات والاستفتاء و"غيرها من الشعارات المرفوعة من خلال المراسيم والمبادرات وانه بات من الواضح ان التونسيين في أشد الحاجة الى برنامج اقتصادي اجتماعي دقيق وهادف يمكن من ارساء المنوال التنموي المكرس للعدالة الاجتماعية بين الجهات دون افضلية جهة على أخرى وحوكمة التصرف في الموارد الذاتية وخلق بدائل قادرة على معالجة المصاعب وفي الحد الأدنى التخفيف منها".
وأكدت الخبيرة في الشؤون الاقتصادية، رئيسة المجلس الوطني لحزب التكتل عفاف داود ان السؤال الذي يطرحه المواطن التونسي اليوم يتعلق أساسا بكيفية الخروج من الازمة الاجتماعية والاقتصادية الخانقة بعيدا عن القرارات الشعبوية، مبينة ان الفاعلين في الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي كذلك ملزمون بمحاربة تعطيل المشاريع وخلق الثروة وبعث واستجلاب الشركات القادرة على الإنجاز ومحاربة البطالة والفساد وسد منافذ الهجرة عبر قوارب الموت والاستفادة من كفاءات تونس التي تعج بهم كل الجهات وكل القطاعات.
وأعربت في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء عن ثقتها في قرب انتهاء "جرعة الشعبوية التي سادت المشهد السياسي وتصدرت خطاب صناع القرار"، حسب قولها، خاصة بعد ادراك المواطن ان الخلاص الحقيقي بيده كشريك فعلي وليس بيد من يحتكر حقه في التعبير والدفاع المزعوم على مصالحه.