في الوقت الذي كان يتطلع فيه المغاربة إلى تحقيق المناعة الجماعية للتصدي لفيروس كورونا المستجد بالتزامن مع حملة التلقيح ضد الوباء، عاد شبح الخوف من إمكانية العودة إلى الحجر الصحي الشامل وتشديد الإجراءات الوقائية ليخيم على المغاربة من جديد، بعد ظهور حالات جديدة من فيروس كورونا المتحور.
وأعلنت وزارة الصحة المغربية عن تسجيل 21 حالة جديدة من السلالة البريطانية عن طريق المراقبة الجينية وتتبع السلالات المنتشرة، ليرتفع عدد الحالات المكتشفة من هذه السلالة المتحورة لفيروس كورونا في المغرب إلى 24 حالة.
وأشارت الوزارة، إلى أنه في مقابل تسجيل الحالات الجديدة من الفيروس البريطاني، لم يتم رصد أي نوع من الحالات من السلالتين الجنوب إفريقية أو البرازيلية بالمملكة.
وأمام تشديد إجراءات الحجر الصحي في عدد من دول العالم مع ظهور السلالات المتحورة الجديدة التي تنتقل بشكل أسرع وأكثر عدوى بين الأشخاص، أبدى عدد من المغاربة تخوفهم من فرض حجر صحي شامل في البلاد مما يقطع الطريق أمام العودة قريبا إلى الحياة الطبيعية.
ورغم انخفاض عدد الإصابات اليومية المسجلة بفيروس كورونا في المغرب، إلا أن ظهور السلالة الجديدة المتحورة أجبر السلطات على تمديد الإجراءات الاحترازية لتطويق الفيروس والحد من انتشاره، حيث تفرض السلطات إغلاق المطاعم والمقاهي والمتاجر والمحلات التجارية الكبرى على الساعة 8 مساء، مع حضر التنقل الليلي من الساعة التاسعة ليلا إلى الساعة السادسة صباحا في جميع أنحاء البلاد.
وتزايدت المخاوف لدى المغاربة من العودة إلى الحجر الصحي بعد الإعلان عن رصد حالات جديدة من فيروس كورونا المتحور، ولما لذلك أيضا من تأثيرات وتداعيات سلبية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
وأبدى عبد الهادي وهو صاحب صالون للحلاقة، تخوفه من إمكانية العودة مرة أخرى إلى الحجر الصحي الشامل، والذي أدخله سابقا في وضعية عطالة عن العمل دامت أكثر من 5 أشهر، بسبب توقف عدد من القطاعات عن مزاولة أنشطتها منذ مارس الماضي، تاريخ تسجيل أولى حالات الوباء في المغرب.
يقول عبد الهادي لموقع "سكاي نيوز عربية": "نتوق إلى العودة لحياتنا الطبيعية، بعد الوصول إلى المناعة الجماعية في غضون الأشهر القليلة المقبلة، وبدل العودة إلى سيناريو الحجر مرة أخرى، أفضل التعايش مع الفيروس المتحور".
أما يسرى الطالبة في المدرسة العليا للتجارة والتسيير، فلا تستبعد العودة إلى الحجر الصحي، وتقول لـ"سكاي نيوز عربية": "بما أن السلالة الجديدة سريعة الانتشار، وبما أن العديد من المواطنين لا يلتزمون بالإجراءات الوقائية وبالتدابير الصحية، فإنني أتوقع موجة جديدة من الإصابات بالفيروس، إن لم يتم تطويقها بتدابير صحية صارمة، وإن اقتدى الأمر فرض حجر صحي شامل".
يشدد البروفسور مصطفى الناجي، مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، على أن الطفرة الجديدة من فيروس كورونا والتي ظهرت في بريطانيا ووصلت إلى المغرب، تعد أكثر انتشارا بنسبة تفوق 70 في المئة من فيروس كورونا المستجد، بسبب التغيرات الجينومية التي وقعت على فيروس "كوفيد 19" .
ويعتقد البرفسور الناجي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن المغرب الذي سجل 24 حالة من السلالة المتحورة إلى حدود اليوم، قد يتجه نحو فرض الحجر الصحي إذا ما تفاقم الوضع الوبائي وارتفعت الحالات بشكل يصعب التحكم فيه.
ولتفادي العودة إلى الحجر الصحي وتجنب الإصابة بالسلالة المتحورة التي تصيب الأطفال والكبار عكس الصيغة الأولى، دعا الخبير في علم الفيروسات، إلى مواصلة الالتزام بالإجراءات الاحترازية المتبعة منذ شهور، وما تستلزمه من تباعد اجتماعي أو ارتداء للكمامة وتجنب التجمعات مع الحرص على التعقيم المتواصل لليدين.
من جانبه، دعا الدكتور مولاي سعيد عفيف، عضو اللجنة العلمية للتلقيح، إلى ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية، بالتزامن مع تحسن الوضعية الوبائية في المغرب، لمنع انتشار السلالة المتحورة.
ويؤكد الدكتور عفيف في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الوضع الوبائي متحكم فيه إلى حدود اللحظة، بفضل الإجراءات الاستباقية التي اتخذها المغرب لمحاصرة الفيروس المتحور، ومن ضمنها تعليق الرحلات من وإلى بعض الدول التي تنتشر فيها هذه السلالات المتحورة.
ولفت الخبير المغربي، إلى أنه ونظرا لقدرة هذه السلالة المتحورة على الانتشار السريع، فإنها تشكل خطرا أكبر على الأشخاص المصنفين ضمن الفئات الهشة والمصابين بالأمراض المزمنة، حيث تعتبر هذه الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالوباء.
وعن نجاعة اللقاحات التي يستخدمها المغرب حاليا ضد فيروس كورونا وإمكانية مواجهتها للسلالة المتحورة، أكد الدكتور عفيف على فعاليتها، مشددا بأنها توفر الحماية من الفيروس القادم من بريطانيا.
واعتمد المغرب الذي أطلق بشكل رسمي حملة التلقيح ضد فيروس كورونا المستجد في آواخر شهر يناير المنصرم، لقاحي "سينوفارم" الصيني، و"أسترازينيكا" البريطاني.
وبلغ عدد المستفيدين من الجرعة الأولى من التلقيح ضد فيروس كورونا إلى حدود اليوم الاثنين، أزيد من مليونين و 552 ألف شخص، فيما وصل عدد المستفيدين من الجرعة الثانية من التطعيم ضد الفيروس 23 ألف و 667 شخصا.